أبو محمد الجولاني يحاول الخروج من كنف القاعدة

  • الإنتماء للقاعدة بات عبئاً على أبو محمد الجولاني
  • الجولاني غيّر ولاءاته مرتين خلال الصراع السوري للحفاظ على سلطته
  • في السابق، فإنّ الجولاني لم يخفِ اعتزازه بانتماء مجموعته إلى القاعدة
  • القاعدة لا تزال موجودة في إدلب، إلا أن وجودها ضئيل

نشر موقع “mei” الالكتروني تقريراً سلط الضوء فيه على تنظيم هيئة تحرير الشام التي يرأسها الإرهابي أبو محمد الجولاني الذي غيّر ولاءاته للحفاظ على مركزه.

وأشار التقرير إلى أنه “قبل الكشف عن هويته الحقيقية والإعلان عن قطع العلاقات مع القاعدة في تموز/يوليو 2016 ، كان الجولاني حريصاً دائماً على التحدث بثقة عندما يتم سؤاله عن علاقته بالقاعدة.

وبعد مرور فترات عديدة، بات الإنتماء للقاعدة عبئاً على الجولاني الذي كان يرتدي ملابس بسيطة وتعبر عن الزهد، وراح مؤخراً يرتدي البزات الرسمية على الطراز الغربي.

ووفقاً للتقرير، فإنّ الجولاني غيّر ولاءاته مرتين خلال الصراع السوري للحفاظ على سلطته. ففي نيسان / أبريل 2013 و 2016 على التوالي، كسر الجولاني البيعة، أو يمين الولاء، لأميريه السابقين، أبو بكر البغدادي من داعش وأيمن الظواهري من القاعدة. وبما أن البيعة هي أمر أساسي في عالم “الجهاديين”، فإن كسرها يعتبر إثماً كبيراً لأنه يضعف الأمة بتقويض قيادتها وتفكيك صفوفها. وبحسب “mei”، فإنّ غريزة البقاء والطموح السياسي والتعطش للسلطة تتفوق أحياناً على الأيديولوجية في تشكيل السلوك الجهادي.

وفي السابق، فإنّ الجولاني لم يخفِ اعتزازه بانتماء مجموعته إلى القاعدة، إلا أنه في مقابلته الأخيرة مع الصحفي الأمريكي مارتن سميث، بدا غير مرتاح لمناقشة ماضيه المتطرف. ومع هذا، أراد الجولاني الإشارة إلى أن جماعته باتت لا تركز على الجهاد العالمي وهي تعنى بالشأن المحلي أكثر في المناطق الموجودة فيها.

وقبل سنوات، كانت مجموعة الجولاني استولت على إدلب تحت مظلة جيش الفتح إلى جانب الفصائل الإسلامية المسلحة الأخرى مثل أحرار الشام. وبمرور الوقت، تم إخضاع كل هذه الفصائل أو استيعابها من قبل هيئة تحرير الشام لتعزيز سيطرتها على إدلب.

وعلى عكس قتالها مع فصائل جيش الفتح، فإن معركة هيئة تحرير الشام مع القاعدة هي لعبة محصلتها صفر بسبب طبيعة القاعدة التي لا هوادة فيها وبحث الجولاني المحموم عن الشرعية السياسية، وهو الأمر الذي دفعه إلى تبني موقفاً أكثر تطرفاً تجاه رفاق الأمس.

ومنذ حزيران/يونيو 2020 ، فككت هيئة تحرير الشام غرفة العمليات العسكرية للقاعدة بقتل واعتقال العديد من كبار قادتها وإغلاق قواعدهم العسكرية. وبالفعل، فإن أكثر من 20 من القادة والقادة الميدانيين لحراس الدين (فرع تنظيم القاعدة في سوريا)، ومعظمهم مطلوبون من قبل التحالف الدولي، مسجونون في السجون غير الرسمية لهيئة تحرير الشام.

وعلاوة على ذلك، فقد أصبح من الأصعب إنكار تورط هيئة تحرير الشام في مقتل قياديين كبار في حراس الدين على يد التحالف الدولي، مثل أبو القسام الأردني وأبو محمد السوداني.

وعلى الرغم من أن القاعدة لا تزال موجودة في إدلب، إلا أن وجودها ضئيل، كما أن آخر عملياتها في كانون الأول/ديسمبر 2020 نفذت خارج إدلب جنوب الحسكة ضد القوات الروسية

ومع هذا، فإن الادعاء بأن هيئة تحرير الشام، مع أكثر من 12000 مقاتل، لا تزال تابعة للقاعدة، لا يروج فقط لرواية أمنية تحول إدلب إلى هدف مبرر للتحالف الدولي، ولكنه يبرر أيضاً قصف النظام السوري والروسي لإدلب بحجة محاربة القاعدة.

وفي حين يمكن النظر إلى الحملات القمعية الدورية التي تشنها هيئة تحرير الشام ضد تنظيمي القاعدة وداعش في إدلب على أنها علامات على حسن النية للمجتمع الدولي، فإن هذه الإجراءات تعمل إلى حد كبير على ترسيخ حكمها من خلال القضاء على أعدائها اللدودين وسحق الأصوات المعارضة المحلية، مما يجعلها لا تختلف عن غيرها من الأنظمة الاستبدادية.

ومن المرجح أن يؤدي النهج القمعي والإقصائي للجماعة في إدلب إلى تفاقم التطرف حيث يقوم بتهميش واستبعاد وقمع الكثيرين ممن لم يقتنعوا بالضرورة بأيديولوجية داعش والقاعدة، لكنهم مدفوعين بمظالمهم وعدائهم المشترك للجولاني للانضمام إلى تلك الجماعات، بحسب “mei”.

وتُدار إدلب رسمياً من قبل “حكومة الإنقاذ” التي تضم وزارء تكنوقراط، وليس بالضرورة أن يكونوا منتمين إلى هيئة تحرير الشام، لكن أولئك الموجودين في الحكومة بحاجة إلى أن تباركهم قيادتها.

وفي إدلب، يخضع قطاعا الاقتصاد والأمن على وجه الخصوص للمراقبة الدقيقة من قبل قيادة هيئة تحرير الشام. ومن خلال المقربين من الجولاني، تحتكر هيئة تحرير الشام اقتصاد إدلب من خلال سيطرتها على معبر باب الهوى والقطاع المصرفي والنفط والاتصالات.

والأمن هو قطاع آخر تسيطر عليه هيئة تحرير الشام بإحكام، حيث أنه يمكّن الجولاني من إثبات حكمه من خلال مراقبة الخلافات ومعايرة العلاقات بين دوائر السلطة الداخلية.

وفعلياً، هناك 3 فصائل رئيسية داخل هيئة تحرير الشام: أولئك الذين يتمتعون بحسٍ عالٍ من البراغماتية بقيادة الجولاني نفسه، وأولئك الذين لديهم مصلحة ثابتة مستمرة في هيمنة هيئة تحرير الشام، وفصيل أقلية إيديولوجي تم تهميشه من قبل الجولاني وأنصاره. واليوم، يبدو الاستقرار في إدلب هشاً بشكل أساسي ويعتمد على شخصية الجولاني، الذي يستمر أعداؤه في الازدياد.

 

شاهد أيضاً: لحظة استهداف الناطق العسكري باسم هيئة تحرير الشام ابو خالد الشامي