قافلة بسمة سعت لفكّ العزلة التامة عن القرية النائية

 

استفاد أهالي قرية تاكولمت التابعة لجماعة تسرات بالمملكة المغربية، والبالغ عددهم الإجمالي 260 فردًا، من القافلة الطبية والاجتماعية “بسمة”، التي نظمها النادي الاجتماعي للمدرسة الحسنية للأشغال العمومية بشراكة مع مؤسسة بسمة للأعمال الاجتماعية وجمعية الوئام للتنمية الإجتماعية والمحافظة على البيئة.

انطلقت القافلة في السبت الأول من شهر جزيران/ يونيو، واستمرت في تقديم خدماتها لمدة ثلاثة أيام متتالية، وشارك فيها 40 متطوعًا ومتطوعة، و20 طبيبًا وطبيبة في تخصص طب العيون، وطب النساء، والطب العام.

قام الفريق الطبي بتقديم فحوصات طبية مجانية في التخصصات الثلاث، استفاد منها جميع سكان القرية، فيما استفادت بعض النساء ممن يعانين من بعض الأعراض المرضية النسائية من فحوصات في طب النساء، وحصل الأشخاص الذين استدعى وضعهم الصحي تدخلًا علاجيًا على أدوية مجانية.

أما الفريق المكلف بالشق الاجتماعي للقافلة، فتوزعت مهامه بين توزيع مساعدات غذائية وأغطية وملابس، وإصلاح مسجد ومدرسة القرية، التي تم تجهيزها بمرحضين وتم إصلاح حجراتها الدراسية وتزيينها، وتجهيز إحداها بجهازيّ حاسوب لتعليم الأطفال أساسيات المعلوميات.
قافلة بسمة في تاكولمت بالمغرب

تعاني القرية من عزلة تامة فلا طريق إليها ولا إنترنت للتواصل مع الخارج

قام الفريق كذلك بإنجاز ورشة للتشجير بالمدرسة وجهت للأطفال لتوعيتهم بأهمية المحافظة على البيئة وجمالية المدرسة. كما قدم الفريق الاجتماعي دروسًا توعوية للنساء والأطفال، وورشات دينية ومسابقات ثقافية وتجويدية ورياضية، منها ورشات للرسم والتلوين، فضلًا عن ألعاب بهلوانية.
يأتي تنظيم  هذه القافلة الطبية والاجتماعية في إطار مساعي النادي الإجتماعي للمدرسة الحسنية للأشغال العمومية وشركائه، الرامية إلى فك العزلة عن منطقة تاكولمت النائية وتخفيف قساوة ظروف سكانها الاجتماعية والجغرافية، التي تحول دون حصولهم على الخدمات الطبية.
في هذا الصدد، أوضحت أمال العدناني، رئيسة النادي الإجتماعي أن اختيار قرية تاكولمت جاء لعدة عوامل، على رأسها العزلة الجغرافية التي يعيشها السكان وعدم وجود طريق تربط القرية بالمجال الحضري نظرًا لوعورة المسالك، ما يجعل ولوج وسائل النقل أمرًا عسيرًا، إذ تستطيع سيارتين رباعيتي الدفع فقط العبور عبر طريق غير معبدة قام الأهالي بتحديدها في وقت سابق  وتحويلها إلى ممر للعبور.
بسمة" ترسم الفرح في تاكولمت المغربية بمساعدات طبية واجتماعية"

تم إصلاح جدران المدرسة وطلاؤها وتزيين حجرتيها

وكشفت العدناني لمراسلة “تطبيق خبّر” الميدانية في المغرب هدى لبهالة أن معاناة النساء الحوامل اللواتي يقترب موعد ولادتهن أو إصابة طفل أو أحد السكان بمرض مباغت فمعاناة أخرى، مبيّنة أن بعض النساء فقدن حياتهن خلال محاولة نقلهن إلى المستشفى المتواجد بمدينة تارودانت التي تعد أقرب مجال حضري للقرية.
جملة الإكراهات السابقة ليست الوحيدة التي يتخبط فيها أهالي تاكولمت، بل هناك إكراهات أخرى متعلقة بانعدام التغطية وعدم وجود دخل قار للسكان الذين يعيشون فقط على الفلاحة المحلية.

توعية من الهدر المدرسي

وأبرزت العدناني أن الأطفال يعانون أشد معاناة في تاكولمت، حيث أنهم إلى جانب الظروف المعيشية القاسية. يحرمون من حقهم الأساسي في التعليم بسبب الهدر المدرسي الذي يلاحق معظمهم خاصة الإناث، لعدم توفر المدرسة على مرافق صحية.
بسمة" ترسم الفرح في تاكولمت المغربية بمساعدات طبية واجتماعية"

الدعم الطبي كان في الطب العام والعيون والنساء

عمل الفريق الاجتماعي لقافلة “بسمة” بعد تدخله على إنشاء مرحضين، أحدهما مخصص للإناث والثاني للذكور، مع تجهيزهما بالماء والكهرباء، وصار بإمكان الأطفال إكمال دراستهم بشكل طبيعي، وحتى الذين انقطعوا عن الدراسة يستطيعون العودة إلى المدرسة التي تم إصلاحها وطلائها وتزيينها وتنظيف باحتها.
حول برنامج القافلة، قالت أمال العدناني إنه وبعد وصول القافلة على الساعة الثامنة صباحًا، قام الفريق الطبي باستقبال أهالي قرية تاكولمت وتقديم الفحوصات والعلاجات اللازمة لهم طيلة اليوم، فيما كان الفريق الإجتماعي يقوم بتجهيز مسجد القرية برفوف خشبية تم تزويدها بمجموعة من المصاحف. وكذلك جهز المسجد بجهاز صوت لرفع الأذان وإقامة الصلاة.
متطوعون يعطون درس توعية من الهدر المدرسي لأطفال تاكولمت بالمغرب

تلقى الأطفال دروسا توعية حول أهمية الدراسة

في مساء اليوم الأول، شرع المتطوعون في إصلاح المدرسة وبناء المراحيض ليستمر العمل عليها في اليوم الموالي، الذي تم فيه إكمال المهمة. كما تضمن يوم الأحد أيضًا توزيع المساعدات الغذائية الأساسية إلى جانب توزيع أغطية وملابس للكبار والصغار.
كذلك قام بعض أعضاء الفريق الاجتماعي بتقديم دروس توعوية للأطفال الذين انقطعوا عن الدراسة من أجل توعيتهم بخطورة الهدر المدرسي وتحفيزهم وحثهم على العودة إلى صفوف الدراسة.
ذكرت العدناني في هذا الإطار أن الأمهات بدورهن حصلن على حصتهن من دروس التوعية، التي ركزت على توعيتهن بأهمية تمدرس الفتيات ومحاربة تزويج القاصرات وحرمانهن من حقهن الشرعي في التعليم.
استفاد الأطفال يوم الأحد أيضًا من دروس دينية في قواعد التجويد والحفظ، وشاركوا بعد فترة الزوال في مسابقة للرسم والتلوين ومباراة في كرة القدم، وشارك كل طفل في المسابقة التي اختارها وفق رغبته وهوايته. تخلل ذلك ألعاب ورقصات بهلوانية انخرط فيها حتى الأطفال الأصغر سنًا، وشاركوا الفريق الاجتماعي الرقص والغناء.
مرفهون يدخلون الفرح على أطفال القرية

الترفيه عن أطفال تاكولمت كان أساسيًا وضروريًا

أما يوم الاثنين الذي كان آخر أيام القافلة، فقد خصص لتوزيع الجوائز على الأطفال الفائزين في مباراة كرة القدم وباقي المسابقات التي أجريت يوم الأحد. وتنوعت الجوائز المقدمة بين ميداليات ومصاحف قرآنية ومجموعات قصصية وكتب، وذلك من أجل زرع روح المنافسة الشريفة بداخل الأطفال وجعلهم متشبتين بهوياتهم ومواهبهم.
في نهاية حديثها، صرحت أمال العدناني، بأن منظمي قافلة بسمة يعتزمون في الفترة القصيرة المقبلة، إنجاز مشروع مدر للدخل بقرية تاكولمت، سيكون عبارة عن تعاونية لإنتاج العسل، إذ يعمل النادي الإجتماعي للمدرسة الحسنية للأشغال العمومية رفقة باقي شركائه على توفير التمويل الكافي لهذا المشروع  لتمكين الأهالي من امتلاك عمل يدر عليهم مدخول جيد لتحسين وضعيتهم الاقتصادية والاجتماعية.