توفر “ناس لليل” الطعام والثياب والدواء للمشردين

نظمت جمعية “ناس الليل” الناشطة في الحقل المدني الخيري في تونس، مساء الجمعة الماضي (28 أيار/ مايو 2021)، حملة خيرية في أرجاء شوارع العاصمة التونسية، لتوفير بعض الملابس والأغطية والوجبات الساخنة والأدوية للمُتشردين الذين يبيتون في العراء.

بدأت الحملة بتجمع كامل أعضاء الفريق في المقر المركزي للجمعية الذي يتواجدُ بمنطقة “لافايات” بالعاصمة التونسية، حيث التقى معهم مراسل “تطبيق خبّر” الميداني في تونس رامي جبنوني من أجل مصاحبتهم في جولتهم الجديدة والتعرف على تفاصيل الحملة.

 

يأتي النشاط في إطار التدخلات الاجتماعية التي تقوم بها الجمعية لفائدة المتشردين منذ سنة 2006، وخاصة بعد انتشار ظاهرة الفقر في تونس بسبب العجز الاقتصادي الذي تعانيه البلاد في الفترة الأخيرة، وفق تصريح مشرف الجمعية معز بوخريص لمراسل “تطبيق خبّر”.

وأكد بوخريص وجود 3000 متشرد أو بلا مأوى في تونس الكبرى منهم 30% من النساء، بعضهم يعيش في الشارع منذ أكثر من 10سنوات، مشيرًا إلى أن كل ما يتوفر لدى الجمعية هو هبات من الأفراد واجتهادات فردية من أعضاء الفريق.

كُنا مصرين على عَيش مختلف تفاصيل المشهد حتى يتسنَى لنا نقل صورة شاملة عن قيمة الجُهد الذي يبذله هؤلاء، حين دخل مجموعة من الشباب يرددون بعض أغاني الفنان التونسي لطفي بوشناق، ويحملون بين أيديهم بعض الأطباق وقوارير المياه، قبل أن ينطلقوا في إعداد الوجبات مع أعضاء الفريق الذين سبقوهم وأتموا جزءًا لا بأس به من توضيب الملابس والأغطية.

 

ناس الليل" ملائكة تجوب تونس العاصمة لتهتم بـ 3000 متشرد"

توفر “ناس لليل” الطعام والثياب والدواء للمشردين

 

تدور مختلف تفاصيل التنظيم والترتيب بحضور كامل أعضاء الفريق وبمنتهى الشفافية، وتُلتقط صور لكل الوجبات التي تكون متساوية في القيمة والكميَة، وتُنشر على مواقع التواصل الاجتماعي للتحفيز على المُشاركة ولإبراز أهمية قيمة العطاء والتضحية في مساحات الشاغرة لا ينتبه إليها الكثير.

أكد المشاركون لمراسل “تطبيق خبّر” أنهم يرغبون بشدة في تقديم المساعدة وكل وسائل الدعم المُتاحة من أجل الحَالات الإنسانية التي تئن في غياهب النسيان، فمنهم من فقد سنده العائلي، ومنهُم من تنكر له الأبناء فتلقفتهُ عتبات الأرصفة والشوارع.

من بين أكثر الأشياء التي استرعت اهتمام مراسل التطبيق، هي القُدرة العالية على التنظيم والتفاعل والتنسِيق بين مختلف أعضاء الفريق، بالرغم من أن كثيرين من الذين كانوا من بينهم يحضرون لأول مرة، إلا أنه تم حُسن استيعابهم بالخبرة التي لدى المجموعة، وإدراجهم ضمن النسق الذي تعملُ عليه والذي كان أشبه بعزف منسابٍ لا يتخلله أي نشاز يذكر.

تعليمات للسلامة وبروتوكولات التعامل في الحالات الطارئة

بعد انتهاء تحضيرات الفريق، يقوم مشرف الجمعية معز بوخريص من التحقق من مختلف التفاصيل ومراجعتها مع المجموعة مُذكرًا بتعليمات السلامة خاصة للوافدين الجدد، والتي تتعلق أساسًا بضرورة الحيطة والحذر خلال زيارة بعض المناطق بعينها وعدم الخروج عن سرب المجموعة أو الترجل من السيارة الا عند الإشارة لهم بذلك.
كما يتم تذكير كل المُشاركين ببروتوكول التعامل مع الوضعيات التي سيقابلونهَا لأن لموضوع يكتسي بعض الحساسية، وقد تختلف ردود الأفعال من شخصية لأخرى.
المتطوعون يجهزون الطعام لتوزيعه على المشردين

يقوم متطوعون بتحضير كل شيء بهبات فردية ومن الجمعية

يعقب ذلك انطلاق أعضاء الفريق بعد إعطاء الإشارة في موكب للسيارات لا يفترق البتة، مع المحافظة على السرعة المُعتدلة وعدم التجاوز، وهذا ضمن التعليمات الواجبة التي لا يخالفها أي سائق.
“العم حسونة” كان أول مَحطة للفريق وهي شخصية طريفة تعوَّد عليها أعضاء الفريق، الذين تسابقوا في السؤال عن حاله واستمتعوا ببعض قصصه التي لا تنتهي. وبعد مدّه بنصيبه من الطعام، قامت بعض المشارِكات بنزع جواربه وغسل ساقيه ثم إلباسه جوارب نظيفة وكسوته ببعض الأغطية والملابس.
معز بوخريص رئيس ناس الليل يطعم مشردة في تونس

المتطوعون في ازدياد أسبوعيًا ويقومون بمساعدة الكبار في مأكلهم وتغيير ثيابهم

في ذلك، أوضح أحد المتطوعين في”ناس الليل”، البالغ من العمر 24 سنة، لمراسل “تطبيق خبّر”، أن الهدف من هذه الحملة هو تخفيف معاناة المتشردين الذين لا حيلة لهم، وتعزيز أدوارهم المحورية هم كشباب في ترميم بعض الفراغات والمساحات الشاغرة التي تخلفها الدولة.

المتطوعون في ازدياد أسبوعيًا

لا تخلو جولات “ناس الليل” من المخاطر والاعتداءات التي قد تطالهم بين اللحظة والأخرى، كما يكشف معز بوخريص. إذ بيّن أن هناك من يسفه مجهُوداتهم ومن يتهمهم بالتخفي وراء العمل الخيري لغايات سياسية، وبين من يحاول الاعتداء عليهم ماديًا أحيانًا.
وقال إن الفريق الذي لا سلاح له غير الصبر وضبط النفس والحوار يحاول أن يتجاوز تلك المطبات العرضية التي باتت خبزًا أسبوعيًا تعودوا على مجابهته، مؤكدًا أن أعداد المتطوعين تتزايد مع كل أسبوع جديد وأنهم يحاولون تكثيف حملاتهم بالرغم من قلة الموارد المادية للجمعية.
تجدر الإشارة إلى أن جمعية ناس الليل ومنذ تأسيسها تنطلق أسبوعيًا كل مساء من يوم الجمعة لترعى أحوال المشردين ومن لا مأوى لهم في تونس العاصمة.