انتهاكات خطيرة للقانون الدولي الإنساني في سوريا، بما فيها جرائم حرب، وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، مع إفلات المرتكبين من العقاب. هجمات عشوائية ومباشرة على المدنيين نفَّذت القوات الحكومية السورية والقوات الحليفة لها، ما أسفر عن قتل وجرح الآلاف، إضافة إلى تهجير ونزوح الكثير.

إقرأ أىضا: تقرير روسي حقوقي بشأن الإنتهاكات في سوريا طوال 10 أعوام

 

الإنتهاكاتُ التي سُجلت في سوريا على مدى الأعوام العشرة، لا تُحصى ربّما، وثمّة الكثيرُ من المنظماتِ الحقوقية التي عملت في هذا المجال. لكن مؤخراً، صدرَ تقريرٌ أعّده ناشطونَ روس يعملونَ في منظمةِ حقوقِ الإنسان في روسيا. يستعرض التقرير جرائمَ الحربِ وانتهاكاتِ القانون الدولي الإنساني، خلال الصراعِ المستمر منذ عشرِ سنواتٍ في سوريا.

 

سوريا.. انتهاكات حقوق الإنسان مستمرة وتضييق روسي على التقرير الأخير

صورة غلاف التقرير الروسي الحقوقي المتعلق بالانتهاكات في سوريا

 

الناشطة السورية هناده الحريري، كانت ضمن الذين ساعدوا في إعدادِ هذا التقرير، من خلالِ إرشادِ الناشطين الروس في الوصولِ الى الاشخاص لإجراءِ مقابلاتٍ مَعَهُم، كما الوصول إلى مصادرِ المعلومات.

ويعتبر هذا التقرير الروسي الأوّل من نوعِهِ، إذ أنّه لأوّلِ مرّةٍ، ثمّةَ جهةٌ روسية توثّقُ الإنتهاكاتِ في سوريا، ليكونَ بمثابةِ مصدراً جديداً بالنسبةِ للمجتمعِ الروسي، يمكنُهم من الإطلاعِ على المعلومات وما حصل من انتهاكات.

 

 

وقالت الحريري لـ”أخبار الآن” إنّ “هذا التقرير هو الأوّل من نوعه من ناحية اللغة، وعندما نتابع المعلومات بداخله فهي مألوفة للسوريين وللجهات التي تعمل في حقوق الانسان، لكن لاول مرة يكون هناك جهة روسية توثق الانتهاكات في سورية من دون بروباغندا، والذي يبحث عن سوريا باستخدام اللغة الروسية غالبا ما سيعثر على معلومات مصادرها الحكومة الروسية وهي غالبا ما ستكون مليئة بالاكاذيب والبروباغندا التي تدعم السياسة الروسية”.

 

سوريا.. انتهاكات حقوق الإنسان مستمرة وتضييق روسي على التقرير الأخير

الناشطة السورية هناده الحريري

 

وأوضحت الناشطة السورية أنّ “هذا التقرير بالنسبة للروس هو مصدر جديد وقد يكون من المصادر القليلة التي تعرفهم بسوريا من منظور مختلف ليسوا معتادين عليه، لافتة الى ان المعلومات الورادة في التقرير المتعلق بالانتهاكات في سوريا ليست جديدة، لكن الجديد به هو انه جاء باللغة الروسية بالاضافة الى ان الشهادات الحية وعددها 150، لأول مرة تتحدث الى جهات روسية”.

 

سوريا.. انتهاكات حقوق الإنسان مستمرة وتضييق روسي على التقرير الأخير

 

تحدّث الناشطون الروس في التقرير عن نوعين من التجارب التي صادفوها، الأول أنّهم عدم إدراك حجم الإنتهاكات، والثاني، تمثل بعدم ثقة الأشخاص الذين تحدثوا إليهم، ما جعلهم مصرّين على نشر التقرير، وفق هناده، التي أسفت لكون الإنتهاكات مازالت قائمة حتى اليوم على الرغم من مرور 10 أعوام على اندلاع الثورة السورية. وقالت إنّ الوضع القانوني لغالبيتهم غير جيد ومستقبلهم الإقتصادي غير مؤمّن، وإنّ الوضع الامني للاعوام العشرة القادمة غير واضح أيضاً، موضحةً أنّ المعتقلين ومجهولي المصير داخل سجون النظام السوري ما زالت قضيتهم كما هي.

 

الحرب السورية أسفرت عن إصابة أكثر من مليوني سوري بجروح دائمة، إضافةً إلى اعتقال عشرات الآلاف تعسفياً وتعرضهم لأقسى أنواع التعذيب أو العنف الجنسي

 

وركزت الحريري على نقطة مهة حصلت بشأن موعد نشر التقرير منذ بداية العام 2021، خصوصاً أنّ التقرير كان يجب نشره في شهر “يناير أو فبراير” الماضي، لكنّه تأخر لأسباب كثيرة، إذ أنّ روسيا استبقته بإصدار قانون يسهل الإتهام بالعمالة، ما تسبب في إعادة النظر بطريقة نشر التقرير والمحتوى والأسماء التي يتم ذكرها، الأمر الذي كان سيعرض الناشطين للخطر. ولفتت إلى أنّ الضغوط التي مارستها روسيا على الناشطين دفعهم إلى إعادة التفكير.

 

وكشفت هنادة الحريري أنّ التقرير لم ينجح بسبب كبر الفجوة الممتدة لعشرة أعوام، وهو بحاجة إلى متابعة مع الناشطين الروس من جهة، والأشخاص السوريين العاديين في المجتمع، من أجل تجاوز تلك الفجوة. وطلبت الناشطة السورية من الناشطين والسياسيين السوريين، إعطاء هذا الموضوع اهتماماً أكبر، لافتةً إلى أنّ الضغط الشعبي الروسي على النظام لن يفلح بشكل كبير لأنّ النظام الحاكم في روسيا غير ديمقراطي، لكنّه سيكون له دور في عدم إبقاء الشعب مغيباً وسيساهم بوقف إرسال الجنود الروس إلى سوريا، ووقف استخدام المال العام الروسي بشكل سهل.

ضمن قتلى الحرب السورية 115490 شخصاً مدنياً و 21949 طفلاً تحت سن الـ18

وكانت المنظمات الحقوقية، أجرت مقابلات مع نحو 150 لاجئاً سورياً مقيميين في كلّ من الاردن ولبنان وتركيا وروسيا، بالإضافة إلى دول أوروبية عديدة، اسمعت خلالها إلى رواياتهم وشهاداتهم عن التعذيب والإخفاء القسري والإعتقالات التعسفية والإعدام خارج نطاق القضاء، واستخدام الأسلحة المحظورة ضدّ المدنيين والتجويع والعنف الجنسي وغيرها من الإنتهاكات.

وقال الناشطون إنّ تقريرهم يهدف إلى سدّ الثغرات المتعلقة بشحِّ المعلومات في روسيا، في ما يتعلق بالصراع في سوريا، مضيفين أنّ الكثير من الروس ما زالوا غير مدركين حجم انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب، على الرغم من أنّ موسكو تشنّ عملاً عسكرياً في سوريا منذ العام 2015.

وجاء التدخل الروسي في سوريا داعماً لنظام الأسد، وقد مكّنه من استعادة السيطرة على أجزاء كبيرة من المناطق التي فقدها سابقاً، فيما ساهم استمرار العنف والفشل في تحقيق العدالة للمتضررين في زيادة خطورة الاوضاع بالنسبة للسوريين، وفق الناشطين.

ولفت التقرير إلى أهمية إبلاغ الجمهور الروسي بالإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، التي حدثت في سوريا خلال العقد المنصرم، خصوصاً أنّ العمليات العسكرية للنظام السوري التي نفّذت بشكل مشترك أو بدعم من القوات الجوية الروسية، امتازت بنمط واضح من العمليات العشوائية، التي لا تتوافق مع دورها الرقابي في سوريا منذ العام 2015.

ودعا الناشطون الروس حكومة بلادهم إلى استخدام نفوذها على سلطات النظام السوري، من أجل إنهاء الإعتقالات التعسفية والتعذيب والمعاملة المهينة في السجون والقتل خارج نطاق القضاء والقتل القسري، وحالات الإخفاء،  ودعم الإفراج الفوري عن المحتجزين تعسفياً، والكشف عن مصير المخفيين. ووجه الناشطون دعوةً كذلك إلى المجتمع المدني الروسي من أجل إجراء اتصالات مع الجمهور السوري من أجل إجراء تحقيقات مشتركة ومنع انتهاكات بحق المدنيين على مختلف الصعد.

انتهاكات بحق الإعلاميين والصحافيين

تجدر الإشارة إلى أنّ “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” كانت أصدرت تقريرها السنوي عن أبرز الانتهاكات بحق الإعلاميين في سوريا، مشيرة إلى مقتل 709 من الصحافيين والعاملين في مجال الإعلام منذ آذار 2011، بينهم 52 بسبب التعذيب. وذكر التقرير أنَّ “الكثير من الناشطين السوريين أخذوا على عاتقهم محاولة تعويض حجب وسائل الإعلام العربية والدولية في سوريا، وذلك من أجل نقل ما يجري من أخبار ووقائع، في ظلِّ سيطرة الحزب الواحد والرئيس الواحد على مفاصل العمل الإعلامي والصحافي الحكومي والخاص في سوريا”.

 

شاهد أيضاً: الجثة 320.. انتهاكاتٌ الـ 10 أعوام في حرب سوريا!