افتتح “كان يا مكان” عروضه الاستعراضية بعد توقف لأكثر من سنة

مع بداية شهر نيسان/ أبريل 2021، عادت الحياة لفضاء “كان يا مكان” التابع للجمعية المغربية لمساعدة الأطفال في وضعية غير مستقرة بمدينة فاس المغربية، عقب استئناف تدريبات السيرك والألعاب الاستعراضية لفائدة شباب وشابات المدينة. وكانت النشاطات قد توقفت مدة دامت سنة كاملة بسبب إجراءات منع التجمعات التي واكبت التعليمات الحكومية للوقاية من فيروس كوفيد 19.

تدريبات السيرك والألعاب الاستعراضية التي استفاد منها 45 شابًا وشابة من مدينة فاس ينحدر معظمهم من أحياء شعبية وهشة، بدأت خلال شهر آذار/ مارس الماضي قبل أن يفتتح العرض أمام الجمهور لحضور نتائج هذه النشاطات.

 

 

وقد فتح فن السيرك أمام هؤلاء الأطفال والشباب المهمشين مساحة وفرصة للإندماج في المجتمع، وبالمشاركة في إنتاج أعمال فنية تحظى باحترام فئة كبيرة من المجتمع المغربي. عروض السيرك التي يتمرن عليها الشباب والشابات تعرف حماسًا كبيرًا وروحًا إيجابية تشي بمدى الارتياح خلال للحصص التدريبية.

وتتوزع هذه الحصص بين العروض الجماعية التي يشارك بها مجموعة يحاولون إيجاد إيقاع موحد في الحركات الاستعراضية، وبين العروض الفردية التي تسعى للتناغم مع مقطوعات موسيقية تشكل خيط العرض الناظم، الذي تلتقي عنده العروض الجماعية كما الفردية.
السيرك في فاس وتدريبات استعراضية من الشباب

افتتاح عروض السيرك في فاس بالمغرب بمشاركة 45 شابًا وشابة

عبدو جلال، وهو مخرج مسرحي والمشرف على مركز كان يا مكان لفنون السيرك، قال لمراسل “تطبيق خبّر” الميداني في المغرب يوسف أسكور، إن المركز هو مشروع الجمعية المغربية لمساعدة الأطفال قي وضعية غير مستقرة، مضيفًا أن ارتباط الشباب والشابات بهذا الفن وشغفهم به يجعل حصص التدريب ممتعة وحماسية.
وأشار جلال إلى أن السيرك قبل أن يكون رياضة، هو أخلاق وتعاون بين فريق يكمل بعضه بعضًا ليقدم فرجة استعراضية للجمهور، مبينًا أن فكرة إنشاء مركز متخصص في فن السيرك جاءت بالنظر لوجود شباب وشابات يستهويهم هذا الفن، ويمارسونه بشكل غير مؤطر.
وقال “لذا نعتبر هذا المركز مركزًا ثقافيًا تدريبيًا لإعادة التعبئة نحو الاندماج الاجتماعي، بالنظر لدينامية العمل التي يقدمها لهؤلاء الشباب من خلال تدريبات إعادة الحركية، التي توجه نحو مواضيع مفتوحة على ميدان الشغل، ومن شأنها تحقيق استقلالية شخصية الشباب والشابات”.
المخرج المسرحي عبدو جلال خلال تدريبات الاستعراض في فاس

المخرج المسرحي عبدو جلال: نعتبر هذا المركز مركزًا ثقافيًا تدريبيًا لإعادة التعبئة نحو الاندماج الاجتماعي

وأردف المخرج جلال قائلًا إن “المركز يهدف للمساهمة في إيجاد حلول إدماج إنساني لائق ودائم لمشاكل الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية والفكرية لفئة الشباب الذين يستفيدون من خدماته، خصوصًا وأنها فئة مهمشة تعيش في وسط أحياء شعبية للمدينة العتيقة ونواحيها”.
ولفت جلال إلى أن “هؤلاء الشباب عاطلون عن العمل، ومطرودون من التعليم المدرسي، ولا يحظون بنفس الفرص المتاحة للأخرين، ما يجعلهم يحلمون بالهجرة السرية للهروب من واقعهم اليومي”.
 وعلاقة بالتدريب، قال إن كل تدريب يؤدي إلى إنجاز جماعي، وتمكين الشباب والشابات من مقومات إنجاز عرض يتوج بحدث مفتوح على الجمهور. وهي طريقة لتجسير الهوة بين هذه الفئة والمجتمع الكبير، ما يساهم بشكل كبير في تحسين وضعية هؤلاء الشباب.
وتساهم الاستقلالية التي تعطى للمؤطرين من لدن إدارة المركز بخصوص التدريبات في توفير جو إيجابي، ذلك أنها تسمح بتطوير برنامج أسبوعي تشاركي مع الشباب والشابات.
شباب مغاربة خلال تدريبات استعراضية بفاس

تعلم إنجاز مشروع جماعي يعزز مهارة التفاوض والمشاركة

كما يمكنهم إطلاق التدريبات بحسب الموضوع المتفق عليه وحسب نسبة الإنجاز المطلوب. وتؤسس التدريبات على فلسفة الدينامية الجماعية، بحيث أن الشباب والشابات خلالها يطالَبون بوضع مشروع جماعي والتفكير في بناء محور لمسار مستقبلي تخصصي لكل منهم.

تعلم إنجاز مشروع جماعي يعزز مهارة التفاوض والمشاركة

وبخصوص المسار المستقبلي، يوكل لكل واحد من المتدربين كتابة تعهداته الشخصية في مدد محددة، والسعي إلى تحقيق أهداف مرحلية وتجاوز العقبات، والشكوك، ورغبات التخلي من أجل الوصول أخيرًا إلى الهدف.
من جهته، قال علي علوان، وهو شاب مستفيد من خدمات مركز كان يا ما كان، ومتدرب في ورشة فن السيرك، إن إلتحاقه بالمركز جاء بتوصية من أحد أصدقاءه بعد أن اعتاد ممارسة حركات رياضية في الساحات وفوق الأسطح.
وأضاف أن التحاقه بالمركز مكنه من التمرن في ظروف جيدة ومؤاتية، كما جعله يحتك بمعدات احترافية، وجعل طموحاته في مجال السيرك تكبر. علي، الذي ينحدر من أحد أحياء المدينة العتيقة لفاس، أسرّ لمراسل “تطبيق خبّر” أن المركز ساعده في تحديد طموحاته وأهدافه.
شاب يتدرب على الاستعراض

علي علوان يحلم بالمشاركة في عروض عالمية

اليوم، يستعد علي لأول عروضه في الفضاء العام بعد مدة توقف طالت أزيد من سنة، وحلمه في أن يصبح بطلاً عالميًا في فنون السيرك والعروض الحركية دافعه للاجتهاد والإلتزام.
جدير بالذكر، أن مركز كان يا مكان لفنون السيرك يحتضن الشباب والشابات من عمر 15 سنة إلى 25 سنة، وتحديدًا أولئك الذين ينحدرون من أحياء هامشية أو يعانون وضعيات صعبة.