أكاديمية تعليم للشطرنج بالدار البيضاء لتكوين أبطال دوليين

افتتحت بالدار البيضاء أول أكاديمية لتعليم الشطرنج في المغرب، بهدف تكوين لاعبي شطرنح يمكنهم أن يمثلوا البلاد ويكونوا أبطالًا دوليين.
 
فقد استطاع اللاعب المغربي الدولي في الشطرنج جمال مصلى، وبالرغم من إعاقته و إصابته بشلل نصفي، أن يترجم حلمًا ترعرع معه منذ الصغر على أرض الواقع، ويؤسس بشراكة مع شقيقه هذه الأكاديمية الخاصة بتعليم الشطرنج.
 

افتتحت الأكاديمية أبوابها يوم الأحد 28 شباط/ فبراير من السنة الجارية، بشارع أنوال التابع لعمالة آنفا.

 

وتعتبر هذه الأكاديمية الأولى من نوعها ليس فقط بالعاصمة الاقتصادية الدارالبيضاء، وإنما بالمغرب ككل، تهدف إلى تكوين عدد من المهتمين بالشطرنج، خاصة الأطفال وتحويلهم إلى أبطال دوليين، يستطيعون إحراز مراتب مشرفة ومتقدمة في هذه اللعبة.

 
استخدم “مصلى” الصبر والحنكة اللتين اكتسبهما من عدد المباريات التي خاضها أمام رقعة الشطرنج، ولم يستسلم أمام مرضه، ليؤسس لهذه اللعبة التي يحتاج عشاقها للكثير من الدهاء الفكري و القدرات العقلية والاستراتيجية المتميزة والمناورة العالية لإنهاك الخصم.
مدرب الشطرنج جمال مصلى يشرف على تدريب الأطفال

افتتاح أول أكاديمية لتعليم الشطرنج بالدار البيضاء في المغرب

في هذا الصدد، أوضح المدرب الدولي للشطرنج جمال مصلى لمراسلة “تطبيق خبّر” الميدانية في المغرب هدى لبهالة، أن الكثيرين من محبي الشطرنج  بالمغرب خاصة الأطفال، لا يجدون مدارس أو معاهد لصقل مهاراتهم وإرضاء شغفهم باللعبة.
 
هذا الأمر جعله يفكر منذ سنوات، منصبًا على تأسيس أكاديمية بمعايير دولية مختصة في تعليم الشطرنج.
 
وبيّن مصلى أن تحقيق هذا الحلم جاء عصارة عمل شاق والكثير من الخبرات والجهود التي راكمها في هذا المجال، والسفر المتكرر إلى مجموعة من الدول الأجنبية لحضور فعاليات ومباريات مع لاعبين محترفين.
 
وأضاف أنه خلال تنقلاته إلى هذه الدول، كالولايات المتحدة الأمريكية، وتركيا، وإيطاليا، وألمانيا، لفت انتباهه الاهتمام الكبير الذي توليه هذه الدول للشطرنج.
 
هذا الاهتمام في الخارج، قال مصلى، هو عكس الموجود في المغرب الذي تُعد أندية الشطرنج فيه معدودة على رؤوس الأصابع، في غياب تام لمدارس وأكاديميات متخصصة في تكوين و تأهيل الأطفال و الشباب للمضي قدما باللعبة.
 
وأكد لمراسلة “تطبيق خبّر” أن ذلك هو ما ضاعف رغبته في النهوض بلعبة وتوفير فضاء أكثر ملائمة لتدريب وتكوين محبي لعبة قوة الصمت، وفق القوانين والأساسيات المتعارف عليها دوليًا.
يطمح جمال مصلى بعد أن وجد مقرًا مناسبًا للأكاديمية وجهزه وتوفير مؤطرين حاملين لشهادات معتمدة في التدريب، إلى الحصول على اعتراف من طرف الاتحاد الدولي للشطرنج بالأكاديمية، خاصة أنه عضو بهذا الاتحاد، وحاصل على دبلوم مدرب دولي.
وحول نظام التكوين في الأكاديمية، بيّن مصلى أن الأشخاص الذين يتقدمون للتسجيل، يتم أخذ معطياتهم وأعمارهم و تحديد مستوياتهم في اللعبة، إن كانت مستوى مبتدئ أو متوسط أو مستوى متقدم.
 
وأوضح أن هؤلاء سيحصلون على تكوين لمدة سنة، على أن يشاركوا في المنافسات التي ستقام مرة كل شهر، مضيفًا أن برنامج التكوين حاليًا يضم ثلاثة حصص في الأسبوع، تجرى يوم الأربعاء ويومي السبت والأحد.
 
كما لفت إلى أن المستوى الأول تكون حصته التكوينية مدتها ساعة واحد في كل يوم من أيام البرنامج، أما المستوى المتوسط فله ساعتين والمستوى المتقدم له ثلاث ساعات تكوينية في كل يوم من أيام البرنامج.
 
تتأرجح الحصص بين التعلم النظري والتطبيقي، إذ سيحصل المتدربون على دروس في أساسيات الشطرنج والتعرف على قطعها و أسمائها وطريقة تحريك كل قطعة، كما طريقة الجلوس أمام رقعة الشطرنج. وأشار مصلى إلى أن الممارسة هي وحدها الكفيلة بتطوير مهارات المتدربين وبلوغهم مستويات عالية.
 
ولا ينكر المدرب الدولي تخوفاته من مدى نجاح أكاديميته بالمغرب خصوصًا في فترة البداية، لكنه وعلى حد تعبيره حصل على نوع من الاطمئنان يوم الافتتاح.
 
هذا الاطمئنان سببه حضور أكثر من أربعين شخصًا ممن شاهدوا الإعلان بالصدفة في الشارع أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، و فضلوا الحضور لمعاينة المقر والتسجيل.

أكاديمية الشطرنج تطمح لتكوين 200 شخص سنويًا في هذه اللعبة

 
وقال جمال إن ما ميّز الحاضرين هو مجيء نساء ورجال وشباب من كلا الجنسين وأمهات وآباء رفقة أبنائهم، كانوا جميعًا كم وجد ضالتهم أخيرًا، لأن الأكاديمية تفتح أبوابها أمام الجميع، حتى ابتداءً من سن الخامسة.
 
في ذات السياق، أوضح مصلى أن الأكاديمية تضم حاليًا أربع قاعات، الأولى مخصصة للمستوى المبتدئ، والثانية للمستوى المتوسط، والثالثة للمستوى المتقدم.
 
أما القاعدة الرابعة والأخيرة فخصصت لجميع المستويات، إذ ما يميزها هو أن المتدربين أحرار في قضاء المزيد من الوقت في اللعب والمبارزة مع بعضهم البعض. كما أن جميع القاعات مجهزة بكراسٍ وطاولات تضم رقعَ الشطرنج.
 
كأهداف مستقبلية، يطمح جمال مصلى إلى تكوين 200 شخص في السنة، على رأسهم الأطفال، خصوصا أن ثمن 70 دولارًا شهريًا لكل متدرب في الأكاديمية يعتبر محفزًا.
 
طفلان يتدربان على الشطرنج

أكاديمية الشطرنج تطمح لتكوين 200 شخص سنويًا في هذه اللعبة

كما يأمل تجهيز الأكاديمية بأجهزة كمبيوتر متطورة تضم برامج إلكترونية  للشطرنج وتوفير أسطوانات تحتوي على دروس نظرية وتطبيقية لتسهيل عملية التعلم وتمكين المتدربين من التمرن بمفردهم في منازلهم.
 
كل ذلك يساهم في تكوين أبطال مغاربة في لعبة الشطرنج، ليس فقط على المستوى الوطني وإنما على المستوى الدولي، كما يساهم في إنجاح مساعي الأكاديمية.
 
فالأكاديمية تسعىإلى جانب دورها دورها في تكوين أبطال جدد، إلى توفير بيئة هادئة ومناسبة لعشاق الشطرنج، الذين غالبًا ما يمارسون هوايتهم المفضلة في المقاهي التي لا يخدم اكتظاظها وأجوائها تركيز اللاعبين.
 
كما أن الشطرنج تعد رحمًا خصبًا لتوليد القدرات العقلية وزيادة الذكاء، وإيجاد الحلول المناسبة، ليس فقط على مستوى ضيق ينحصر برقعة الشطرنج، بل يمتد ليطفو على العلاقات المهنية والاجتماعية مع الآخرين، الإبداع في العمل و تحقيق نجاحات ملفتة للنظر.
 
فكل متدرب مبتدئ متسرع اليوم سيصبح شخصًا متزنًا وأكثر حكمة وصبرًا في المستقبل، وهذا ما يميز لعبة الشطرنج، لأنها ليست وسيلة تسلية فقط بل وسيلة لبناء الشخصية أيضًا.