الدراجات النارية وسيلة نقل رخيصة في الحسكة

وسط مدينة الحسكة، يمتطي “أبو محمد” دراجته النارية منتظًرا أحد الزبائن لنقله على دراجته النارية. خلال انتظاره، يلتحف أبو محمد بشماغ عربي يحميه من برودة الطقس حيناً، وكذلك يبقي هويته فغير معروفة للناس.
فالغلاء المعيشي الذي تعيشه المحافظة، حتّمت على الأهالي العمل بأي شيء لكسب قوت يومهم، وابتكار مهن جديدة إذا اضطر الأمر.

مراسل “تطبيق خبّر” الميداني في سوريا سامي فاخوري، تنقل مع “أبو محمد” على دراجته النارية، وهو أخبره أنه يعمل منذ قرابة العام في نقل الناس على دراجته النارية.
 
قال أبو محمد: “لولا عملي هذا فلا أعرف كيف كنت سأكمل حياتي بعفاف نفس. هناك الكثير ممن ينظرون إلي نظرةً دونية، لكن عملي هذا يؤمن رزقي”.
 
وأضاف “بعض أصحاب السيارات الفخمة يوجهون إلي كلامًا مسيئًا عند أي ازدحام مروري، ويتهمونني أنني وباقي سائقي الدراجات النارية أصحاب كل المشاكل والحوادث المرورية، ولا أعرف سبب هذه التّهم”.
سائقو دراجات نارية ينتظرون نقل الركاب

الدراجات النارية وسيلة نقل رخيصة في الحسكة وأصحاب التاكسيات يتضررون

عند أي موقف أو دوّار في مدينة الحسكة، لا بد أن تشاهد أصحاب الدراجات النارية وهم يعرضون منك “توصيلة”، وبأجور أدنى من سيارات الأجرة “التاكسي”.
 
بدوره، أوضح سائق الدراجة النارية “خالد” لمراسل “تطبيق خبِّر” أنه “في كثير من الأحيان أترك الزبون على راحته في دفع الأجرة، بالتالي غالبًا ما يكون مربحي بسيط جداً، فالناس أيضاً تعبت من الغلاء الفاحش”.
 
وأضاف أنه “لولا الغلاء لكان الزبون تنقل بالتاكسي، فالأجرة التي أتقاضاها ولو كانت من آخر “سوق الهال” لأبعد حي في الحسة ستكون 1500 ليرة سورية، بينما التاكسي لا يرضى بأقل من 5000 ليرة”.
 
أكد خالد أنه فهم من زبائنهم استعدادهم لتحمل القليل من البرد في مقابل توفير هذا المبلغ، “وفي المقابل أنا وضميري نكون مرتاحين”.
يعمل في نقل أهالي الحسكة على الدراجة النارية مواطنون سوريون من طبقات اجتماعية محتاجة لمدخول ثانٍ. فعلى سبيل المثال، بدأ الموظف الحكومي “سمير” في العمل بهذه المهنة عقب انتهائه من عمله، ليستطيع سد نفقات عائلته الشهرية.  

سائقو الدراجات النارية يعملون أحيانًا “ديليفري” لربات المنازل

قال سمير خلال حديثه لمراسل “تطبيق خبِّر” الميداني في الحسكة سامي فاخوري “أنا موظف حكومي، وأعمل خارج أوقات دوامي على توصيل الطلاب والمعلمين، واضطر لإخفاء وجهي خجلاً من زملائي”.
 
وأضاف سمير “راتبي 75000 ليرة سورية، ولا يكفيني لتغطية نفقات عائلتي لنصف شهر، وبفضل هذه الدراجة أتمكن من الحصول على ما يوازي الراتب الوظيفي، وفي هذه الحالة أسدّ رمق عائلتي من الجوع والبرد، فالحياة أصبحت صعبة، والرزق على الله”.
زبائن هذه الدراجات يدفعون الأجرة بكامل الرضى، ويعرفون ضمنيًا حاجة هذا السائق وهو يتحمل التقلبات الجوية والازدحامات ليأخذ ربع أجرة التاكسي.
 
هذا ما أكده صالح الناصر، وهو طالب جامعي، لمراسل “تطبيق خبِّر”، إذ قال “كل يوم وقبل دوامي بربع ساعة أستقل إحدى الدراجات النارية، وحفظت التسعيرة وهي 500 ليرة سورية”.
 
وأوضح صالح “أن هذا المبلغ هو نصف سعر علبة السجائر التي أدخنها يومياً، بينما تكون فرصة لهذا السائق بجلب ربطة الخبز لعائلته، ودعائه لي يومياً يكفيني صباحاً بقوله “الله يعوض عليك ويوفقك بيومك”.
رجل على دراجته النارية في الحسك

سوريون من الحسكة يعملون في نقل الركاب على الدراجات النارية لكسب لقمة العيش

 

من جانبها، قالت “سحر”، وهي ربّة منزل  لمراسل “تطبيق خبّر” إنها “حفظت رقم صاحب إحدى الدراجات النارية واتصل به يومياً لتوصيل مستلزمات البيت، وهو يقوم بشرائهاوبذلك يريحني من النزول إلى السوق. يمكن تسميتها بخدمة “الديليڤري” ولكن بأقل التكاليف والإمكانيات”.
يضطر أصحاب هذه الدراجات لتعبئة خزاناتهم بالبنزين ذو النوعية الرديئة المنتشر في المحافظة بشكل كبير نتيجة انتشار الحراقات التي تستخرج المحروقات بشكل بدائي، وبيعه بسعر رخيص يصل ل275 ليرة سورية فقط لليتر الواحد.