نسرين صادق
اختتمت في مدينة عين التوتة التابعة لولاية باتنة شرقي الجزائر، فعاليات سباق القشابية الاستعراضي في طبعته الثانية, والذي ينظمه فريق ريان اتليتيك عين التوتة.
شارك في سباق القشابية أكثر من 60 رياضيًا من مختلف الأعمار والأصناف، في مبادرة رمزية للافتخار بهذا اللباس التقليدي كموروث ثقافي وتاريخي في منطقة الأوراس.
وتعرف “القشابية”، على أنها لباس تقليدي يقي من البرد، ويصنع من وبر الإبل على شكل ثوب طويل يلبسه الرجال ويتفاخرون به. وهي تمثل رمزًا للأصالة والتاريخ في المنطقة، ولها تاريخ بارز خلال الحقبة الاستعمارية.
في حديثه لمراسل “تطبيق خبّر” الميداني في الجزائر عبد المؤمن لعرابي، أوضح عادل حرسوس، مدرب المجموعة أن فكرة هذا السباق أتت بعد عودة رياضيي النخبة التابعين لفريق ريان اتليتيك عين التوتة من رحلة تونس العام الماضي بعد خوضهم لمنافسات السباقات الطويلة.
وأضاف حرسوس وهو مستشار في الرياضة وعداء النخبة السابق، أنهم فكرو في خلق منافسة قصيرة للاسترجاع، فكان سباق ال3 كيلومتر مع لبس القشابية، ومن ثم تحولت الفكرة إلى منافسة سنوية للاحتفاء باللباس التقليدي.
60 متنافساً في سباق القشابية احتفاءً باللباس التقليدي للأوراس
وأشار حرسوس إلى أن هذه المجموعة تأسست سنة 2001، وهي مهتمة بالكبار بحكم أن تمويلها يكون ذاتي، وترافق الكبار للتدريب والمنافسة، بهدف التعافي من الأمراض المزمنة، كالسكري والكوليسترول وغيرها.
واكب السباق الاحتفال برأس السنة الأمازيغية، ونظم للمرة الثانية بجبل حمادة. وقد شارك فيه المتسابقون وهم يلبسون القشابية ويتسابقون على مسافة 3 كيلومترات، بمختلف أعمارهم بدءًا من سن الثامنة وحتى الكهول الذين تصل أعمارهم لأكثر من 70 سنة.
كان البروتوكول الصحي الذي أقرته الاتحادية الجزائرية لرياضة ألعاب القوى قد وضع عدة شروط لتنظيم مثل هذه المنافسات خلال جائحة فيروس كورونا المستجد.
أهمها احترام التباعد الاجتماعي واستعمال المعقم، وألا يتجاوز عدد المتنافسين أكثر من 70 متنافسًا، وهو ما حتّم على المنظمين الاكتفاء ب60 متنافسًا بالرغم من الطلب على الكبير على المشاركة في طبعة هذه السنة.
أقيم سباق القشابية تحت شعار “أفكار بسيطة لكن رمزية”، لإبراز المكانة التاريخية والتراثية للقشابية
وبيّن حرسوس أنهم تلقوا طلبات المشاركة حتى من الولايات الأخرى كورقلة والجلفة التي تعتبر الولاية المنتجة لهذا النوع من اللباس التقليدي.
سباق القشابية الاستعراضي الرمزي الذي أقيم تحت شعار، “أفكار بسيطة لكن رمزية”، يهدف لإبراز المكانة التاريخية والتراثية للقشابية، إذ كانت اللباس الأكثر شيوعًا بين الثوار في الفترة الاستعمارية.
العم ابراهيم، وهو أكبر الحاضرين سنًا، شارك في السباق وقد لبس الزي تقليدي حاملًا سلاحه الناري في رمزية لإحياء سنة الثوار ضد المستعمر.
قال العم ابراهيم لمراسل “تطبيق خبّر” إن “هذا السباق هو إحياء لإرث الثوار الذين حملو الأسلحة ولبسوا القشابية وصعدوا الجبال وشقوا الوديان لمسافات طويلة ليلًا لكي لا تكتشفهم القوات الفرنسية”.
العم ابراهيم جاء متمنطقًا باللباس التقليدي والأسلحة إحياء لإرث الثوار الذين حاربوا المستعمر الفرنسي
يقوم المشاركون في هذا السباق بإجراء تدريبات يومية وهم يلبسون القشابية، بالرغم من صعوبة التجربة، بسبب ثقلها وعرقلة هذا اللباس للجري به، قبل يوم السباق الذي يقام على مرتفعات جبلية وطريق غير معبد.
فاز في هذا السباق بالمرتبة الأولى المتسابق المسمى العشي، الذي قطع مسافة السباق في توقيت قدره 10.45 دقيقة، أما المرتبة الثانية فحاز عليها المتسابق لوشان رائد بتوقيت قدره 10.52 ، أما في المرتبة الثالثة فحل المتسابق عبد العزيز لعبيدي بتوقيت قدره 11.04.
عادل حرسوس: نطمح لأن يصبح سباق القشابية مناسبة وطنية لإحياء التراث الجزائري
أكّد حرسوس أن هذه المنافسة بلغت صدى واسعًا، وتهاطلت طلبات المشاركة والتنظيم من مختلف المناطق الجزائرية لكن قواعد البروتوكول الصحي حتّم على المنظمين الاقتصار على جعلها منافسة محلية.
يسعى القائمون على هذه التظاهرة إلى أن يكون هذا السباق مناسبة وطنية سنوية لإحياء الثراث الجزائري واستذكار تاريخ الأجداد، لكن ظروف الوباء حالت دون تحقيق ذلك هذه السنة واقتصر فقط على السكان المحليين لمدينة عين التوتة.
ويطمح منظمو هذه المنافسة لأن تتوسع المبادرة لتشمل الكثير من مناطق الوطن والكثير من الموروثات الثقافية التاريخية أيضًا، وكلهم أمل في تحقيق ذلك في سباق العام المقبل.
