قلّبت “ميديا محمود” في صور هاتفها المتحرك لتعرض، على مراسل “تطبيق خبّر” الميداني سامان داود، صوراً وصلتها مؤخراً من مدينة عفرين بمحافظة حلب السورية. و”ميديا” إدارية في مؤسسة إيزدينا التي تعمل على ملف الإيزيديين في سوريا، أوضحت له، حين التقاها في مقر المؤسسة بمدينة كولونيا الألمانية، أن هناك تغييراً ديموغرافياً يجري على الأرض في قرية باصوفان في عفرين.

 

كما أعربت عن قلقها من أن يؤدي ما يحصل إلى نزوح مزيد من أهالي القرية منها. وقرية باصوفان يسكنها إيزيديون، رحل معظمهم نحو المهجر أو نزحوا لمناطق أخرى خلال المعارك التي دارت بين كل الجهات الضالعة في الحرب بسوريا على مدى السنوات الأخيرة. ورحل كثير منهم أيضاً عقب عملية “غصن الزيتون”التي نفذتها تركيا والجيش السوري الحر عام 2018 وأدت لاحتلالها وفصائل المعارضة للمنطقة.

 

هذا التغيير الديموغرافي، بدأ يظهر، بحسب ما ذكرت “ميديا” حين جاء مسلحو أحد فصائل المعارضة السورية، “فيلق الشام” الموالي لتركيا، بعائلاتهم إلى القرية حيث سكنوا في عشرات المنازل التي كانت مغلقة لأن أهلها تركوا القرية لأماكن أكثر أماناً، واستولوا على الأراضي الزراعية التابعة لها. وقالت إن المؤسسة حصلت على هذه المعلومات من فريق رصد يعمل بشكل سري داخل مدينة عفرين، كما عِبر عدد من السكان المحليين للقرية. ووفق هذه المعلومات، فإن هذا الفصيل بدأ بتشييد بناء جديد دون ترخيص من السلطات السورية المختصة، وفي أرض لا يملكها.

وأضافت الإدارية في مؤسسة إيزدينا إن مجموعة من السكان تقدموا قبل حوالى أسبوعين بشكوى يعترضون فيها على البناء إلى المجلس المحلي التابع للجيش التركي، دون أن يردهم أي رد. وأعربت عن تخوفها من تبعات ما يحدث خصوصاً وأنه سبق وتم تدمير للمزارات الدينية للأيزيديين في المنطقة. مراسل “تطبيق خبّر” حاول التواصل مع الائتلاف السوري المعارض لأخذ تعليق منه بهذا الخصوص، دون أن يتم الرد على طلبه.

من جانبه، رأى الكاتب السوري “ابراهيم سمو” وهو إيزيدي أيضاً، أن هدف هذه الجماعات المسلحة “هو تفريغ عفرين من الإيزيديين وفرض تغيير في معالم المكان والخصوصية والبصمات والدلالات التاريخية لأصحاب المكان الحقيقيين”. واتهم “سمو” المعارضة السورية بالاستيلاء على الأملاك وأموال الأقليات وتهجيرهم.

كما تحدث مراسل “تطبيق خبّر” إلى أحد رجال الدين الإيزيديين في مدينة عفرين من خلال مكالمة عبر أحد تطبيقات المكالمات المجانية من الهاتف المتحرك ل”ميديا محمود”. أكد رجل الدين الذي امتنع عن الإفصاح عن هويته لأسباب أمنية، أن الإيزيديين في مدينة عفرين يتعرضون، من قبل الفصائل المعارضة الموالية لتركيا الموجودة هناك، للمضايقات المتكررة التي تستهدف وجودهم في مناطقهم التاريخية. ومن هذه المضايقات، ترهيب السكان بإطلاق الرصاص واعتقال المدنيين ومحاولة تغيير معتقداتهم.

وأضاف رجل الدين أنه بقي ما نسبته عشرة في المئة من الأهالي الإيزيديين في قرى المنطقة بعد أن كانوا يشكلون مئة في المئة من سكانها. وأشار إلى أنه، منذ عملية غصن الزيتون. لم يستطع الإيزيديون الاحتفال بأي من أعيادهم أو التجمع وممارسة طقوسهم الدينية خلالها. وعبّر عن غضبه لانتهاك حرمة الأموات، قائلاً إن بناءً في طور التشييد فوق واحدة من مقابرهم. وطالب الشيخ الإيزيدي المجتمع الدولي بإنقاذ المنطقة وأهلها لإنقاذ ما تبقى من التراث الإيزيدي في عفرين، ووقف التغيير الديمغرافي الممنهج على حد تعبيره.