أخبار الآن | غزة – فلسطين (تطبيق خبّر)

حبه للبحر جعله يستثمر فترة الحجر الصحي الذي يخضع له قطاع غزة بسبب ارتفاع الإصابات بفيروس كورونا المستجد، فيحقق حلمه بارتياد البحر مع أبناء عمومته، عِوض انتظارهم على الشاطيء. هو الشاب محمد الرضيع ذو ال24 عاماً الذي استطاع أن يصنع دراجة مائية مستخدماً قطعاً من الخردة المعدنية والبلاستيكية المستهلكة جداً أعاد تدويرها. وهي التجربة الأولى على مستوى قطاع غزة الذي يعاني من شح الإمكانيات بسبب الحصار المتواصل.

مراسلة “تطبيق خبّر” الميدانية في غزة نيللي المصري، اغتنمت فرصة رفع الحظر بشكل جزئي عن بعض المناطق في القطاع لترافق محمد الرضيع، ابن بلدة بيت لاهيا، إلى شاطئ البحر حيث حكى لها القصة وراء دراجته المائية وكيف نفذها.

 

قال محمد إنه كان يرافق أبناء عمومته الذين يعملون في الصيد، فينتظرهم على الشاطيء حتى عودتهم لأنه لا يتقن السباحة ويخشاها منذ طفولته، وبسبب اعتراضهم على مرافقته لهم دون عمل أدنى شيء. أوضح محمد أنه بدأ يفكر كيف يمكن له مرافقتهم في البحر بعد أن راهن أقرباءه على صنع آلة سريعة تساعده في الوصول لمسافة أبعد من تلك التي يصلون إليها سباحة. فاهتدى الى فكرة صناعة الدراجة المائية بأدوات بسيطة لتمكنه من العبور بها داخل البحر.
وتابع محمد رواية قصته لمراسلة “تطبيق خبّر”، مشيراً إلى أنه فكّر كثيراً في طريقة تشكيل وتركيب مجسمه، لمدة استغرقت نحو شهر، مستغلاً فترة الإغلاق، التي فرضتها السلطات المحلية بغزة لمكافحة جائحة “كورونا”. ثم بدأ بتصنيعها داخل ورشته الخاصة للحدادة. وقال “الرضيع”: “الورشة كانت مغلقة وتم تعليق العمل داخلها بسبب حظر التجوال الشامل، أردت استغلال الوقت والعمل داخلها على تصنيع الدراجة”.
لكن الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها القطاع كانت تلقي بظلالها على مواطنيه بسبب انقطاع مصدر الرزق، خصوصاً لدى أصحاب المهن الحرة كما هو الحال مع الشاب “الرضيع”. فهو عندما قرر تنفيذ فكرة الدراجة المائية كان لا يمتلك الأموال الكافية لصناعتها، فبدأ بشراء أنابيب بلاستيكية مستخدمة من محلات الخردة بسعر رخيص، ثم اشترى دراجة هوائية لا تعمل، لاستخدام هيكلها الخارجي فوق الدراجة المائية التي سيصنعها. واستمر في جمع الأدوات البسيطة التي تستخدم في صناعة الدراجة المائية حتى حقق مبتغاه.
وأوضح محمد أن هذه الدراجة مرت بأربع تجارب حتى حققت النجاح في الدخول إلى عرض البحر دون أن تواجهها مشاكل فنية كما حدث في التجارب السابقة. ولتحقيق ذلك أدخل بعض التعديلات وقطع الغيار المختلفة على الدراجة، حتى تطفو وتسير على المياه بسهولة. وأشار إلى أن صناعة دراجة مائية بأدوات جديدة غير مستخدمة قد تصل تكلفتها إلى حوالي ألفي دولار أمريكي، بينما توفر المواد المستعملة قلصها إلى أقل من 100 دولار.
صعوبات كثيرة واجهته خلال تصنيعه لهذه الدراجة المائية، أبرزها انقطاع التيار الكهربائي بشكل مستمر ولوقت طويل، إلى جانب الجهد والتكلفة المالية لعملية نقلها إلى البحر لإجراء التجارب عليها. وعلى الرغم من ذلك، يشعر محمد بسعادة غامرة، إذ استطاع مساعدة 3 أشخاص كانوا قد علقوا في البحر، من خلال التمسك بجسم الدراجة وسحبهم بنجاح إلى الشاطئ. واعتبر هذا الأمر مؤشراً علي نجاح مشروعه الذي أصبح وسيلة للترفيه. فهو يشارك الآخرين في متعة تجربتها والدخول إلى البحر بسهولة، كما تغلب على مخاوفه من السباحة بالدخول بها إلى البحر.
قصة محمد الرضيع هذه هي واحدة من قصص كثيرةة لشباب في قطاع غزة، استغلوا فترة الحجر المنزلي لتنفيذ أفكار بأقل الإمكانيات، ما يدل على وجود مواهب بحاجة إلى ظهور.

ويعاني قطاع غزة من حجم الخسائر المادية بسبب الإغلاق خلال فترة جائحة كورونا. ويبلغ عدد العاملين بنظام الأجور اليومية في غزة، المتضررين جراء حظر التجوال، حوالى 160 ألفاً، بنسبة 90 في المئة من عددهم الإجمالي، وفق اتحاد نقابات عمال فلسطين.

وبحسب احصاء للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أصدره نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي يعاني نصف سكان غزة من الفقر، فيما يتلقى 4 أشخاص من بين كل 5 مساعدات مالية.