أخبار الآن | بغداد – العراق (متابعات)

لم تستطع النجاة من الموت المحتم على الرغم من إسعافها، فقد أكلت الحروق نسبة كبيرة من ‏جسدها، لكنها عاشت بما يكفي للإدلاء بقصة موتها.‏

تقول بشرى التي وافتها المنية نهاية العام الماضي إن زوجها المهووس بالمخدرات ‏والمسكرات فاجأها الساعة الرابعة صباحاً في ديسمبر الماضي، بينما كانت نائمة ليسكب ‏إناء النفط الأبيض عليها ويشعل في جسدها هالة من النيران اضطرتها للهرب خارج الدار، ‏حتى أخمدها الجيران ونقلوها إلى المستشفى.‏

تعرضت بشرى بحسب تقرير لمجلس القضاء الأعلى في العراق، لعنف الزوجية قبل حادثة الموت مرات عديدة، إحداها طعنة بسكين قدمت ‏على إثرها شكوى للمحكمة، لتنتهي حياتها أخيراً بهذه الحادثة المأساوية.‏

وتؤشر الإحصاءات الواردة إلى المحاكم ارتفاعاً كبيراً في حالات العنف ضد النساء وحتى ‏الأطفال وكبار السن، لكن ما هو أخطر أن حالات العنف مؤخراً تطورت إلى حد القتل، فمثل ‏حالة بشرى ترد عشرات الحالات إلى دور القضاء ويتم التعامل مع المتهمين فيها بعقوبات ‏مشددة، وفقاً لمجلس القضاء.

وأوردت إحصائية رسمية أعدها مجلس القضاء الأعلى أن المحاكم العراقية سجلت خلال عام ‏واحد (2019) نحو 16.861 حالة عنف أسري،وعلى الرغم من ضخامة هذا العدد، لكن ‏كثيرين يؤكدون أن هذا غيض من فيض، فالحالات التي لم تصل إلى المحاكم أكثر، بسبب ‏سطوةالرجل وخوف النساء من عواقب الطلاق.‏

وتفيد الإحصائية بأن حصة النساء كانت الأكبر بين أعداد دعاوى العنف الأسري، فقد بلغت ‏‏12336 قضية، أما القضايا الخاصة بتعنيف الأطفال بلغت 1606، بينما عدد القضايا الخاصة ‏بتعنيف كبار السن وصلت إلى 2919.‏

وطبقاً للإحصائية، احتلت العاصمة بغداد المركز الأول في قضايا العنف الأسري بتسجيلها ‏‏4661 حالة، هي مجموع 1635 قضية فيمحكمة استئناف الكرخ، و3026 قضية سجلتها ‏محكمة استئناف الرصافة خلال العام الماضي، بينما تلتها ذي قار بتسجيلها 2746 قضية ‏عنف أسري خلال الفترة نفسها.‏

وفي العام الحالي، بعد أن ضغطت جائحة كورونا المستجد على الحياة الأسرية توقع المتخصصون أن ‏تزداد هذه القضايا، وهذا ما حدث بالفعل، فجميع المؤشرات العالمية سجلت ارتفاعاً ملحوظاً ‏في قضايا العنف الأسري خلال مدة الحجر المنزلي والإغلاق العام الذي فرضته الجائحة،‏والأمر نفسه ينطبق على العراق من خلال ملاحظة عدد الشكاوى الواردة إلى المحاكم الخاصة ‏بنظر دعاوى العنف الأسري.‏

ويقول قاضي محكمة التحقيق الخاصة بقضايا الأسرة في بابل أحمد محمد علي إن “الحجر ‏المنزلي ضاعف قضايا العنف الأسري وهذا ملاحظ من خلال كثافة الدعاوى الواردة الينا منذ ‏بدء حظر التجول”، مؤكداً إصدار “مئات قرارات الإحالة إلى محاكم الجنح بحق متهمين ‏بالتعنيف”.‏

وأضاف أن “الحالات التي وردت إليه في بابل لم تكن ‏خطيرة، انما كانت الشكاوى عن السب والشتم واعتداءات جسدية وسحجات لكن لمترد دعوى ‏تخص الحروق أو اعتداءات أدت إلى وفاة على الرغم من وجود هذه الحالات في محافظات ‏أخرى في البلاد”، أما حالات القتل أكد “أنها تذهب إلى اختصاص محكمة مكافحة الإجرام”.‏

وفي شأن متصل يؤكد قاضي الأسرة وجود “حالات اعتداء وتعنيف بين الأشقاء”، لافتاً إلى أن ‏‏”القضايا المادية وشؤون الميراث هي أكثرالأسباب التي تؤدي إلى هذه الخلافات”، ولا ينفي ‏قاضي التحقيق وجود “دعاوى يقدمها أزواج يعانون من تعنيف الزوجة الذي قد يصل إلى ‏الضرب أحياناً”.‏

وحول العقوبات، يؤكد أنها “تكيف بحسب القوانين النافذة، لاسيما قانون العقوبات، إذ لا يوجد ‏قانون خاص بالعنف الأسري ولا نصوص تحدد درجة القرابة”، مؤكداً الحاجة الى “قانون ‏شامل يراعي التقاليد والعادات ويراعي توفير لقمة العيش للزوجة، فعندما يحكم الزوج بعقوبة ‏تبقى المرأة بلا معيل، وكذلك أن يتبنى القانون توفير مأوى آمن للنساء المعنفات الهاربات من ‏عنف الزوج والأهل”.‏

فيما خلص إلى ضرورة “الاهتمام بالأسرة من قبل الدولة ومنظمات المجتمع المدني ودراسة ‏أسباب التعنيف لأن الأسرة هي نواة المجتمع وعماد إصلاحه”.‏