أخبار الآن | بيروت – لبنان (تطبيق خبّر)

في خطوة هي الأولى من نوعها في لبنان، قررت الشابة ليا نوربتليان الانضمام إلى فريق عمّال شركة “رامكو” للنظافة كأوّل امرأة تعمل في هذا المجال. ويُعاني هذا المجال اليوم من نقص في اليد العاملة الأجنبية التي كانت تشكل النسبة الأكبر من العمال في لبنان بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد وارتفاع سعر صرف الدولار بشكل كبير، ما دفع الشركة إلى فتح باب التوظيف أمام 500 عامل لبناني.
سعت نوربتليان من خلال خطوتها الى تحقيق هدفين، خوض تجربة جديدة تدفع الناس إلى الاهتمام بالنظافة وعدم رمي النفايات في الشوارع، ومواجهة البطالة التي بدأت تتفاقم في الآونة الأخيرة. وقالت نوربتليان لمراسل “تطبيق خبِّر” الميداني في بيروت مهدي كريّم أن “هناك أعداد كبيرة من الأشخاص الذين أصبحوا عاطلين عن العمل، وأعتقد أن خوضي لهذه التجربة ستدفعهم إلى تكرارها، وهذا ما حدث مع إحدى الفتيات التي تشجعت للانضمام للشركة”.
قصة نوربتليان بدأت عندما اجتاح فيروس كورونا لبنان وأُصدرت قرارات الإغلاق. في تلك الفترة كانت نوربتليان تمشي على الطرقات المحاذية لمنزلها في بيروت، وتُلاحظ تكدّس النفايات بشكل لم تكن تلحظه سابقاً”. وأضافت “بدأت بتنظيف الشارع المحاذي لمنزلي، ولكن وجدت أن هناك حاجة لتنظيف مساحة أكبر”.


تتُابع الشابة التي درست السياحة والمحاسبة أنها “لاحظت وجود نفايات خارج المستوعبات المخصصة لها، فاتصلت بالشركة المسؤولة للاستفسار عن السبب، وكان الرد بأن الشركة تُعاني من نقص في اليد العاملة، فأجابتهم على الفور أنها مستعدة للعمل”. وعندما أخبرت زوجها بقرارها لم يأخذه على محمل الجد، ولكن بعد أن تقدمت بطلب التوظيف قرر تشجيعها وتقديم الدعم لها.  
مرّ أسبوع على مباشرة نوربتليان عملها الجديد. تستيقظ عند الساعة الرابعة والنصف صباحاً، ثم تنطلق عند الساعة السادسة الى العمل حيث تختار طريق معين لتنظيفه بالتنسيق مع المسؤول عنها في الشركة، إلى أن ينتهي دوامها عند الساعة الثانية بعد الظهر. وعن ردّة فعل الناس عند رؤيتها، قالت نوربتليان “ترتسم على وجوههم علامات الاستغراب والتعجب، فهم لم يعتادوا على رؤية فتاة تقوم بهذه المهمة، إلا أن جميعهم يشجعونني على عملي ويثنون عليه”.
لبنانيّة تعمل في مجال النظافة لمواجهة البطالة وتغيير الصورة النمطية
تكسب ليا 40 ألف ليرة لبنانية (حوالى 5$) عن كل نهار عمل، ولا تتردد بالتعبير عن زهد المبلغ اذ أنه “غير كافٍ في ظل غلاء الأسعار الذي يجتاح لبنان، إلا أنه يُساعدني على تغطية بعض المصاريف”. تبتسم نوربتليان عند حديثها عن اكتسابها خبرة كبير في هذا المجال من جراء عملها ولا تخفي نيتها عدم الاكتفاء بهذه التجربة وإنما خوض تجربة أكبر من خلال إطلاق مبادرة مجتمعية لتنظيف عدد أكبر من الطرقات.
لبنانيّة تعمل في مجال النظافة لمواجهة البطالة وتغيير الصورة النمطية
أهمية خطوة ليا تنبع من إصرارها على عدم الاستسلام لليأس الذي يجتاح قلوب معظم اللبنانيين جرّاء الأزمة الاقتصادية، فقد وجدت في تجربتها الجديدة فرصة لإحداث تغيير في ثقافة اللبنانيين، لجهة تعاطيهم مع عمال النظافة، أو في طريقة التخلص من نفاياتهم، فضلاً عن الاستفادة المادية في ظل تنامي أعداد العاطلين عن العمل.