أخبار الآن | بيروت – لبنان (تطبيق خبِّر)

في الوقت الذي ما زالت فيه العاصمة اللبنانية بيروت تلملم جراحها من الانفجار الأكبر في تاريخها، أدرك اللبنانيون أن حجم الكارثة يستدعي تدخلهم وتكاتفهم للاستجابة لحادث بهذا الحجم، فسرعان ما بدأت تظهر المبادرات الأهلية التضامنية لمساعدة المتضررين والعائلات المنكوبة.

 

هكذا، وبعد ساعات قليلة من وقوع الانفجار، لم تتردد الشابة اللبنانية “مريم بلال” وأصدقاؤها بإنشاء مجموعة على تطبيق الواتسآب ودعوة الشباب للانضمام اليها بهدف تشكيل خلية أزمة يمكن لها تقديم المساعدة لأهالي بيروت متخذين من ساحة الشهداء موقعاً لخيمتهم. وتقول مريم بلال مراسل “تطبيق خبِّر” الميداني في بيروت “مهدي كريم” أن “أول خطوة كانت تداول الأفكار التي يمكن أن نقوم بها وتوزيع الأدوار فيما بيننا”.

وتضيف مريم أن “عدد المتطوعين وصل الى 100 شخص من كل المناطق اللبنانية فمثلاً هناك 20 شخصاً يأتون بشكل شبه يومي من مدينة طرابلس شمال لبنان، فضلاً عن الأشخاص الذين يقومون بمساعدتنا من منازلهم من خلال إدخال البيانات التي نقوم بجمعها من أجل توزيع المساعدات وتأمين المنازل للعائلات المتضررة”.

وتتابع مريم “أننا اعتمدنا بشكل أساسي على مواقع التواصل الاجتماعي لجمع التبرعات العينية والمادية، وكذلك لتأمين المنازل والفنادق التي يمكنها إيواء العائلات المنكوبة، حيث قمنا بنقل 50 عائلة”.

كما تُشير الى أن “عملنا لم يقتصر على هذا الشق بل شمل أيضاً تأمين وجبات الطعام للعائلات التي مازالت تسكن في المنازل المتضررة”

وعن الصعوبات التي واجهتهم، تقول مريم أن “مما لا شك فيه أن الدولة اللبنانية عاجزة عن القيام بمهامها منذ زمن بعيد وهذا ما ظهر جلياً خلال اندلاع الحرائق التي ضربت لبنان خلال عام 2019، لذا فإن الصعوبة كانت بالنسبة لنا، وحتّى بالنسبة لمؤسسات الدولة، انعدام التجربة في التعامل مع هذا النوع من الكوارث، فهي المرة الأولى في تاريخ لبنان التي يحدث فيها هذا النوع من الحوادث الضخمة”.

مبادرات شبابية إنسانية لمواجهة انفجار بيروت

 

قصة مريم لا تختلف كثيراً عن قصة “زينب بسما” التي تقطن في جنوب لبنان، فبُعد المسافة لم يكن عائقاً أمامها لمد يد العون لأهالي بيروت.
فما كاد صباح 5 آب أن يشرق حتّى كانت زينب تقوم وزملاؤها بتشكيل خلية أزمة. وتقول بسما لمراسل “تطبيق خبِّر” أن “العمل توزّع على عدّة محاور من تأمين التواصل مع الناس لتأمين المنازل من أجل استقبال العائلات التي لم يعد لديها مأوى، مروراً بتجميع بيانات أشخاص مستعدين بالتبرع بالدم، وصولاً لجمع المساعدات العينية والمادية والغذائية ونقلها الى بيروت بعد التنسيق مع ناشطين وجمعيات تعمل على الأرض هناك”.

كما لفتت بسما الى أن “مشهد الدمار الذي شاهدناه في بيروت دفعنا الى تخصيص يوم للانتقال اليها بهدف المشاركة في أعمال تنظيف الركام، وهكذا توجه 20 متطوعاً الى مستشفى القديس جاورجيوس للروم الأرثوذكس حيث قاموا بالمساعدة في ازالة الركام وأعمال التنظيف”.

مبادرات شبابية إنسانية لمواجهة انفجار بيروت

 

وعلى الرغم من أهمية هذا النوع من المساعدات الى أن حجم الانفجار استدعى كذلك نوعاً آخراً من عمليات الاغاثة، وهذا ما قامت به “الشبكة الدولية للمساعدات والإغاثة والمساعدة – إنارة” التي تختص بمساعدة الأطفال من جرحى الحرب الذين ليس لديهم القدرة للوصول لعلاج طبي، وفق ما قال مدير التواصل في الجمعية عماد بزي لمراسل “تطبيق خبِّر“.

وأضاف بزي “في الخطوة الأولى قمنا بمراجعة جميع الأطفال الذين نتعامل معهم من أجل التأكد من سلامتهم، ومن ثم قمنا بالتركيز على حالات الاغاثة من خلال تركيب خيمة في منطقة الجميزة من أجل تقديم الدعم الطبي للمجتمع المحلي”.

وتابع بزي ” نستقبل يومياً حوالي 70 حالة منها جروح عميقة وأخرى بسيطة، حيث حولنا الحالات الصعبة للمستشفيات في حين تم الاهتمام بالحالات البسيطة من خلال فريق طبي متطوع مكون من طلاب الطب في لبنان، وكذلك عدد من الأطباء والممرضين المتطوعين بشكل فردي”.

وشدد بزي على الحاجة للمزيد من تقديم الدعم، وهذا ما دفعهم الى افتتاح مركز آخر في منطقة الكرنتينا.

وعن أسباب اختيار هذا النوع من الاغاثة، قال بزي “هناك 3 مستشفيات أصبحوا خارج الخدمة، اثنين بسبب الانفجار وواحد بسبب وباء كورونا، لذا وجدنا أن هناك حاجة لعملنا في هذا الشق الإنساني”.
كما لفت الى وجود فريق من المتطوعين لتقديم أعمال مجتمعية مثل توزيع الأقنعة والمياه وغيرها.

مبادرات شبابية إنسانية لمواجهة انفجار بيروت

 

وبدا لافتاً أن حوالي 80% من الحالات التي يستقبلها مركز “إنارة” لعلاجهم هم متطوعون يُصابون خلال رفع الردم والركام، بالإضافة الى جزء آخر لم تتم معالجته بشكل جيد بسبب الضغط الذي حدث في الأيام الأولى للانفجار وما خلفه من ضغط وضرر على المراكز الطبية.

خلاصة القول أنه أمام فداحة الكارثة التي شهدتها بيروت، أدرك اللبنانيون سريعاً أن الأبنية التراثية التي تصدّعت، والمطاعم والمحلات التي تطايرت واجهاتها وتبعثرت مقتنياتها وسط الشارع لن تعود إلا بسواعدهم، فجاءت المبادرات الإنسانية التي شهدتها معظم المدن والقرى اللبنانية، لتنقل الصورة الأنقى والأجمل رغم قساوة المشهد وهول الكارثة.