أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة ( متابعات )

 

آب/أغسطس 2014 كان آخر يوم عاش فيه المجتمع الإيزيدي في العراق بسلام، قبل أن يبدأ داعش بحملة ضد الأقلية الإيزيدية تضمنت تطهيرا عرقيا على شكل عمليات إعدام جماعية وإجبارا على تغيير الديانة وعنفا جنسيا واسع الانتشار، بالإضافة إلى ذبح الآلاف منهم.

وعمد داعش إلى استرقاق أكثر من 6،500 من النساء والأطفال وتسبب العنف بتشريد أكثر من 350،000 في مخيمات النزوح شمالي العراق. ولا يزال أكثر من 120،000 ممن عادوا إلى ديارهم يواجهون مصاعب تحول دون إعادة بناء حياتهم، كما تعيش غالبية الأفراد بدون خدمات حيوية منذ صيف عام 2014، بما في ذلك الرعاية الصحية والتعليم ودعم سبل العيش.

وقالت الناشطة الإيزيدية وسفيرة مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة للنوايا الحسنة، نادية مراد، إن الأقلية الإيزيدية كانت تعيش بسلام قبل ظهور داعش.

وبسبب داعش فقدت مراد والدتها وستة من أشقائها وبنات إخوتها، وتم أسر بقية أسرتها.

وفي حوار افتراضي استضافته يوم الاثنين كل من مبادرة نادية والبعثة الدائمة لجمهورية ألمانيا الاتحادية والبعثة الدائمة للإمارات العربية المتحدة، بمناسبة مرور ستة أعوام على أحداث سنجار، أضافت نادية مراد: “إن قصتي ليست فريدة من نوعها، هي قصة آلاف النساء والفتيات الإيزيديات اللاتي اختطفن وتم استرقاقهن جنسيا”.

فشل في إنقاذ الضحايا

وقد حرق داعش منازل ومدارس الإيزيديين ودور عبادتهم، وتم الاتجار جنسيا بفتيات بعمر الثامنة والتاسعة. وحتى الآن ثمّة أكثر من 2،800 امرأة وطفل إيزيدي في عداد المفقودين وفي الأسر. وأشارت الناشطة الإيزيدية إلى أنه بعد ستة أعوام لم يتحرّك العالم لنجدة الإيزيديين: “لقد تفرّج العالم بغضب وطالب بتحرّك ملموس لإنهاء الإبادة الجماعية، ولكن بعد ستة أعوام فشل المجتمع الدولي في الوفاء بالتزاماته في حماية الأكثر ضعفا”.

وتعاني النساء الناجيات والأطفال الناجون من صدمات، ويعيشون في مخيمات النزوح، ويعاني من تمكن من العودة إلى دياره من نقص في الحصول على الخدمات الأساسية. وبحسب مراد، عاد 100،000 من الإيزيديين إلى ديارهم في سنجار، ولكنهم يعانون من الظروف المعيشية التي تفتقر للرعاية الصحية والتعليم والمياه الصالحة والأمن.

خلافات تفاقم الأوضاع

وطالبت مراد بتحقيق العدالة للناجين وأسر الضحايا، وذلك عبر جمع الأدلة وتقديم مرتكبي الانتهاكات من جماعة داعش للمحاكمة. وأوضحت أن الوضع يزداد تفاقما بسبب حالة عدم اليقين التي خلفتها الخلافات بشأن أي حكومة تسيطر على سنجار، مما يترك البلد بدون استثمار بالموارد وإصلاح البنى التحتية والمنازل.

وأضافت تقول: “لقد ناشدنا المسؤولين الحكوميين في بغداد وإربيل حل خلافاتهم ومساعدة الإيزيديين على إعادة حياتهم وتشكيل فريق عمل للبحث عن المفقودين وإنقاذهم”.

وأشارت مراد إلى أن الوضع القائم يدمر المجتمع الإيزيدي، كما يساعد الصمت الدولي داعش على تحقيق هدفه في القضاء على الإيزيديين في العراق، بحسب تعبيرها.

من جانبها، أكدت المحامية أمل كلوني على ضرورة جلب مرتكبي الجرائم للعدالة في أسرع وقت ممكن قبل فرار أنصار داعش. وقالت: “إنه بالفعل وقت مليء بالتحدي بالنسبة للعالم، مع مكافحة جائحة كوفيد-19.. لكننا نواجه جائحة من نوع آخر، هي جائحة من العنف بما فيها العنف الجنسي ضد النساء والأقليات”.

وكانت كلوني قد خاطبت الجمعية العامة في أيلول/سبتمبر الماضي ودعت إلى التحرك العاجل قبل فوات الأوان، ووضعت مقترحات هي عبارة عن مسارات يمكن اتباعها من شأنها أن تفضي إلى محاكمة الجناة.

إلا أنها قالت: “مع اجتماعنا اليوم بعد نحو عام، دعوني أخبركم بالتقدم الذي أحرز فيما يتعلق بالأمر: لا شيء، لم يتم إحراز أي تقدم، ولم تتم دراسة أي مسار ومتابعته أو مناقشته بشكل جدي في الأمم المتحدة أو في مجلس الأمن. ولم يتم عقد أي مؤتمر لوزراء الخارجية أو أي مقترحات حكومية أو غير حكومية أو تحليلها ولم تقترح أي دولة استضافة محاكمات دولية”.

وحذرت كلوني من عدم التحرك ووصفته بالخطير، وبأنه قد يشجع داعش على نشر “أيدولوجية سامة”، مشيرة إلى أن العالم شهد إبادة في الماضي وتحرك لضمان عدم تكرارها. وقالت: “العدالة ممكنة الآن كما كانت في السابق إذا ما وضعت كأولوية”.

تحذير من تكرار الجرائم

وقال المستشار الخاص ورئيس فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة المعني بتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب داعش (يونيتاد)، إنه في الأشهر 22 منذ بدء عمل يونيتاد تم التعاون بشكل وثيق مع الإيزيديين والسلطات العراقية في استخراج الجثث من المقابر الجماعية وجمع الأدلة الجنائية والتوثيق الرقمي للأدلة على جرائم داعش.

وأضاف يقول: “من المهم تمييز الجرائم التي ارتكبت بحق الإيزديين. إذا لم نفعل ذلك، سنفشل في تمييز النطاق الواسع لمعاناتهم وقد يكون هناك خطر في عودة مثل هذه الأفعال”.

وكان المستشار الخاص ورئيس فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة المعني بتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب داعش (يونيتاد) قد قدم مؤخرا تقريره الرابع إلى مجلس الأمن حيث أعطى بصيصا من الأمل بعد إعلان إحراز تقدّم في تحديد وجمع مصادر جديدة للأدلة التي تُعدّ نقلة نوعية في جهود مساءلة داعش.

وقد أكد فريق التحقيق أن التعاون مع الحكومة العراقية كان في صلب التقدم المحرز إلى جانب تحديد وجمع أشكال جديدة من الدلائل وتسخير القدرات التكنولوجية للفريق.

كما أشار المستشار الخاص إلى بيان الأديان التاريخي بشأن ضحايا داعش الذي اعتمد في شهر آذار/مارس 2020، والذي جاء بدعم من السيد أداما ديانغ، المستشار الخاص المعني بمنع الإبادة الجماعية.

ومن خلال هذا البيان أكد قادة جميع الديانات الرئيسية في العراق التزامهم الجماعي بدعم فريق التحقيق في تنفيذ ولايته وإحقاق المساءلة عن جرائم تنظيم داعش، وحماية الضحايا وإدماجهم.

وأثنت رئيسة بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، الممثلة الخاصة جينين هينيس-بلاسخارت، على عزم الإيزيديين وصمودهم وسعيهم للحفاظ على ثقافتهم وأرضهم ونيل حقوقهم.

نحن مدينون للضحايا. نحن مدينون للناجين. نحن مدينون لإحساسنا المشترك بالإنسانية — جينين هينيس-بلاسخارت

وقالت في رسالة مسجلة إن ما يدعوها للتفاؤل هو “عزم العديد من الأيزيديين وهم يسعون إلى الحرية والعدالة لمجتمعهم”، غير أنها أشارت إلى أن محنتهم لم تنته بعد، موضحة أن “أهالي سنجار ما زالوا يعانون من انعدام الأمن وغياب الخدمات الكافية وعدم وجود إدارة موحدة”.

وتساءلت الممثلة الخاصة للأمم المتحدة في العراق عن هذا الوضع قائلة: “لماذا يجب عليهم الاستمرار في دفع الثمن؟”، مشددة على “أن الحلول المستدامة في متناول اليد”. وأكدت في هذا السياق دعوتها إلى الحكومتين في بغداد وإربيل لحل هذا الملف بشكل عاجل والتوصل إلى اتفاق دون تأخير.

وقالت: “إن إدارة الحكم المستقرة والهياكل الأمنية هي أُسسٌ حاسمةٌ للمجتمع لإعادة البناء والازدهار. نحن مدينون للضحايا. نحن مدينون للناجين. نحن مدينون لإحساسنا المشترك بالإنسانية.”

عودة كريمة وطوعية للضحايا

ومن جهة أخرى، تحدث السفير العراقي لدى الأمم المتحدة، محمد حسين بحر العلوم، عن الدور الذي تقوم به الحكومة العراقية لرأب الصدع الذي خلفه داعش، والتزام الحكومة العراقية بدعم عودة طوعية وكريمة وآمنة للإيزيديين النازحين وغيرهم من العراقيين النازحين بسبب داعش.

وقال: “ندعو المجتمع الدولي لدعم العراق في تحديد مصير المفقودين والمختطفين وتحرير الناجين الذين لا يزالون على قيد الحياة”.

وكانت الرئاسة العراقية قد قدمت مشروع قانون يتعلق بالناجين اإأيزيديين في نيسان/أبريل 2019، يدعو إلى محاسبة المرتكبين بحسب القانون الوطني. ويضع القانون إجراءات تتعلق بالناجين وتعالج قضية الأطفال المتأثرين بالعنف الجنسي.

وأضاف بحر العلوم: “على المستوى الدولي، تعاون العراق مع المملكة المتحدة لإصدار قرار مجلس الأمن 2379 (2017) ولذا تم تأسيس يونيتاد لمساءلة داعش ومحاكمة أنصار التنظيم”.

وكان مجلس الأمن الدولي، وبعد جهود دولية ومجتمعية وفردية مثل نادية مراد وفريدة وغيرهن من المجتمع الإيزيدي الذي أبى أن يبقى صامتا على الضيم، قد طلب إلى الأمين العام إنشاء فريق يونتاد بموجب القرار 2379 لدعم الجهود المحلية الرامية إلى مساءلة تنظيم داعش عن طريق جمع وحفظ وتخزين الأدلة في العراق على الأعمال التي قد ترقى إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية التي ترتكبها جماعة داعش الإرهابية في العراق.

وأوضح المسؤول العراقي أن أنصار داعش قدموا من أكثر من 100 دولة وارتكبوا جرائم صارخة تنتهك القانون الإنساني الدولي والقوانين الدولية الأخرى، وقاموا بأفعال قد ترقى إلى جرائم حرب.