أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (نهاد الجريري)

من بين قيادات حراس الدين الذين قتلوا في العام ونصف العام الماضيين، أبو القسام الأردني هو الوحيد الذي رثاه شرعي الحراس سامي العريدي رثاءً خاصاً. الرسالة التي قال عنها العريدي “أسلي بها نفسي وإخواني بفقده” تبيّن عمق العلاقة بين الاثنين وأهمية أبي القسام في الساحة الجهادية بالرغم من غموض شخصيته وقلّة حضوره في الإعلام. 

زملاء سكن

يقول العريدي إنه عندما أتى إدلب سكن مع أبي القسام، خالد العاروري، عاماً ونصف. نعلم أن العريدي كان في درعا، جنوب سوريا، مع فرع جبهة النصرة آنذاك بقيادة أبي جليبيب إياد الطوباسي وهو أردني أيضاً -قُتل في أواخر ٢٠١٨. الرجلان مع آخرين من فرع القاعدة، جبهة النصرة آنذاك، قرروا في ٢٠١٥ الانتقال إلى شمال سوريا لتقديم الدعم إلى النصرة بناء على أوامر زعيم التنظيم الأم أيمن الظواهري. ونعلم أن العاروري أطلق سراحه من إيران في مارس ٢٠١٥ في صفقة تبادل بين طهران، التي كانت “تستضيف” بعض قيادات القاعدة عقب غزو أفغانستان في ٢٠٠٣، وتنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب بقيادته اليمنية. وعليه، فعلى الأرجح أن العاروري توجه من إيران إلى شمال سوريا حيث أن أول ظهور له كان في ديسمبر ٢٠١٥. وهذا يتفق مع ما قاله العريدي. 

زوجة العاروري

إذاً، أقام العاروري مع العريدي عاماً ونصف قبل أن تنضم إليه زوجته وهي شقيقة أبي مصعب الزرقاوي، تزوجها عندما كان في أفغانستان. العاروري والزرقاوي كانا سجينيين في الأردن في قضية “بيعة الإمام” وأطلق سراحهما في ١٩٩٩ وعادا فوراً إلى فغانستان. العاروري هو أيضاً عديل الطوباسي المتزوج من شقيقة الزرقاوي الأخرى. 

البغدادي

يكشف العريدي أيضاً أن أبا بكر البغدادي قدّم “العروض الكبرى” للعاروري كي ينضم إليه وأن “مكانه محفوظ”. وهذا غير مستغرب. فالعاروري كان “ظل” الزرقاوي كما يصفه مؤرخو القاعدة. كانا صديقي طفولة في الرزقاء شمال العاصمة الأردنية عمّان. وأُلقي القبض عليهما معاً في قضية “بيعة الإمام”، وانتقلا إلى أفغانستان معاً وأسسا هناك معسكر الزرقاوي في هيرات. وعندما أرسل أسامة بن لادن سيف العدل ليتحدث مع الزرقاوي ويضمّه إلى جماعته ويموّل معسكره، كان الحديث يتمّ مع العاروري. ونعلم من العريدي أن العاروري كان نائباً للزرقاوي مع بداية ظهور القاعدة في العراق، وأن له”نسب قرشي يعود نسبه إلى عمر بن الخطاب.”  

وعليه فإن وجود العاروري في صفّ البغدادي لا شك كان سيسبغ “شرعية” معتبرة على موقعه بين الجهاديين. لكن العاروري رفض عروض البغدادي. بل يزيد العريدي أن العاروري كان يفكر في “تشكيل سرية لتصفية رؤوس الإجرام من جماعة الدولة التي كانت تقطع طريق المسلمين في منطقة عقيربات وما حولها.” وهنا يحاول العاروري أن يرد على اتهامات هيئة تحرير الشام بأن حرّاس الدين مغالين وتكفيريين لا يختلفون في ذلك عن داعش. 

رمضان الأخير

ومعلومة أخرى نعرفها من رثاء العريدي هي أن العاروري كان ينتظر وفاته. يروي العريدي أنه قبل رمضان رآه في المنام يلاقي الزرقاوي فروى له ما رأى فقال: “يعني بشرى أنها قربت -بإذن الله- فتبسمت وقلت له: لعلها!” وفي واقع الأمر، كان العاروري حذراً في تنقله. فقد نجا من ثلاث محاولات اغتيال كما ورد في أحد الحسابات على التلغرام التي توثق لإدلب وهيئة تحرير الشام. في إحدى هذه المحاولات أصيبت زوجته. 

لكن الاشتباكات مع هيئة تحرير الشام كانت تضطره إلى الخروج على العلن. في رمضان، تدخل العاروري لحل المواجهة مع الهيئة في عرب سعيد على خلفية اتهام بـ”الاحتطاب.” وفي هذه المرة التي قُتل فيها، كان ذاهباً لملاقاة قادة عسكريين في غرفة عمليات فاثبتوا حديثة الولادة. في وسط مدينة إدلب، حي ضبيط، استهدفت الطائرة المسيرة المركبة التي كان يستقلها مع بلال الصنعاني. ويبدو أنه بقي ثمانية أيام على قيد الحياة في العناية المركزة قبل أن يُعلن حراس الدين وفاته. 

مصدر الصورة: حسابات جهادية على التليغرام

للمزيد: هيئة تحرير الشام المستفيد الأكبر من قتل العاروري والصنعاني