أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (Center for global policy)

رغم هزيمة تنظيم داعش إقليمياً في مارس 2019، فقد نجح هذا التنظيم وظل ذا صلة بالأحداث عن طريق التحول من دولة كبيرة إلى كيان متمرد واتباع نهج محلي، يحتفظ بالقدرة على شن هجمات إرهابية عابرة للقارات.

في الأشهر القليلة الماضية، أثبتت أعمال داعش في العراق مرونتها وحيويتها، حيث مازال التنظيم يحتفظ بحرية كبيرة في العمل بكل من المناطق الريفية والحضرية. كما أظهر أنه يدرك بيئته ويستغل الاقتتال السياسي العراقي والضعف الاقتصادي والبيئة الأمنية الهشة بذكاء.

تمكن داعش من استغلال التطورات الأخيرة في العراق كفرص عملياتية كبيرة: احتجاجات عامة واسعة النطاق منذ أكتوبر، واستقالة الحكومة والركود السياسي الذي أعقبها، والاقتتال الداخلي حول مقتل زعيم الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، وانسحاب القوات الأمريكية من العراق. انتهز التنظيم الإرهابي الفرصة لشن هجمات في ديالى وصلاح الدين ونينوى وكركوك وشمال بغداد. وبشكل ملحوظ، قامت مجموعات صغيرة من تسعة إلى 11 رجلاً بتنفيذ الهجمات مستغلين انشغال قوات الأمن باعادة الانتشار في وسط وجنوب العراق لاحتواء الاحتجاجات المناهضة للحكومة.

هشام الهاشمي: داعش يشن حرب استنزاف في العراق

هذا العام، واصل تنظيم داعش أيضاً استهداف مليشيات الحشد الشعبي غرب صلاح الدين وشمال شرق ديالى. وفي الشهرين الماضيين، تبنى منهجاً جديداً لتفعيل الخلايا النائمة المستقلة لتنفيذ هجمات في المناطق الريفية جنوب سامراء وشمال بغداد. هذه الأعمال تظهر أنه بينما ترك داعش مقاتلين كافيين في الموصل لزيادة تكلفة التحرير قدر الإمكان، إلا أنه حافظ أيضًا على المقاتلين الأكثر خبرة ويستخدمه في أعماله الحالية. يجب أن تتبنى استراتيجية محاربة داعش نفس المحلية، مع التركيز على إعادة توطين السكان، والتعبئة المحلية، وتحسين التنسيق بين قوات الأمن المحلية والمركزية.

العوامل المتحكمة في مناطق عمليات داعش

يميل التركيز الجغرافي لداعش إلى أن يتشكل بمعيار أو أكثر من المعايير التالية:

  1. العامل الأول هو الكسب المادي. لهذا السبب يستهدف تنظيم داعش مناطق في الغرب المتاخم لسوريا والشرق المتاخم لإيران لهذا السبب. ويستهدف الطرق السريعة التي تربط المحافظات الغربية والشمالية والشرقية أو تعمل كطرق للتجارة وشاحنات النفط والغاز وخطوط أنابيب الطاقة وشبكات الكهرباء وشبكات الاتصالات والإنترنت.
  2. العامل الثاني هو العمق الاستراتيجي والملاذ الآمن حيث يركز داعش على احتلال القرى المهجورة شمال ووسط العراق حيث تجعل الحواجز الجغرافية الطبيعية والتضاريس – مثل الوديان والجبال والصحاري والمناطق الريفية – من العمليات العسكرية التقليدية صعبة. هنا يمكن استخدام الكهوف والأنفاق والمعسكرات للتدريب والتهرب من المراقبة والتجسس وعمليات العدو.
  3. العامل الثالث هو البيئة المستهدفة المحددة حيث يستهدف التنظيم الإرهابي مناطق الحزام المحيطة بالمدن والقرى الكبيرة التي تميل إلى أن يكون لها حضور مكثف للقوات المسلحة، والقوات المحلية، والمسؤولين على مستوى منخفض الذين تعاونوا مع الحكومة لطرد داعش بين عامي 2014 و 2017. هذه المناطق غير مستقرة بطبيعتها بسبب الاحتكاك بين قوات الدفاع الذاتي والقوى المحلية الأخرى من جهة ، وقوات الحشد الشعبي غير الموالية من جهة أخرى.
داعش خطر باق.. التنظيم يغير استراتيجيته ويحاول العودة من جديد بالعراق

مصدر الصورة: Center for global policy

خطط وعمليات داعش

تشير عمليات تنظيم داعش إلى ثلاث أولويات استراتيجية محتملة:

  • الأولى هو كسر معنويات قوات العشائر السنية الموالية للحكومة والمسؤولين المحليين.
  • الأولوية الثانية لداعش هي إرساء حرية المناورة والعمل في المناطق الخالية والقرى المهجورة مع التعدي على الأحزمة الريفية حول المدن، بما في ذلك حزام بغداد وضواحي تكريت وسامراء والموصل وكركوك.
  • الأولوية الثالثة لداعش هي إعاقة رجوع الحياة الطبيعية، بما في ذلك الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار في المناطق المحررة، وإعادة بناء اقتصاداتها، وإعادة توطين النازحين، كشكل من أشكال الانتقام من المجتمعات التي رفضت وطردت داعش. كما أن تنظيم داعش مصمم على منع الأحزاب والجماعات السياسية من الاعتماد على الذات في إدارة مدنهم. التعايش الطائفي هو عنصر آخر للإستقرار، وبالتالي هدف أساسي لداعش.

حرب استنزاف

يركز تنظيم داعش في حربه على مناطق محددة تحقق له انتصارات خاطفة للأسباب التالية:

الابتزاز، إعادة تنشيط الخلايا النائمة، التحريض على الفتنة الطائفية بين السنة والشيعة، التعدي على المخيمات التي يُحتجز فيها أفراد عائلة داعش وإطلاق سراحهم في نهاية المطاف الانتقام من السكان السنة الذين يتعاونون مع قوات الحشد الشعبي.

داعش خطر باق.. التنظيم يغير استراتيجيته ويحاول العودة من جديد بالعراق

مصدر الصورة: Center for global policy

إذا أعاد تنظيم داعش تواجده في بعض المناطق، لا سيما جنوب كركوك، وشمال شرق ديالى، وشرق صلاح الدين، فإن ذلك يمكن أن يسهل مرة أخرى توسعه جنوب سامراء وشمال بغداد، الأمر الذي سيسمح له بالوصول إلى الطرق الرئيسية التي تربط المحافظات العراقية. وهذا بدوره سيمكن لوجستيات داعش وتنقلها، وخاصة توريد الأسلحة والذخائر التي يتم الحصول عليها من خلال الوصول إلى مناطق مختلفة في العراق. تؤكد التقارير الأمنية، التي شاهدها المؤلف الخبير في الجماعات الإرهابية هشام الهاشمي، بالفعل حركة أسلحة وذخائر ودوريات داعش من الشرق إلى الغرب، والعكس صحيح.

كما أن الحصول على موطئ قدم في المناطق الريفية المحيطة بالمدن هو هدف أساسي لقيادة داعش، ولا سيما حول بغداد وتلعفر والقياره وبيجي والحويجة وشرقات وتكريت والفلوجة والمقدادية. وهذا سيسمح للمجموعة باستهداف الشاحنات التجارية وناقلات الوقود وقوافل قوات الأمن والمجموعات السياحية التي تتحرك بين العراق وإيران وخطوط الكهرباء وخطوط الإنترنت وأبراج الاتصالات.

داعش خطر باق.. التنظيم يغير استراتيجيته ويحاول العودة من جديد بالعراق

مصدر الصورة: Center for global policy

الوسائل غير العسكرية والاستراتيجية الإعلامية الجديدة

من حيث الدعاية، تظل العملية الإعلامية لداعش نشطة (وإن كانت بمعدل مخفض) عبر منصات مختلفة مثل تويتر ويوتيوب، على الرغم من أن تليغرام لا يزال منصته الرئيسية. يواجه تنظيم داعش عقبات خطيرة على هذه الجبهة، بما في ذلك اتخاذ تدابير بواسطة منصات لحذف المحتوى المتطرف وإغلاق المواقع والصفحات المرتبطة بالجماعات المتطرفة؛ وانخفاض التمويل لدعم العمليات الإعلامية؛ وفقدان العديد من الأعضاء ذوي المهارات الإعلامية المهنية من خلال الهجر والاستهداف المباشر والهزيمة العسكرية.

لكن في أبريل 2020، أصبح من الواضح أن الذراع الإعلامية لداعش يمكن أن تستمر بالاعتماد على ثروة من موارد التكنولوجيا والخطب والبيانات والمواد المتعلقة بالتجنيد والتمويل والتدريب والتخفي والتكتيكات القتالية وصنع القنابل. بالإضافة إلى ذلك ، في فبراير 2020، كانت هناك زيادة كبيرة في كمية ونوعية الخطاب الإعلامي الذي قدمته منافذ الوسائط المتعددة مثل الفرقان وأفاق وصحيفة النبأ الأسبوعية. بالإضافة إلى ذلك، بعد غياب دام أربعة أشهر، عادت شبكات إعلام داعش إلى استغلال منصات التواصل الاجتماعي الشعبية.

اقرأ المزيد:

هيومن رايتس ووتش: داعش ألقى جثثا بحفرة كبيرة شمال شرق سوريا