أخبار الآن | إدلب – سوريا

شهدت مُخيمات النزوح في الآونة الأخيرة، اكتظاظًا سكّانيًا كبيرًا لاسيما بعد الحملات العسكرية التي بدأتها قوّات النظام والميليشيات المساندة له على مناطق أرياف إدلب وحماة في بداية شباط/ فبراير العام الماضي، وأدت الى خلق أزمة إنسانية كبيرة بفعل هجمات النظام وحملات التهجير ونقص المُساعدات الإنسانية وانعدام توفر مراكز الإيواء.

 

لم تتوقف قوّات النظام منذ ذاك الحين عن شنّ هجماتها على المناطق التي ذُكرت آنفًا، بل استأنفت عملياتها العسكرية مدعومة بقوّات روسية واخرى ايرانية، وقضمت المزيد من المناطق وهجّرت سكّانها الى عمق المناطق المحاذية للحدود السورية التركية في ريفي إدلب وحلب الشمالي، حيث باتت تلك المناطق مُمتلئة بالتجمعات العشوائية والمُخيمات التي أُنشأت حديثًا، والتي وصل عدد قاطنيها من النزوح الجديد الى أكثر من مليون ونصف نازح بحسب إحصائية صدرت سابقًا عن فريق “منسقو الاستجابة شمال سوريا”.

النازحون في إدلب بين مطرقة الإجراءات الإحترازية لكورونا وسندان الدخل المحدود

وفي هذا الشأن، قال محمد حلّاج مدير الاستجابة في الشمال السوري لمراسل “تطبيق خبِّر” الميداني في إدلب “محمد العمر”: إن “الفريق الميداني في “منسقو الاستجابة”، وثق خلال عام 2019 نزوح 1.600.000 مدني ما يعادل 40 بالمائة من سكّان شمال غرب سوريا، وذلك خلال الحملتين العسكريتين التي بدأت فيها قوات النظام حملتها الأولى في شباط/ فبراير 2019، والحملة الثانية في تشرين الثاني/ نوفمبر في ذات العام، لافتًا إلى أن “حملة النزوح الأخيرة جلّها من منطقة معرة النعمان وقرى جبل الزاوية جنوبيّ إدلب”.

النازحون في إدلب بين مطرقة الإجراءات الإحترازية لكورونا وسندان الدخل المحدود

وعن الأوضاع الإنسانية التي يُعانيها النازحون وآخر إحصائية ميدانية صدرت عن الفريق ذاته، أشار حلّاج الى أن مُعظم النازحين في المخيمات يُعانون من أوضاع إنسانية مأساوية، ويفتقرون لأدنى أساسيات الحياة لاسيما مُعاناة فصل الشتاء الذي يحمل معه برداً قاسياً ورياحاً شديدة، إضافة الى محاولات إغلاق المعابر وتعطيل قرار مجلس الأمن القاضي بإدخال المساعدات الإنسانية، مُبينًا “أن نسبة العجز في خطة الاستجابة بلغت 47.1 بالمئة لعام 2019”.

ولفت حلّاج النظر في حديثه الى “وجود 1259 مخيم يقطنه 1.022.219 نسمة، من بين هذه المخيمات نحو 348 تجمعًا عشوائيًا يقطنه 181000 نسمة، من ضمنهم أعداد ضئيلة جدًا عادت الى قراها خلال الفترة الماضية”.

النازحون في إدلب بين مطرقة الإجراءات الإحترازية لكورونا وسندان الدخل المحدود

وفي ذات السياق، قال وائل أبو الجود مدير “مخيم الصفصافة”، في ريف مدينة سلقين لمراسل “تطبيق خبِّر” الميداني في إدلب “محمد العمر”: إن “عدد قاطني المخيم يبلغ أكثر من 480 عائلة ما يقارب 3 آلاف نسمة، ويُشكّل الشباب نسبة 45 بالمائة من إجمالي عدد الأهالي، ومعظمهم عاطلين عن العمل أو ينحصر عمل بعضهم على قطاف ثمار الزيتون في موسمه”.

وأشار أبو الجود الى أن “المخيم لم يتلقى منذ عام أي دعم من قبل المنظمات الإنسانية العاملة في المنطقة، سوى أن هناك سلة اغاثية صغيرة يتلقاها الأهالي بين الحين والأخر من قبل وزارة التنمية في حكومة الإنقاذ”.

النازحون في إدلب بين مطرقة الإجراءات الإحترازية لكورونا وسندان الدخل المحدود

لم تكن هذه الظروف وحدها ما يثقل كاهل السوريين في المخيمات، خصوصًا لمن يحاول جاهدًا تأمين قوت يوم عائلته من خلال عمل، فالدعوات لعدم الخروج من المنزل والالتزام فيه، تفاديًا للإصابة بفيروس كورونا covid_19 هي الأخرى سببًا في زيادة الشقاء لديهم، فليس لهم دخل شهري للعيش لكي يبقوا في خيامهم، كما ويعتبر عدم الذهاب للعمل بمثابة انتحار لأسر كاملة في ظل غياب المعيل والمساعدات الإنسانية، حيث أن اسرهم ستبقى دون دواء أو غذاء، وطالما ترددت كلمات في المخيمات وتعالت الأصوات بها ان لم نعمل ستكون خيامنا قبراً لنا ولأولادنا”.

النازحون في إدلب بين مطرقة الإجراءات الإحترازية لكورونا وسندان الدخل المحدود

يقول أسعد وهو نازح من ريف إدلب الجنوبي ومُقيم في مخيم دير حسان شماليّ إدلب لمراسل “تطبيق خبِّر” الميداني في إدلب “محمد العمر”: “بعد مرار التهجير وعناء طويل في البحث عن مكان أسكنه وعائلتي، حصلت على خيمة صغيرة أسكنها وعائلتي المؤلفة من أربعة أشخاص، الأمر لا يقتصر فقط على السكن، وإنما العمل لأسد فيه رمق عيش عائلتي، لافتًا الى أنه يذهب في كل صباح باكر للبحث عن عمل وبأجر زهيد ليعيل به اسرته، فالمنظمات غير قادرة على تأمين المستلزمات الأساسية، وهو غير قادر على الالتزام في المنزل في حال تفشى الفيروس في المناطق المحررة، لسوء أحواله المعيشية”.

النازحون في إدلب بين مطرقة الإجراءات الإحترازية لكورونا وسندان الدخل المحدود

وتساءل أحمد في حديثه أنه في حال تفشي الفيروس في المنطقة، “من سوف يُعيل اسرته إن توقف عن العمل، هل سيموتون جوعًا، ماذا سوف يحل بهم، واستأنف قائلًا “تعيش عائلتي على راتبي المتواضع الذي اتلقاه لقاء عملي، بالإضافة الى المساعدات الإنسانية التي تأتينا بين الحين والآخر، ولربما أن الموت بفيروس كورونا أهون عليِّ من أن ارى أولادي جياع”.

إن غياب المنظمات الإنسانية وعدم قدرتها على تأمين أبسط احتياجات النازحين من (غذاء، ودواء، وخدمات اخرى أساسية)، يجعل من المخيمات قنبلة موقوتة في حال تم تسجل أي إصابة بفيروس كورونا ففي المخيمات لا يمكن اتخاذ أدنى إجراءات الوقاية في ظل أوضاع مأساوية.

 للمزيد:

مدرب وبطل دولي في كمال الأجسام يخدم ذوي الإحتياجات الخاصة مجاناً في إدلب

مسجد “الزاوية” الأثري بريف إدلب بلا أذان ولا مصلين.. والسبب النظام السوري