أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (غيث حدادين)

نشرت صحيفة “تلغراف” تسريبات لاتصالات صوتية لمقاتلين تابعين لقائد “فيلق القدس” المقتول قاسم سليماني، على إحدى جبهات القتال في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، آخر معاقل المعارضة السورية.

وتكشف التسجيلات النادرة كيف يوجه الجنود الإيرانيون والمرتزقة الأفغان العمليات العسكرية في إدلب، في معركة وعدوا بعدم المشاركة فيها خلال محادثات السلام في أستانة وسوتشي.

وقال قائد ميليشيا “فاطميون”، وهي ميليشيا شيعية أفغانية تقاتل تحت مظلة “فيلق القدس”، الأسبوع الماضي إنه قبل وفاته كان سليماني أصدر تعليمات لاستراتيجية الميليشيا للسنوات الخمس المقبلة، وأن اغتياله لن يسبب أي “اضطرابات”.

وقالت الصحيفة إن هذا يشير إلى أن “الميليشيات في إدلب موجودة هناك بقيادة سليماني وتنفذ خططه”.

وقامت مجموعة “ماكرو ميديا سنتر” (مجموعة مستقلة) بتمرير التسريبات إلى “تلغراف” بعد أخذها من إحدى المراصد المحلية على الأرض، والذي التقط الموجات اللاسلكية للميليشيا.

وكانت نفس المجموعة، قامت العام الماضي، بمشاركة اتصالات لاسلكية لطيارين روس، مع صحيفة “نيويورك تايمز”، والتي بدورها استخدمتها لإظهار كيف كانت القوات الموالية للنظام السوري تقصف عمداً المستشفيات في معقل المعارضة.

ومحافظة إدلب البالغ عدد سكانها حوالى 3.5 مليون نسمة واقعة تحت سيطرة “هيئة تحرير الشام” (النصرة سابقاً) وغيرها من الفصائل الأكثر اعتدالاً، وتتعرض للضربات يومياً بواسطة النظام والروس، ما أسفر عن نزوح حوالى نصف مليون شخص ويهدد بأن تصبح أسوأ أزمة إنسانية في الحرب السوري.

وقالت الصحيفة إن الجزء الكبير من التسريبات يعود لشهري أيلول (سبتمبر) وتشرين الثاني (نوفمبر) 2019، وذلك بعد اكتشاف تردد الراديو الإيراني، ولكن بعضها يعود لأواخر الأسبوع الماضي.

وأوضحت الصحيفة أن تلك الميليشيات جاءت من قاعدة مؤقتة في بلدة التمانعة التي تتبع معرة النعمان في محافظة إدلب، على بعد كيلومترات من قواعدهم الموجودة في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة السورية في حلب وحمص.

وفي أحد التسجيلات، يُسمع مقاتل أفغاني يتحدث الفارسية يقول لآخر: “دعنا نذهب معاً نحو موقعهم الليلة، لنرى ما إذا كان طائراً أو ثعلباً”، وذلك باستخدام مسميات الحيوانات كرموز للأهداف.

وقال أحدهم ساخراً: “لا يمكنهم الدفاع عنها، حتى مع الكتيبة بأكملها”. وتابع: “سنذهب سراً وسنضرب ثم نأخذها، لن تكون هناك مشكلة كبيرة.”

ونقلت “تلغراف” عن أحد مقاتلي المعارضة في إدلب قوله إن يقدر أعداد مقاتلي الميليشيات الإيرانية بأربعمئة مقاتل، فيما قال آخرون إن العدد يصل إلى 800 مقاتل.

وقال أبو حمزة، وهو قائد ميداني في “الجبهة الوطنية للتحرير” إحدى فصائل المعارضة: “يبدو أن الميليشيات الإيرانية تخفي وجودها عن عمد في إدلب، لكنها في الواقع موجودة هنا”. وأضاف “لديهم أسلحة ثقيلة واستخدموا المدفعية وقاذفات الصواريخ ضدنا في التمانعة وغيرها من المناطق.”

وأضاف أبو حمزة “إنهم يشاركون في القتال، لكنهم يقدمون أيضاً المساعدة العسكرية والتدريب للمقاتلين المحليين. كما يجلبون الخطباء الشيعة الإيرانيين واللبنانيين لتقديم التوجيه الديني للمقاتلين على الخطوط الأمامية”.

وضعفت قوات النظام السوري مع سنوات الحرب بسبب العدد الكبير من القتلى في صفوها بالإضافة إلى الانشقاقات. وشارك “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني، وكتائب “الفاطميين” التابعة لها، في معارك ضد المعارضة حول العاصمة دمشق وحلب ودير الزور في الشرق.

وقالت دارين خليفة، محللة سورية بارزة في المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات إنه “عادة ما تكون هناك حاجة إلى الإيرانيين كقوات قابضة”. وتابعت “إنهم أفضل في الدفع للأمام، وفي حرب العصابات”.

وأضافت أن “قوات النظام السوري ليست قوية أو منظمة إلى حد بعيد، خصوصاً الآن وعليها الاعتماد على مقاتلي المعارضة الذين تصالحوا مع النظام”.

وذكرت الصحيفة أن التسريبات الصوتية للمحادثات اللاسلكية بين مقاتلي الميليشيات “مليئة باللغة الطائفية”.

وقالت إليزابيث تسوركوف، من “برنامج الشرق الأوسط” في “معهد أبحاث السياسة الخارجية”: “يمكنك أن تعرف من التسجيلات لماذا قد يخاف الناس في إدلب”. وتابعت “إن ما تتضمنها (أي التسجيلات) ليس فقط تهديداً لحياة السكان المحليين في إدلب، ولكن أيضاً تهديداً لدينهم”.

مصدر الصورة: رويترز

للمزيد

مظاهرات في دير الزور ضد إيران والنظام السوري