أخبار الآن | بغداد – العراق (بيانات تحليلية – نسمة الحاج)

يقف العراق اليوم على عتبة تغير المشهد السياسي، بعد تحولات عدة شهدتها البلاد في الآونة الأخيرة، فبجانب استقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، وتلويح رئيس الجمهورية برهم صالح بتقديم الاستقالة في حال لم يتم انتخاب رئيس وزراء يتجاوب وتطلعات الشارع العراقي الثائر، تأتي إجازة البرلمان العراقي قانون الانتخابات الجديد بكل بنوده في الـ24 من شهر ديسمبر/ كانون الأول المنصرم،  والذي كان على رأس قائمة مطالب الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ويتيح القانون الجديد الترشح الفردي والدوائر المتعددة، مما يضمن صعود أجيال جديدة من الشباب إلى الساحة السياسية، ويساعد في تغيير الطبقة السياسية الحاكمة في البلاد.

قتلى وجرحى في تظاهرات العراق 

ولتوضيح الآلية التي سيعمل بها قانون الانتخابات الجديد، ألقى فريق “أخبار الآن” نظرة على الخارطة السياسية الحالية في العراق، إليكم أبرز التفاصيل:

يصنف المحللون السياسيون المخاطر والتهديدات التي تتعرض لها الدول إلى ثلاثة أنماط، الأول يتمثل في التهديدات الداخلية المحلية بمافي ذلك الفقر والبطالة والفساد الإداري واقتصار البلد على النفط كمصدر وحيد تقريبا للدخل، ثانياً التهديدات الخارجية المتمثلة في الصراع على الحدود والمناطق، أما النمط الثالث والذي يعد الأخطر والأشد فتكاً بالدول والمجتمعات، فهو معني بالتهديدات المركبة، التي تتشكل عند تلاقي مصالح وأهداف أطراف محلية بمطامع جهات أخرى خارجية، على حساب مصالح الدولة، وهذا هو ما يعانيه العراق، ولعل الأحداث التي شهدها العراق بداية العام الحالي، كشفت الكثير من تعقيد المشهد السياسي الحالي:

  • 11- 14 أبريل/ نيسان 2018: شن الجيش العراقي إلى جانب قوات التحالف عملية ضد خلايا داعش النشطة المنتشرة في الصحراء بالقرب من القائم والحدود السورية.
  • 7-11 يوليو/ تموز 2019: شن الجيش العراقي عملية تهدف إلى تطهير المناطق الصحراوية حول محافظة صلاح الدين ونينوى والأنبار، من خلايا داعش النائمة.
  • 20 سبتمبر/ أيلول 2019: أسفر عملية تفجيرية لحافلة صغيرة قرب كربلاء إلى مقتل 12 مدنياً، وأعلن تنظيم داعش مسؤوليته عنها في اليوم التالي، وتعد هذه أكبر عملية إرهابية استهدفت مدنيين منذ سقوط داعش في العراق في نهاية عام 2017.
  • 1 أكتوبر/ تشرين الأول 2019: اندلعت احتجاجات شعبية حاشدة في بغداد بسبب ارتفاع معدلات البطالة وسوء الخدمات الأساسية وفساد الدولة، لتمتد بعد ذلك جنوباً، وطالب الإيرانيون باستقالة رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي وبإنهاء النفوذ الإيراني في البلاد.
  • 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 – 1 ديسمبر/ كانون الأول 2019: شهد العراق أحد أكثر الأيام دموية منذ بدء الاحتجاجات الأخيرة في العراق انتهى بمقتل 44 شخصاً بعد أن فتحت قوات الأمن العراقية النار على المتظاهرين في الناصرية والنجف، كما قدم رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي استقالته، ووافق عليها البرلمان في الأول من ديسمبر/ كانون الأول.

تظاهرات تندد بالتدخل الإيراني في العراق

  • 23 ديسمبر/ كانون الأول 2019: وردت معلومات عن تنظيم داعش الإرهابي يعيد تنظيم صفوفه في جبال حمرين، وأن هنالك نشاط كبير متزايد لمقاتلي التنظيم في منطقة الدلتا بين نهر الزاب الكبير ونهر دجلة.
  • 27 ديسمبر/ كانون الأول 2019: قتل مقاول مدني أمريكي في هجوم صاروخي على قاعدة عسكرية بالقرب من كركوك، وأصيب آخرون بجروح طفيفة.
  • 30 ديسمبر/ كانون الأول 2019: شنت الولايات المتحدة غارات جوية على ميليشيا كتائب حزب الله العراقي رداً على مقتل متعاقد أمريكي في هجوم صاروخي على قاعدة عسكرية بالقرب من كركوك.
  • 31 ديسمبر/ كانون الأول 2019: هاجم متظاهرون عراقيون موالون للميليشيات الإيرانية السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء ببغداد.

من هو زعيم داعش الجديد؟ 

  • 3 يناير/ كانون الثاني 2020: استهدفت غارة أمريكية بطائرة دون طيار الجنرال الإيراني وقائد فيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني، على طريق مطار بغداد، برفقة نائب هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، مما أسفر عن مقتل كلاهما.
  • 5 يناير/ كانون الثاني 2020: أقر البرلمان العراقي قراراً يدعو الحكومة العراقية إلى إنهاء وجود القوات الأجنبية في العراق، وبدأ المسؤولون العراقيون بالعمل على تنفيذ العراق.
  • 8 يناير/ كانون الثاني 2020: شنت إيران غارة جوية بأكثر من 10 صواريخ باليستية على قاعدتين عسكريتين تستضيفان القوات الأمريكية في العراق، معلنة أنها شنت الهجمات انتقاماً لمقتل الجنرال الإيراني وقائد فيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني، واستهدفت الصواريخ التي أُطلقت من داخل إيران، قاعدة الأسد الجوية في محافظة الأنبار وقاعدة بالقرب من أربيل في إقليم كردستان.

ثانياً.. ما هو المشهد السياسي الحالي في العراق؟

الحزبية والطائفية.. مرضان ينخران في جسد العراق منذ زمن طويل

ما زال العراق بلا رئيس حكومة فعلي بعد استقالة عادل عبد المهدي أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، على وقع الحراك الشعبي الذي ما فت~ منذ الأول من أكتوبر/ تشرين الأول، يطالب بحكومة مستقلة بعيدة عن المحاصصة وانتخابات نيابية مبكرة، ولم تفلح الكتل النيابية حتى هذه اللحظة بتمرير اسم تتوافق عليه على وقع الضغوط الشعبية المتمسكة بتسمية مرشح بعيد عن الأحزاب السياسية، حيث شهدت الاحتجاجات في الأيام الأخيرة تصعيداً من المتظاهرين الذين عمدوا إلى قطع الطرقات في بغداد وعدد من المحافظات الجنوبية بعد انتهاء المهلة الدستورية لتكليف مرشح لرئاسة الوزراء.

ويرجع محللون سبب طول المدة إلى كثرة الأحزاب في العراق مما أصاب العملية السياسية بعقم، تجسد في هيمنة الأحزاب على المشهد السياسي ومحاولة استغلال أي حراك شعبي لتحقيق مكاسب لها، حيث يزيد عدد الأحزاب الموجودة حالياً في العراق عن 450 حزب.

وفي هذا السياق كشفت إحصائية أصدرتها مفوضية الانتخابات العراقية أن نحو 5% من هذه الأحزاب دينية وقومية ومناطقية، وتتشابه في الطروحات والأفكار، وتبدو في غالبها بحكم المنسوخة أو المكررة بين حزب وآخر.

وتجسد ذلك في الانتخابات التشريعية العراقية السابقة، والتي صادقت فيها المفوضية المستقلة العليا للانتخابات على 27 تحالفاً انتخابياً، تتكون من 143 حزباً سياسياً، بالإضافة إلى الأحزاب السياسية الأخرى التي لم تدخل في أي تحالف انتخابي لكن لا يزال يحق لها المشاركة بشكل منفرد، ومن أبرز التحالفات الانتخابية كان:

  • تحالف النصر والإصلاح بزعامة حيدر العبادي، ويضم عدد من القوى والشخصيات السياسية أهمها: كتلة الفضيلة، حركة مستقلون، تيار الإصلاح، كتلة عطاء، وزير الدفاع السابق خالد العبيدي.
  • ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، وانضم إليه عدد من الحركات والقوى والشخصيات السياسية منها: تيار الوسط برئاسة مستشار الأمن القومي العراقي السابق موفق الربيعي، حركة البشائر الشبابية، حزب دعاة الإسلام، وكتلة معاً للقانون.
  • تحالف الفتح المتكون من الأجنحة السياسية للفصائل المسلحة برئاسة رئيس منظمة بدر هادي العامري، وشاركت فيه أيضاً ميليشيات عصائب أهل الحلق، وميليشيا كتائب حزب الله العراقي، وكتائب الإمام علي.
  • تحالف سائرون للإصلاح الذي يضم التيار الصدري المتجسد في حزب الاستقامة بزعامة مقدتى الصدر، بالإضافة إلى الحزب الشيوعي العراقي وحزب الدولة العادلة والشباب للتغيير وأحزاب أخرى.
  • ائتلاف الوطنية الذي يضم شخصيات سياسية بارزة بما في ذلك رئيس الوزراء السابق إياد علاوي، ورئيس مجلس النواب العراقي السابق سليم الجبوري الذي أسس حزب التجمع المدني للإصلاح.
  • تحالف القرار العراقي بزعامة رئيس البرلمان السابق أسامة النجيفي، وحركة المشروع العربي بزعامة رجل الأعمال خميس الخنجر، وعدد من الشخصيات التابعة للطائفة السنية.
  • تحالف الوطن الذي يضم حركة الديموقراطية والعدالة برئاسة الرئيس العراقي المستقيل برهم صالح، وحركة التغيير والجماعة الإسلامية.
  • تحالف الرافدين المتكون من قوى وحركات سياسية مسيحية وآشورية وكلدانية تهدف لأن تقوم بتمثيل المسيحيين في محافظات بغداد ونينوى وكركوك.

التدخل الإيراني في العراق المتجسد في قاسم سليماني ودوره في تغذية الأزمة العراقية السياسية

وفي هذا السياق، تحدث رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية د. واثق الهاشمي في حوار خاص مع “أخبار الآن” عن دور الحزبية والطائفية في تصعيد الأزمة العراقية السياسية على مدى السنين الماضية، حيث أكد الهاشمي، أن وجود أكثر من 450 حزب على بلد حديث الديموقراطية ساهم في تفككه وتغذية الخطاب الطائفي والحزبي، مشيراً إلى أن قانون الأحزاب العراقي الذي وصفه البرلمان عندما تم إقراره بأنه “قانوناً مكملاً للدستور ينظم الحياة السياسية” نسبة لأنه معني بآلية عمل الأحزاب، على حد قول الهاشمي، يحتاج إلى كثير من التعديلات، حيث أنه يسمح إلى أي شخص ذو أموال ونفوذ وسجل جنائي وسياسي نظيف بتكوين حزب، مما تسبب في خلق فوضى عارمة في البلاد، وأصبحت الأحزاب نسخاً عن بعضها البعض، وتفتقر إلى الأيديولجية والفكر، وتهدف فقط إلى التحصل على مقاعد في البرلمان لتحقيق مصالح وأهداف زعمائها، لا لمصلحة العراق.

 

اقرأ المزيد:

عادل عبدالمهدي: العراق في حالة إقليمية ودولية معقدة