أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (بيانات تحليلية – نسمة الحاج)

منذ انطلاق شرارة الثورة السورية في مهدها في منطقة درعا، وبداية من 1 إبريل/نيسان 2011، انتفضت معظم قرى محافظة إدلب، منها قرى جبل الزاوية ومعرة النعمان وجسر الشغور وخان شيخون وجرجناز، وقرى شرق المعرة وبنش وتفتناز وكفر تخاريم، بالإضافة لإدلب المدينة وغيرها من المناطق، وهكذا استمرت الأوضاع، مظاهرات مستمرة مناهضة لنظام الأسد.

تحولات إدلب في السنوات الأخيرة

(Photo by Mohammad Karkas/Anadolu Agency/Getty Images)

  • تطورت الأحداث بعدها في إدلب لتشهد مجزرة جسر الشغور في يونيو 2011 بين قوات المعارضة وجيش النظام، نتج عنها نزوح آلاف أهالي المنطقة إلى تركيا وظهور حركة الانشقاق عن جيش النظام (الجيش الحر).
تحولات إدلب في السنوات الأخيرة

(Photo by Firas Taki/Anadolu Agency/Getty Images)

  • بعد ذلك اقتحم جيش النظام مناطق في إدلب وانتشر فيها، وتبع الاقتحام ضربات قوية على بعض المناطق أدت إلى حدوث مجازر راح ضحاياها مئات المدنيون مثل مجزرة كنصفرة وكفر عويد.
  • خاض النظام السوري عدة معارك دامية في إدلب، أحدثت نقلات نوعية في الثورة السورية بسبب الانشقاقات الكبيرة التي حصلت في المحافظة بجانب حدود المحافظة مع تركيا واتساع رقعة المحافظة على شكل قرى متناثرة وريف واسع، مما صعب على النظام فرض سيطرته عليها.
تحولات إدلب في السنوات الأخيرة

(Photo by Salih Mahmud Leyla/Anadolu Agency/Getty Images)

صراع الفصائل:

  • في 32 مارس/آذار ،2015 أعلن جيش الفتح (ائتلاف عدة فصائل تابعة للمعارضة، تفكك لاحقاً) عن معركة بهدف احتلال إدلب، وبعد خمسة أيام استطاع السيطرة على كامل المدينة، وكانت ثاني مركز محافظة بعد الرقة تخرج عن سيطرة النظام.
  • في 25 أبريل/نيسان 2015، أكد جيش الفتح سيطرته الكاملة على جسر الشغور بريف إدلب الغربي، وهي بوابة المحافظة إلى اللاذقية (معقل النظام السوري)، وكان ذلك بعد ثلاثة أيام من المعارك.
تحولات إدلب في السنوات الأخيرة

(Photo by Rasheed Hababa/Anadolu Agency/Getty Images)

  • في 9 سبتمبر/أيلول 2015، أكد جيش الفتح إحكام سيطرته على إدلب بالكامل ريفاً ومدينة، جاء ذلك بعد سيطرته على مطار أبو الظهور العسكري بريف إدلب الشرقي الذي كان يشكل آخر معاقل النظام في المحافظة.
  • في نهاية 2015، دخلت فصائل المعارضة المسلحة في إدلب فصلاً جديداً اُعتبر هو نهاية شهر العسل لائتلاف جيش الفتح. من أبرز الأحداث التي شهدتها المحافظة خلال هذه الفترة:

ــ  إنكفاء جيش الفتح عن تحقيق الانتصارات بعد فكه الحصار عن حلب مرتين، كما انكفأ عن معارك الساحل وتهديده لأهم معاقل النظام السوري.

ــ  بدء جيش الفتح بالتفكك بعد إعلان فصيل جند الأقصى انسحابه منه، واتهام بقية الفصائل له بانتمائه لداعش، وانتهى المطاف بجند الأقصى لاستئصاله في إدلب، والسماح لبقية عناصره بالذهاب إلى مناطق المحتلة من قبل تنظيم داعش.

ــ  نهاية وجود جيش الفتح بعد إعلان هيئة تحرير الشام عن تشكيل إدارة مدنية لإدلب وإنهاء إدارة جيش الفتح لها.

ــ  مواجهات بين جبهة فتح الشام (النصرة سابقاً، وقادة ائتلاف هيئة تحرير الشام حالياً) وفصائل المعارضة المسلحة التي خرجت من حلب، انتهت بانصهار عدد منها في فصيل أحرار الشام.

تحولات إدلب في السنوات الأخيرة

(Photo by Firas Taki/Anadolu Agency/Getty Images)

  • شهدت أيضا الفترة التي أعقبت خروج المعارضة من شرق حلب، تفكك أقوى فصائل المعارضة، وهي حركة أحرار الشام، عندما انشقت قوة ضاربة فيها منضوية تحت اسم “جيش الأحرار” وانضمت إلى هيئة تحرير الشام التي شكلتها جبهة فتح الشام.
  • شهدت أيضا تلك الفترة مواجهات بين هيئة تحرير الشام وحركة أحرار الشام، انتهت إلى إضعاف الحركة أكثر وأكثر وإيصالها إلى أسوأ حالاتها.
  • سيطرت هيئة تحرير الشام على معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا والمناطق المحيطة به بعد مواجهات مع حركة أحرار الشام.
تحولات إدلب في السنوات الأخيرة

(Photo by Salih Mahmud Leyla/Anadolu Agency/Getty Images)

ويمكن إجمال خريطة الاحتلال العسكري في إدلب في ذلك الوقت بالشكل التالي:

ــ  فصائل الجيش الحر تسيطر على سراقب ومعرة النعمان وقسم من جبل الزاوية.

ــ  هيئة تحرير الشام تسيطر على مدينة إدلب والمعبر والمناطق المحيطة به، وعلى خان شيخون وأريحا وجسر الشغور، والريف الشمالي والقسم الأكبر من الريف الجنوبي.

تحولات إدلب في السنوات الأخيرة

(Photo by Stringer/Anadolu Agency/Getty Images)

الاشتباكات بين هيئة تحرير الشام/النصرة سابقاً وتنظيم داعش في محافظة إدلب:

  • في أواخر عام 2013، انخرطت فصائل تابعة لهيئة تحرير الشام، في مواجهات ضد تنظيم داعش.
  • في فبراير/شباط 2014، هدد الجولاني ببدء الحرب مع داعش في حال واصل التنظيم عمليات اغتياله لكبار قادة أحرار الشام مثل القائد أبو خالد الصوري.
  • زاد الجولاني ضغطه ومنح داعش مهلة 5 أيام لتقديم أدلة تبرئ مقاتليه من محاولات اغتيال قادته المتكررة.
تحولات إدلب في السنوات الأخيرة

(Photo by Muhammed Resit/Anadolu Agency/Getty Images)

  • في 16 أبريل/نيسان 2014، اغتيل أبو محمد الأنصاري، أحد قادة جبهة النصرة/تحرير الشام في محافظة إدلب، على يد تنظيم داعش.
  • نتيجة لذلك اندلع قتال عنيف بين التنظيمين في مناطق مختلفة، سقط نتيجته مئات القتلى من الطرفين.
  • في مارس/آذار 2015، كانت جبهة النصرة/تحرير الشام قد فرضت سيطرتها التامة على مدينة إدلب.
  • في أواخر 2017، تمكن مقاتلو داعش من استعادة أراض في محافظة إدلب، وسيطروا على قرية باشكون بعد اشتباكات مع الهيئة، وأعاد احتلال قرية باشكون التنظيم إلى إدلب مجدداً بعد مرور سنوات من طردهم من المنطقة، ويرجع محللون أسباب نجاحهم في التقدم مرة أخرى إلى انشغال فصائل المعارضة بصد هجمات النظام براً وجواً، بجانب الصراعات المحتدمة الدائرة بين الفصائل الموجودة في الصورة في ذلك الوقت.
تحولات إدلب في السنوات الأخيرة

(Photo by Salih Mahmud Leyla/Anadolu Agency/Getty Images)

  • تجدد بذلك القتال في إدلب مرة أخرى، وعادت الاشتباكات ما بين جبهة النصرة وتنظيم داعش من جهة وقوات النظام من جهة أخرى.
  • انتهت الاشتباكات بانتصار هيئة تحرير الشام التي فرضت سيطرتها التامة على إدلب، وقامت بتثبيت نقاط السيطرة وتعزيز الحواجز ونشر مئات من عناصرها في شوارع المدينة لتصبح بذلك المقر الرئيسي للهيئة، وجاء ذلك بعد أن قام عناصر التنظيم برفع راية الاستسلام لتصبح المحافظة بأكملها خالية من التنظيم.
تحولات إدلب في السنوات الأخيرة

(Photo by Firas Taki/Anadolu Agency/Getty Images)

ما هي الخطوة التالية بالنسبة لهيئة تحرير الشام؟

  • في مارس/آذار2018، تعرضت هيئة تحرير الشام إلى ضربة كادت أن تطيح بها بقيادة جبهة تحرير سوريا (أحرار الشام والزنكي)، حيث اضطرتها للانسحاب من معظم مواقعها في ريف حلب الغربي وريف إدلب الشمالي والجنوبي، إلى أن استعادت هذه المناطق بهجوم معاكس وتم إعلان هدنة بعد شهرين من الاشتباكات ونجحت الهيئة في إعادة فرض سيطرتها مجدداً.
  • بعد هزيمة الفصائل الجهادية الأخرى وطردها من المحافظة أصبحت هيئة تحرير الشام الفصيل المسيطر على الشمال الغربي الذي يشمل إدلب وريفها وريف حماة الشمالي، وقامت بإعادة طرح نفسها كـ”حكومة إنقاذ” كبديل عن الحكومة المؤقتة والمجالس المحلية.
تحولات إدلب في السنوات الأخيرة

(Photo by Sefa Karacan/Anadolu Agency/Getty Images)

  • في 17 سبتمبر/أيلول 2018، تم الإعلان عن اتفاق سوتشي حول إدلب بين الرئيسين التركي والروسي، يقضي بإنشاء منطقة منزوعة السلاح في محافظة إدلب، لتجنب الحرب في تلك المحافظة التي يبلغ عدد سكانها في الوقت الراهن ثلاثة ملايين نسمة.
  • ولأن الاتفاق لم ينص على حل هيئة تحرير الشام، قامت الهيئة باستغلال هذه النقطة وتثبيت سيطرتها على إدلب باستكمال بناء شبكتها بشكل مؤسس أمنياً واقتصادياً عبر فكرة “حكومة الإنقاذ”. كما استأنفت حربها ضد الجبهة الوطنية للتحرير لتمنع من تشكيل سلطة منافسة في المنطقة وركزت هجماتها ضد حركة الزنكي وتوسعت في مناطق مختلفة مثل سهل الغاب وجبل الزاوية وريف إدلب الشمالي.
  • في 10 يناير/كانون الثاني 2019، تم توقيع اتفاقية بين الجبهة الوطنية للتحرير وهيئة تحرير الشام تنص على وقف إطلاق النار، ونص الاتفاق على فرض حكومة الإنقاذ وخروج من يرغب من المقاتلين وبقاء الفصائل في مواقعها، وبناء عليه أعلنت هيئة تحرير الشام في بيان انتصار أن جميع مناطق إدلب وريف حماة أصبحت تتبع لحكومة الإنقاذ.
تحولات إدلب في السنوات الأخيرة

(Photo by Muhammed Said/Anadolu Agency via Getty Images)

  • تبع ذلك الحملة العسكرية الروسية، التي تمكنت من خلالها القوات الروسية وقوات النظام من احتلال طوق ريف حماة الشمالي بالكامل مع وصولها إلى مدينة خان شيخون.
  • انطلق بعد ذلك حراكاً شعبياً مناهضاً للهيئة والجولاني و”حكومة الإنقاذ” لأسباب عدة منها قرارات تقنين ساعات الكهرباء من قبل حكومة الإنقاذ مع رفع الضرائب، وتفاقم أزمة النازحين والمهجرين، وخروج عدد من المنظمات المدنية بسبب الضغوطات الواقعة عليها من الهيئة.
  • ومن الجهة الأخرى، تصاعدت أصوات الجهاديين من داخل وخارج الهيئة في انتقاد الجولاني وسياساته، من أبرزهم عبد المعين كحال والمعروف بلقبه “أبو العبد أشداء”، وهو قائد “جيش عمر” ضمن هيئة تحرير الشام وغيره، ونتيجة لذلك قام الجولاني بشن حملات تضييق واعتقالات واسعة ضد التنظيمات الجهادية الموازية مثل تنظيم حراس الدين وتنظيم جند الأقصى.
  • لتواجه بذلك هيئة تحرير الشام حملات متصاعدة وتحديات أمام تماسك سلطتها في إدلب بسبب الحملة الروسية التي تهدد باستمرار الحملة العسكرية نحو عمق إدلب، أو باحتمالية استجابة تركيا للطرح الروسي وتبني الضغط على الهيئة، بجانب الحملة الموازية من التيار الجهادي.

تتعدد خيارات الهيئة ما بين حل التنظيم كما يطالب الخصوم، أو الدخول في تحولات جديدة كما فعلت سابقاً، أو مقاومة الضغوط الراهنة والتمسك بصيغة التنظيم نفسها، ولكن الموقف الإقليمي والدولي يبقى ذو تأثير حاسم على مستقبل الهيئة وبالتالي مستقبل المنطقة الذي ما زال غامضاً حتى الآن .. تساؤلات لن تجيبنا عنها إلا الأيام.

 

اقرأ المزيد: 

الأسد يؤكد أهمية معركة إدلب لحسم الحرب في سوريا