أخبار الآن| تونس (أ ف ب)

شهدت قبة البرلمان التونسي بباردو منذ ثورة 2011 سجالا سياسيا ومشاحنات بين النواب لم تنته حول الدستور والقوانين الجديدة، شكلوا من خلالها ملامح الديموقراطية الناشئة في بلاد الربيع العربي.
ينتخب التونسيون الأحد برلمانا جديدا ويستحضرون شريط ذكريات جلسات البرلمان الذي كان قصرا زمن حكم البايات في تونس وقد زُيّن سقفه بالخشب المنحوت وبقطع السيراميك المزركشة بعدة ألوان.
شهدت بعض جلساته غيابا للنواب في بعض الفترات واكتمل نصابهم حين تعلق الأمر بالمصادقة على مشاريع قوانين مهمة ومفصلية على غرار قوانين المالية والاتفاقيات الدولية وحتى عقد التحالفات السياسية.
تتخذ في المكان القرارات السيادية في البلاد التي نجت من تداعيات الربيع العربي وتواصل طريقها الشائك نحو الديموقراطية.
لم يكن التونسيون يعيرون اهتماما بمداولات البرلمان زمن حكم الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، ولكن ومع انتخاب المجلس الوطني التأسيسي وانطلاق أشغاله في 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2011 أصبحت حصص بث الجلسات تستقطب عامة الشعب خصوصا وأن المعارضة أصبح لها دور مركزي.
كان من بين الأهداف التي حددت للمجلس التأسيسي الذي حازت فيه “النهضة” غالبية المقاعد عام 2011، المصادقة على دستور جديد للبلاد خلال سنة لكن الأمر لم يكن بالسهولة المتوقعة نظرا للخلافات الشديدة حول بعض الفصول التي تتعلق بالهوية ليتم اعتماد الدستور بعد ثلاث سنوات منذ هروب بن علي.
تزايد الجدل الى مستويات وصلت حد التشابك أحيانا حول هل نعتمد مصطلح “المساواة” أو “التكامل” أو هل نضمن الشريعة كمصدر للتشريع التونسي ام لا. طالت ساعات النقاش المحتدم وتواصلت الى مطلع الفجر أحيانا بين أروقة البرلمان وغرفه التي يغلب عليها اللون الأخضر.
شهد البرلمان لحظات فارقة في تاريخ البلاد اثر ثورة 2011 وخصوصا مع اغتيال المعارضين السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي عام 2013 واشتد الصراع الايديولوجي بين معسكر الاسلاميين والعلمانيين.

 

-“برلمان يكون محرّكا للتغيير”-
مقر البرلمان متاخم لمتحف باردو الذي شهد في آذار/مارس، مقتل 21 سائحا أجنبيا وشرطيا تونسيا في اعتداء شنه مسلحين من تنظيم داعش.
كان لتاريخ 26 كانون الثاني/يناير 2014 وقع خاص مع المصادقة على الدستور الجديد. حينها تلاشت الخلافات السياسية بين الاسلاميين واليساريين ولو للحظات ونقل التلفزيون التونسي صورا تعانق فيها الإسلاميون المتشددون مع العلماني الحداثي وهم يرددون النشيد الرسمي وشاهد العالم صورا لديموقراطية بدأت تتخذ خطوات بطيئة لكنها واثقة الى الأمام.
في ذات السنة، نظمت أول انتخابات تشريعية ورئاسية وفتح المجال لمجلس برلماني جديد بقيادة حزب “نداء تونس” العلماني.
لم يكن تمرير قانون تجريم كل أشكال العنف ضد المرأة يسيرا فقد تطلب مدة زمنية طويلة ليتم اقرار قوانين تعاقب التجاوزات الجنسية والعنف ضد المرأة وحفظ حقوقها الاقتصادية والاجتماعية في تموز/يوليو 2017.
تقول النائبة بشرى بالحاج حميدة “كانت الجلسات العلانية في بعض الأحيان فرجة بنقاشات عنيفة بعضها سخيف”.
وتتابع “اللحظات السعيدة كانت داخل اللجان، حين تتطلب الأمر ثلاثة أيام للاتفاق حول اما تغليب العائلة أو الفرد” في قانون تجريم العنف ضد المرأة.
وتضيف الحقوقية “كانت هناك لحظات لا تحتمل خصوصا التسويات وتصفية الحساب المتواصل حول هيئة الحقيقة والكرامة” المكلفة بجبر الضرر لضحايا الديكتاتورية في البلاد.
وفي 2015 وبالرغم من الاحتجاجات المتواصلة خارج أسوار البرلمان ضد قانون العفو عن موظفين في الدولة متورطين في الفساد زمن نظام بن علي، فإن النواب صادقوا عليه مع رفضه من قبل أحزاب المعارضة.
وتؤكد منظمة “بوصلة” المتخصصة في متابعة أشغال البرلمان أنه تمت المصادقة على 300 قانون ثلثي العدد تعلق باتفاقيات قروض ومعاهدات دولية.
ويقول لمين بنغازي مدير مشروع بالمنظمة “نأمل ونحلم ببرلمان يكون محرّكا للتغيير”.
ينتظر المجلس القادم ملفات عديدة للنظر فيها وفقا للأولويات، على رأسها قانون المحكمة الدستورية الذي طال انتظاره وكذلك مقترح قانون المساواة بين الرجل والمرأة في الميراث والذي تقدم به الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي.

(مصدر الصورة: رويترز)

للمزيد:

تونس تنتخب اليوم برلمانها الثالث بعد الثورة