أخبار الآن | سنجار – العراق (نار الفتنة)

مَحنًي الظهر، مثقلُ الخطوات، ومنهك. لم يرحم النزوحُ شيبتَه وكبرَ سنه فانتهى به الحالُ هنا، غريبا في وطنه، ويائسا، مثلُه مثل ملايين النازحين العراقيين الذين تركوا مدنَهم وقراهم هربا من الموت على يد مسلحي داعش إبان احتلاله لأجزاءٍ واسعة من العراق صيف عام 2014.

هذا المخيمُ الموحل في أقصى شمال العراق، ليس إلا واحدا من 160 مخيما أقيمت لإيواء خمسة ملايين نازحٍ عراقي هربوا من بطش داعش. نصفُ النازحيين تقريبا عادوا إلى مناطقهم بالرغم من الدمار الذي حل بها، وحوالى مليون آخرين فضلوا العيش كلاجئين في الخارج، فيما بقي أكثرُ من مليون ونصف المليون عراقي مشتتين في هذه المخيمات التي لا تحميهم من قسوة الشتاء ولا تردُ عنهم لهيبَ شمس الصيف. يعيشون في عراءِ وطنهم كالغرباء البؤساء.

كمن وجد في زيارة كاميرا قناة الان للمخيم فرصةَ حياة أفضل، تمنى علينا كلُ من التقيناهم المساعدةَ للحصول على احتياجاتهم للعيش بأدنى حدٍ من العيش الكريم. فالوقود قليلٌ لا يقيهم بردَ الشتاء الذي يتسربُ إلى كل زاوية في هذا المخيم.

ومواردُ الرزق شحيحة والمعوناتُ التي يتلقونها لا تكفي. وطرقاتُ المخيم لم تجد حصىً لرصفها، فحولَّها الأطفال وسيلةَ لعب فيما عجزت المدارسُ المتوفرة عن استقبال أعدادهم.

وسط مشاكسات الأطفال، رحلَ الشتاء.. وجاءت السماءُ بتلاويح فصل الصيف. كذلك انتقلت قناةُ الآن إلى مخيمٍ آخر. في مخيم جمكور الواقع على الطرف الشرقي من مدينة الموصل، تكسرُ الروتينُ اليومي للحياة في هذا المخيم، رؤيةَ كاميرتنا وهي تتجول بين خيام النازحين. أول المتجمهرين، كما جرت العادة، هم الأطفال الذين يبحثون عن شيء جديدٍ يخفف حياةَ الرتابة والملل التي يعيشونها منذ غادروا مدارسَهم، وتركوا ورائهم حلاوةَ اللعب في أزقة المدن التي احتلها داعش.

يتجمهر الأطفال حول مصوري قناة الآن بإلحاحٍ طفولي، ثم فجأة يتراكضون الى قواطع المخيم. فقد وصلت أخيرا صهاريج المياه إلى هذا المخيم الذي يقطنُه نازحون عرب من مناطق زمار وبادوش، وغيرِها من مناطق شمال وغرب الموصل.

تروي لنا أمُ محمد حكايتَها مع مخيم النازحين منذ هروبها مع عائلتها من المعارك بين القوات العراقية ومسلحي داعش ربيع عام 2017.

يتذكر نازحون آخرون كيف كان داعش يجوّعُ الناس ببطءٍ في المناطق التي يسيطر عليها. إعدامٌ بإسلوب بطيء كما وصفه هذا النازح الذي أخبرنا عما عايشه تحت احتلال داعش قبل أن يقطعَ وأولادُه واحدا وعشرين كليلومترا مشياً على الأقدام هرباً من جور التنظيم.

شاهد أيضا: 

أكبر أسطول شحن بحري في العالم تملكه دولة صغيرة. كيف ولماذا؟