أخبار الآن | طرابلس – لبنان (رويترز)

رجال ونساء يسبحون في مياه البحر المتوسط الزرقاء الدافئة على شاطئ ٍ بشمال لبنان, قرب منفذٍ للصرف الصحي, بينما يلعب أطفال في رمال تتناثر عليها أوساخ.

هكذا بدى المشهد , رغم وجود لافتة تحذر من السباحة بسبب التلوث ، على شاطئ بالقرب من مدينة طرابلس , وهو أحد الشواطئ العامة القليلة بالفعل والتي يتناقص عددها في لبنان.

ومكتوب على اللافتة “تحذير.. يُمنع السباحة على الكورنيش البحري بصورة دائمة لحين إنشاء مسبح شعبي ضمن المواصفات المطلوبة وذلك بسبب التيارات البحرية العالية وتلوث المنطقة من شبكة المجارير التي تصب على طول الكورنيش. بلدية الميناء”.

وليس أمام الفقراء اللبنانيين خيارات تُذكر للاستمتاع بالشاطئ في الصيف القائظ. فبالاتجاه على الطريق الساحلي السريع يمكن رؤية لافتة بعد أخرى تشير إلى منتجعات غالية لا تترك مساحة على البحر لدخول رقيقي الحال.

وقال لبناني يدعى عدنان داعوق (63 عاما) من على الشاطئ العام الوحيد في العاصمة بيروت “لو العالم (الناس) معها مصاري ما كانت إيجت (جاءت) لهوني (هنا)، يعني عادة أنا كنت أنزل (شاطئ) سبورتنج، لونج بيتش، فيني أفوت ع المسبح اللي كان، بس فيه عندك ناس الواحد اللي عنده أربع، خمس أولاد، وين بده يأخدهم إذا معاشه ٥٠٠ أو ٦٠٠ دولار في الشهر، ما فيه إلا هون، شط رملة البيضا، هذا الشط الوحيد المجاني”.

وينتشر التلوث في البحر على امتداد الشريط الجبلي على الساحل اللبناني. وذكر تقرير حديث للمركز الوطني للعلوم البحرية أن مياه الصرف الصحي غير المعالجة تُصرف في البحر في بعض الأماكن، على الشواطئ العامة.

ويعاني لبنان من مشكلة قمامة. فمواقع مكبات النفايات، وبعضها على الشاطئ، امتلأت. وفي السنوات القليلة الماضية غطت عواصف الشتاء الشواطئ القريبة بالبلاستيك.

وحتى بعض الشواطئ الخاصة تضررت كذلك. ويُصّعب تلوث شواطئ لبنان، الذي يرزح تحت وطأة الديون، مسألة جذب السياح وإنعاش صورة البلد باعتباره متنزها للصفوة على البحر المتوسط يتيح للزائرين التزلج ومشاهدة الآثار الرومانية والشواطئ ويقدم لهم النبيذ والمأكولات البحرية الطازجة رغم مساحته المحدودة.

ويلقي صيادون شباكهم وصنانيرهم يوميا قبالة كورنيش بيروت ويبيعون صيدهم أو يعودون به لبيوتهم ليأكلوه. لكن المياه هناك تتناثر عليها مخلفات وترسم بقع الزيت ألوان قوس قزح على الأمواج.

وقال صياد لبناني يدعى أبو محمود (69 عاما) “يعني ما السمكة نظيفة مية بالمئة، السمكة لما تنظفها، تشيل لها مصرانها خلاص، كل الأوساخ اللي فيها بالمصران، وراح المصران”.

وأضاف “والله حييجي يوم أكيد مش رح ناكل سمك، نقرف ناكل سمك، ناكل سمك مثلج اللي بييجي من الخليج وبييجي من أوروبا”.

وصنّف مركز العلوم البحرية، في تقريره عن الشواطئ العامة، أربعة شواطئ قرب بيروت وشاطئا قرب طرابلس بين خطرة وعالية التلوث بسبب تركز البكتيريا العقدية البرازية في عينات المياه.

وأضاف المركز أنه في شاطئ آخر قرب مدينة البترون، التي تشتهر بالصيد، هناك تلوث كيميائي عال.

أما باقي الشواطئ العامة فهي إن لم تكن بهذا السوء فليست داخل النطاق الآمن الذي تعرفه منظمة الصحة العالمية. ومع ذلك تُصّنف بعض الشواطئ في جنوب ووسط لبنان باعتبارها جيدة.

ورغم أنه من الصعب إيجاد إحصاءات عامة بشأن الملكية في لبنان فإن تقريرا صدر عام 1997 يظهر أن أربعة أخماس الشواطئ بطول الساحل المركزي مملوك للقطاع الخاص.

ويُصّنف مركز العلوم البحرية الشواطئ العامة الرملية الطويلة بين الناقورة وصور في أقصى جنوب لبنان بالأفضل في البلاد.

وهذه الشواطئ مقصد معلوم لهواة رحلات اليوم الواحد من بيروت وموقع تعيش فيه السلاحف البحرية.

غير أن كثيرين من بيروت أو المناطق الواقعة إلى الشمال يكرهون إنفاق أموال إضافية على البنزين أو المخاطرة بالسقوط في دائرة الاختناقات المرورية الطويلة نهاية كل أسبوع.

ومن هؤلاء ممرض في بيروت يدعى يوسف كمون (52 عاما) وراتبه يقل عن ألف دولار شهريا، وهو لا يرغب في إنفاق ماله على البنزين، ولذلك عادة ما يأخذ أطفاله إلى شاطئ في بيروت على الرغم من أنه يعرف أن ساحل بيروت ملوث ويخشى على صحة أطفاله.

وقال كمون، وهو يجلس على شاطئ رملة البيضا المجاني في بيروت مع طفليه أندرو (7 سنوات) وآدم (5 سنوات)، “متل ما قلت لك أنا موظف، والمعاش ع القد، والحالة الاقتصادية بتلعب دور، فبنضطر نلجأ لهيك مطارح يا ريت تكون أنظف، يا ريت الدولة تشتغل عليها أكتر”.

وأضاف موضحا أنه يخاف على أطفاله قائلا “أكيد باخاف عليهم، كرما لهيك إحنا ما بنروح ع الغميق… ما بأتركهم ولا لحظة”.

مصدر الفيديو: رويترز

اقرأ ايضاً: إطلاق حافلات سياحية مع بداية صيف بيروت