أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة

1 – اتساع الخلاف بين مؤيدي الظواهري والجولاني تعكسه تطورات ادلب

تصاعدت الخلافات بين تنظيم القاعدة الام وفرعه في سوريا على خلفية الرسالة الاخيرة التي بعث بها الظواهري إلى اتباعه من انصار التنظيم في سوريا دون ذكر الجولاني زعيم هيئة تحرير الشام النصرة سابقا او اي احد من القادة الموالين له، ما جعل الخلاف الحاصل بينهما يتأزم ويخرج إلى العلن مجدادا خاصة في ظل التطورات الأخيرة التي تشهدها محافظة ادلب، والصراع الحاصل بين مناصري الجولاني من جهة ومناصري الظواهري من جهة أخرى.

القاعدة تحسم أمرها وتعلن عن فرع جديد لها في سوريا بعد أن عصفت الخلافات مؤخرا بين زعيم التنظيم أيمن الظواهري وزعيم هيئة تحرير الشام النصرة سابقا أبي محمد الجولاني.

انشقاقات واغتيلات وحملة اعتقالات هو ما يجري داخل  تنظيم القاعدة في سوريا هذه الأيام بعد ان كلف الظواهري حمزة بن لادن بتأسيس فرع لـ"القاعدة" في سوريا  إلا ان التنظيم  لم يعلن رسميا عن المسمى الجديد او القائد الذي سيكون بديلا عن الجولاني. 

تكهنات كثيرة عن مسمى فرع القاعدة الجديدة فقد رصد موقع عنب بلدي السوري المعارض انشاء جماعة "جيش المسلمين في الشام"، التي لم تصدر سوى بيان تشكيلها في الفترة التي سبقت اعلان القاعدة الاخير عبر مؤسسة سحاب التابعة لها، فيما قالت مواقع الكترونية ان ابو مالك الشامي هو القيادي الاكثر حظا لزعامة الفرع الجديد على اعتبار انه جلس مؤخرا مع الجولاني كمكلف من الظواهري وليس كحليف.

الأحداث الميدانية في ادلب كانت الشاهد الاكبر على حجم تصدعات النصرة وخاصة ان احداثا كثيرة عصفت بالتنظيم أسفرت عن انسحاب كامل للهيئة من ريف ادلب الجنوبي والشرقي دون أي قتال لصالح قوات النظام وهذا ما أكدته  مصادر في المعارضة بان "هيئة تحرير الشام" لم تضع حتى الآن ثقلها العسكري الكامل في معارك الريف الشرقي، بسبب خلافات داخلية تعاني منها.

ليس ذلك فحسب بل شهدت النصرة خلال الأيام الاخيرة اي قبل وبعد كلمة الظواهري بقليل  عمليات اغتيال وتصفية  لكوادر الهيئة اذ اغتيل القيادي "أبو عبد الرحمن المهاجر" برصاص مجهولين أطلقوا على سيارته النار قرب مدينة خان شيخون ، بعد أقل من 24 ساعة على اغتيال "أبو طلحة الأردني" بعبوة ناسفة قرب قرية معردبسة فيما قضى عدد من عناصر الهيئة على يد مجهولين أيضاَ في ريف معرة النعمان..

وكانت النصرة قد اعلنت عن استهداف افراد لها بدراجة مفخخة اسفر عن قتل 7 منهم  فيما كان التفجير الذي استهدف أجناد القوقاز" المتحالفة مع هيئة تحرير الشام, وأسفر عن مقتل 30 شخصا وإصابة العشرات هو الصفعة الأكبر للهيئة خلال تلك الفترة.

الانشقاقات ايضا كانت احد ابرز دلائل التصدع الحاصل في تنظيم القاعدة اذ تحدثت مصادر لموقع عنب بلدي السوري عن عزم بعض القادة الانشقاق عن الجولاني ومبايعة الظواهري مباشرة على خلفية اعتقال سامي العريدي الملقب بابو جليبيب الاردني تجتمع فيه بقايا لواء الأقصى ومنشقون عن تنظيم داعش. فيما تداول كثيرون الحديث عن ان ابو مالك التلي يريد الانشقاق عن أميره الجولاني، وتأسيس تنظيم جديد أسماه "جيش الشام في الشمال". 

وكان قطاع البادية في "هيئة تحرير الشام" انشق عن الجولاني دون الإعلان عن هذا الإنشقاق، وقام الجهاز الأمني في "هيئة تحرير الشام" بطرد رمضان أحمد العيس الملقب أبو شامل من منزله في قرية كفرسجنة بادلب، وكان يتولى عملياً إمرة قاطع البادية في "هيئة تحرير الشام".

الخلاف يتأصل بين شقي فرع تنظيم القاعدة في سوريا يوما بعد يوم فالجولاني يرى في نفسه أنه الأجدر بالقيادة من الظواهري وأسلوبه المترهل في توجيه التنظيم، والظواهري يريد اعادة زمام الأمور إلى يده بعد ان تمرد عليه الجولاني وتفرد بالقرار السوري فالى من ستكون الغلبة في نهاية المطاف؟ ام ان الصراع هذا سيكون بداية لفناء التنظيم؟.

2- انفصال النصرة عن القاعدة كان خدعة رخيصة

اندلاعُ الأزمةِ الأخيرة بين أيمن الظواهري وأبو محمد الجولاني كشفت بعضَ الأسرارِ الحساسة للغاية التي يمكنُ أن تكونَ سبباً في خرابِ وتدميرِ كلٍ من هيئةِ تحريرِ الشام وتنظيمِ القاعدة و للابد، اسرارٌ تدفعنا للتساؤل هل نحنُ على وشكِ ان نشهدَ نهايةَ الحركةِ الجهادية العالمية على يدِ الظواهري والجولاني؟ في الجزءِ الاول من سلسلةِ تحليلاتٍ ستسلطُ الضوءَ على خفايا الخلاف بينَ الظواهري والجولاني سوفَ ننظرُ حولَ كيفيةِ وصولِ هذا الاقتتالِ الجهادي إلى هذهِ المرحلة الحرجة، وإلى ايِ مدى يمكنُ ان يصلَ اليهِ بعدَ ذلك.

الأسرار الجهادية قد بدأت تنكشف وتتمدد للعراء. أكثر هذه الأسرار أهمية هي انكشاف مدى خداع ونفاق وفساد الجولاني. بيان الظواهري في 28 تشرين الثاني / نوفمبر، والذي وبخ من خلاله الجولاني بأقسى العبارات، أكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن الجولاني هو ذئب متنكر في رداء حمل، فهو سفاح مبتذل ليس عنده أي مبادئ.

وهنا اولى هذه  الحقائق  التي كشف عنها النزاع الدائر، وخاصة من خلال بيان الظواهري الذي فجر كل هذه المفاجئات في 28 تشرين الثاني / نوفمبر:

انفصال النصرة عن القاعدة كان خدعة رخيصة

الحقيقة التي تم كشفها بشكل واضح من خلال بيان الظواهري في 28 تشرين الثاني / نوفمبر هي أن ما يسمى "بانفصال" جبهة النصرة أو ما يسمى حالياً بهيئة تحرير الشام عن القاعدة هي مهزلة بكل المقاييس. لا تزال هيئة تحرير الشام ذراع لتنظيم القاعدة الإرهابي. 

ولطالما كان الجولاني وهيئة تحرير الشام مخلصين وموالين للقاعدة، بغض النظر عما يقوله الجولاني ومسؤولون أخرون في هيئة تحرير الشام للعامة، أو ما أقسموا عليه إلى فصائل المعارضة الأخرى. حتى لهذه اللحظة، فإن الجولاني وهيئة تحرير الشام يستمران في أن يكونا تابعين للقاعدة، ويحاولان بشكل بائس تهدئة كبار قادة القاعدة وافراد القاعدة الموجودين ضمن هيئة تحرير الشام داخل سوريا.

الظواهري كشف بأن الجولاني بقي على اتصال مستمر به منذ ما يسمى انفصال جبهة النصرة عن القاعدة و على ما يبدو فإن الجولاني كان يحاول اقناع الظواهري بإبقاء العلاقة بين القاعدة وجماعته "سرية" حتى ينجو الجولاني وجماعته من ضربات التحالف الدولي.

الظواهري كشف بأن "الانفصال" كان  مجرد حيلة إعلامية قام بها الجولاني تهدف إلى خداع العالم من أجل الحد من ضغوط مكافحة الإرهاب ضد النصرة، إضافة إلى خداع واستقطاب المعارضة السورية.

باختصار، إن تنظيم جولاني في سوريا وبغض النظر عن تغيير الاسم، لا يزال يحتضن الفكر الجهادي السلفي المتطرف للقاعدة، والذي يسعى إلى قمع وترويع الشعب السوري وتصدير الإرهاب لجميع أنحاء العالم. هناك سرطان إرهابي ضخم ينمو وسط الشعب السوري، وتحديدا في مدينة إدلب السورية.

3- الجولاني محتال مصاب بجنون العظمة

ضمن سلسلة  التقارير التي بدأنا ببثها بالامس حول العلاقة بين الظواهري و الجولاني ، نكشف في تقرير اليوم  جوانب من  شخصية الجولاني وادائه تجاه تنظيم  القاعدة الإرهابي و تجاه المعارضة السورية .

الحقيقة الثانية، والتي تم الحديث عنها على نطاق واسع لسنوات، ولكنها تبدو الآن أكثر وضوحاً من أي وقت مضى، هي أن الجولاني  كاذب محترف من الطراز الأول.

لديه شهية قوية لا تشبع للحصول على السلطة والسيطرة، فهو على استعداد لقول وفعل أي شيء من أجل البقاء على قيد الحياة وتعزيز مصلحته الذاتية.

هو رجل مولع بانتاج مقاطع فيديو تحث الشباب السوريين على القتال وتفجير أنفسهم وفقا لعقيدة القاعدة، ولكنه يفتقر للنزاهة وكل مبادئ الحياة. هو ممثل بارع جداً، بتلك اللحية المشذبة جيداً، وبأسلوبه التقي وصوته الهادئ المنخفض، إلا أنه يهدف إلى الخداع ويبطن في داخله نوايا خبيثة جداً.

لقد قام الجولاني بكامل إرادته ورغبته بخيانة تنظيم القاعدة الأم والتلاعب به، كما سعى للتلاعب واستغلال الافراد الآخرين في المعارضة السورية، في حين أنه قام باستغلال جميع مواردهم وقام بالاستفادة من سمعتهم الحسنة لتمكين نفسه والتقدم ضمن جدول أجندته الخاصة و بانانية .

من خلال كل هذا قام الجولاني بدتمير المعارضة السورية وهو في طريقه الأن لتدمير القاعدة بشكل نهائي وللأبد.

لقد تلاعب الجولاني بكلا الجانبين من أجل مصلحته الخاصة، في حين أن قيادات القاعدة الساذجة واليائسة استغرقت أكثر من عام ونصف لملاحظة ذلك والتحلي بالشجاعة الكافية لمعالجة خيانة جولاني، على الأرجح لأنهم وضعوا أملهم في مشروع جولاني آملاً في إنقاذ القاعدة، إلا أن المعارضة السورية كانت أكثر حكمة، حيث رفضت ادعاءات الجولاني "بالانفصال" منذ البداية، وواصلت تهميشه.

وبدون أي خيارات أخرى، انتقل جولاني إلى محاولة تفكيك جماعات المعارضة السورية الأخرى التي كانت تقاتل ضد نظام الأسد، فأصبح عدوهم من الداخل. 

4- الجولاني لم يغادر القاعدة ابدا فهو يرى نفسه أهم من الظواهري

أين يقف جولاني اليوم؟ هل هو في الواقع "معتدل" كما كان يعتقد الناس من مقاطع الفيديو الترويجية الذاتية، أم أنه سلفي جهادي متطرف؟

 هناك أمر مؤكد لا شك فيه: لا يستطيع أي شخص "نزع" ايديولوجية التكفير وقطع الرؤوس والتفجيرات الانتحارية وذبح المدنيين ، وما يسمى بالتفسير الخاطئ "للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" ببساطة عن طريق تغيير اسمه أو اعطاء نفسه لقباً جديداً. من سيدفع ثمن هذه الجرائم؟ أعمال جولاني  المميتة  تثبت أنه لا يزال سلفي جهادي فاسد لا يعرف الرحمة، حتى ولو لم يتبع الأوامر بشكل جيد. ولعل المذهب الوحيد الذي يبدو أن الجولاني قد تخلى عنه حقاً هو مذهب "السمع والطاعة". هو جهادي من القاعدة، ويعتبر نفسه اعلى  مرتبة من  الظواهري ومساعديه عديمي الفائدة. وأخيراً، فإن إيديولوجية الجولاني واضحة من حيث أنه لم ينسحب رسميا مما يسمى بيعته للظواهري، كما أشار الظواهري نفسه، ولم يتراجع الجولاني أبدا " أو تحدث ضد أيديولوجية القاعدة مثلما فعل الآخرون الذين غادروا التنظيم من قبل. 

لا  بل بالعكس  يواصل جولاني محاولاته في محاولة لتهدئة الظواهري المنهار بكلمات فارغة.

5- خطة الجولاني هي القضاء على العدو والصديق على حد سواء

ما  الذي دفع  بالجولاني الى الخروج بتسجيل صوتي ؟ ما  الذي يجعله الى الدعوة  للمصالحة ؟ هل استشعر فعلا  بالخطر نتيجة  ممارساته  السابقة؟

محاولات  الجولاني على  ما  يبدو  مكشوفة  وأكبر دلالة على أن جولاني لا يزال يحتضن أيديولوجية القاعدة المتطرفة بغض النظر عن انتمائه "السري" أو العلني مع أي شخص أو كيان هو ميله للقتل بلا رحمة والقضاء على الأصدقاء والأعداء على حد سواء. يعتبر هذا مبدأ أساسيا من مبادئ القاعدة، وهو سياسة التخويف والإكراه والاغتيال، ولهذا السبب تدمرالجماعات المتطرفة نفسها. لقد خان الجولاني المعارضة السورية من خلال اعتدائه على أحرار الشام ونور الدين زنكي وغيرهم، وقد أدى هذا العدوان إلى إلحاق ضرر لا يمكن إصلاحه بالمعارضة السورية واطلق يد  النظام السوري وحلفائه الروس .

الأهم من هذا كله أن الأزمة الأخيرة كشفت بشكل فاضح، أو بالأحرى  اكدت  أن جولاني وعطون وشركائهم كانوا يغتالون أعضاء فعالين  من القاعدة من أجل إسكات معارضيهم 
وتجدر الاشارة الى ان الازمة الاخيرة  قام بها المسؤول الشرعي في هيئة تحرير الشام عبد الله محيسني الذي استقال بعد ان تم الكشف عن طريق تسجيلات مسربة ان الجولاني كان يحاول اغتياله، وغيرهم من المسؤولين الشرعيين الذين رفضوا اعتداء الجولاني على أحرار الشام والمعارضة السورية.

ويبدو الآن أن الجولاني وعطون أيضاً وراء عدد كبير من الاغتيالات "الغامضة" التي ارتكبت ضد أعضاء هيئة تحرير الشام في قلب ما يسمى ملاذهم الآمن في مدينة إدلب السورية. وفي منتصف أيلول / سبتمبر وحده، اغتيل ما يصل إلى خمسة من قادة القاعدة في إدلب ليشملوا القضاة المتطرفين أبو سليمان المغربي وأبو يحيى التونسي، وتم اغتيال ما لا یقل عن 10 افراد  من المستوى الأدنی والمتوسط في إدلب خلال الشھرین الماضیین. وليس من قبيل المصادفة أن هؤلاء الأفراد قد اغتيلوا قبل وقت قصير من تأزم الأمور بين الجولاني وكبار القادة، بل كان من الواضح أن الجولاني كان يتخلص من منافسيه لإسكات المعارضين استعداداً لمواجهته المفتوحة مع كبار قادة القاعدة. وكان الجولاني ساعياً في طريقه لإسكات القادة الكبار مثل أبو جليب و سامي العريدي وغيرهم، ولكن شخصياتهم المؤثرة ورفيعة المستوى جعلت من الصعب جداً التغلب عليهم، وكان على الظواهري الخروج من مخبئه لإنقاذ أعناقهم. وفي حين أن الجولاني ربما أطلق سراح هؤلاء الأفراد لمواجهة التقارير الإعلامية، إلا أن لا أحد يعلم ما الذي سيحدث في المواجهات المقبلة إذا ما استعاد الجولاني السلطة  المطلقة .

6- الجولاني يدمر أساس "القاعدة" حرفياً

لا تزال كلمة الجولاني الاخيرة موضع  تقييم في الاوساط المتشددة في سوريا، فدعوات الجولاني لم تعد محط ثقة ولا سيما في ضوء ممارساته الاخيرة ولعلها محاولات تدمير ايديولوجية القاعدة نفسها.
الجولاني هو اكبر ضربة لقيادة القاعدة منذ وفاة اسامة بن لادن فى عام 2011، وربما قد قام بالضربة القاضية فعلياً. ليس هناك شك في أن الجولاني والظواهري يحتقران بعضهما بعضا، وهذا قد حول  الوضع  بينهما الآن إلى حرب علنية مفتوحة.
ولكن ما وراء الصراعات الشخصية بين الجولاني والظواهري و الإستماتة  من أجل السلطة ، من الملاحظ أن الجولاني لا يسعى فقط إلى تقويض الظواهري والتخلص منه، بل إنه يهز أساس أيديولوجية القاعدة المتطرفة تماما. 

وابعد من المسائل التنظيمية والإدارية، فقد اتخذ الجولاني خطوة غير مسبوقة في إصدار السوابق القضائية، الأمر الذي يقوض  الجوهر الفاسد والضال الذي انتهجته  القاعدة منذ تأسيسها في أواخر الثمانينيات.
وهذا في الواقع هو السبب الحقيقي لغضب الظواهري وهو ما دفعه للخروج من مخبئه لمواجهة هذه الضربة القاتلة لتنظيمه. الظواهري يجب أن يقف عند هذا الامر  ويشاهد أحد الذين قام هو شخصياً برعايتهم والترويج لهم وهو يدمر كل ما قام ببنائه الظواهري خلال حياته.
الأيديولوجية التي قام ببنائها ما  يسمى  بمشرعي القاعدة الدجالين والذين يطلق عليهم اسم "أئمة" لعشرات السنين، مثل أسامة بن لادن وعمر عبدالرحمن وعطية عبدالرحمن وأبو يحيى الليبي والظواهري نفسه، يجري الآن تدميرها  من  قبل الجولاني بمفرده. 

اكبر مثال على  هذا  التعدي من قبل الجولاني يظهر بشكل واضح في مقطع فيديو مدته 6 دقائق وقام باصداره أحد شرعيي هيئة فتح الشام غير المعروفين جداً واسمه ابو الفتح الفرغلي. الفيديو، بعنوان "الرد على أولئك الذين يدعون أن هيئة تحرير الشام قد انحرفت ولا تسعى إلى الحكم بالشريعة الإسلامية في المناطق المحررة" وتم نشره في 27 نوفمبر، أي قبل يوم واحد من نشر توبيخ الظواهري. رسالة فرغلي موجهة بشكل مباشر للظواهري ومساعديه في القاعدة.

في هذا الفيديو يستخدم الجولاني شخصية الفرغلي غير المعروفة لكي يشرح للظواهري، ولسيف العدل، ولأبو محمد المصري، وغيرهم من بقايا القاعدة، أن هيئة تحرير الشام اختارت أن "تطبق كلمة الله" فقط بدلا من الاستماع أو طاعة رغبات أو آراء أي "رجل"، وفي هذا إشارة واضحة إلى الظواهري الضال وقادة القاعدة المضللين، والذين ترفضهم قيادة هيئة تحرير الشام الآن. الجولاني يدعو الظواهري بالجاهل المنحرف! 
فرغلي يظهر على أنه يشير إلى الظواهري, و يعلن أنه لن يستمع إلى التفكير المضلل أو أهواء النفس لأي شخص، بل سوف ينفذ إرادة الله بحسب ما يراه مناسبا فقال "ما هو ضروري".
بالتأكيد هذه "التعاليم" تحول عقيدة القاعدة الصارمة "السمع والطاعة", التي تستعمل لغسل الأدمغة و التحكم بأتباعها  تحولها رأساً على عقب. 
هذه "التعاليم" تهدف إلى تبرير جميع المناورات أحادية الجانب من قبل الجولاني وجبهة تحرير الشام، بحيث يمكن السماح لأعضائها بأن يفعلوا كل ما يمكن للتفاوض وعقد الصفقات والكذب والخداع والغش والقتل والسرقة – بدون أخذ الإذن أولاً من الظواهري – من أجل البقاء على قيد الحياة وإبقاء إدلب تحت سيطرتهم. 
إذا أراد الجولاني قتل أعضاء من القاعدة فهو يشعر أن ذلك مسموح . إذا أراد الجولاني أن يعقد صفقات مع روسيا فهذه هي من  الضرورات. هذه الضربات  تصيب  قلب القاعدة والظواهري. فهي تجعل الظواهري عديم الفائدة بشكل مطلق، وتمنح الإذن لكل أتباع القاعدة للعمل بشكل مستقل لأنهم يعرفون بشكل أفضل ما يحتاجون إليه للبقاء على قيد الحياة. 
من الواضح تماما أن الجولاني يرفض توجيه الظواهري للعودة إلى تكتيكات حرب العصابات. طموحات الجولاني غير مقيدة وتدفعه أكثر نحو إقامة إقطاعية في إدلب، وهو الواقع الذي يعتقد الظواهري أنه غير قابل للتحقيق. المثير للدهشة أن هذه هي حالة واحدة يكون فيها الظواهري محقاً. إنها مسألة وقت قبل أن ينهزم الجولاني في إدلب، و أحلامه في أن يصبح خليفة أو "رئيس الوزراء" كما ذكر بعضهم سوف تتحطم. 

7- إنها نهاية القاعدة والظواهري

أداء الجولاني الاخير في سوريا لا يمكن ان يبررعثرات الظواهري الكثيرة.. على  مدى ايام استعرضنا العلاقة بين القاعدة والجولاني وكشفنا عن خطط الجولاني وطبعه المعتمد بالاساس على جنون العظمة.
كل ذلك لا يخفي واقعا  آخرا عن  سوء ادارة  الظواهري.
إن سقوط الجولاني لا ينقذ الظواهري. على العكس، الخيانة من قِبل ما كان في وقت من الأوقات قرة عين الظواهري، ألا وهي النصرة، سوف تحدد إرث الظواهري وإرث القاعدة. عثرات الظواهري كثيرة جداً لكي يتم إحصاؤها. الأولى هي أنه بعيد كل البعد عن الواقع بالمعنى الحرفي والمجازي.
الجولاني اوصل الرسالة بطريقة  ناجحة  بأن الظواهري لم يكن بالإمكان العثور عليه عندما كانت هناك حاجة ماسة إلى توجيهاته، ولهذا السبب كان انفصالهم ضروريا. إعتقد المقاتلون في سوريا حرفيا بأنه قد مات. وإذا لم يكن ميتا، فإنه كان ببساطة يختبئ بينما كانوا جميعا يموتون في ساحة المعركة.
ثانيا، أرسل الظواهري رسائل مختلطة من خلال الإشارة أولا إلى أن النصرة تنهار في رسالة عامة في مايو / 2016، وتراجع في وقت لاحق عن  ذلك البيان، قائلا إن هذا ليس ما كان يعنيه في الواقع، وقد تمت إساءة تفسير كلماته.
على نحو مماثل، فقد انتقد الظواهري الجولاني لإعلانه علنا عن ولاء النصرة للقاعدة في عام 2014 بدلا من إبقائه سراً، ولكن بعد ذلك رفض رفضا قاطعا فكرة "المبايعة السرية" عندما قام الجولاني بالإقرار به في وقت لاحق. لقد إنتهت اوهام  الظواهري في البقاء مختبئاً في منزل آمن في مكان ما وإدارة شبكة القاعدة من خلال رسائل و وسطاء.
لقد فقد كل مصداقيته وشرعيته، إن لم يكن بسبب سوء الإدارة، فسيكون بسبب الطريقة التي تم التلاعب به من قِبل تلميذه الاول، البيان المضحك الذي أصدره "مكتب التواصل" الخاص بالقاعدة من خلال الشخصية الوهمية "مدير التواصل الخارجي" أبو عبد الله يثير تساؤلات حول من بقي داخل القاعدة لقيادة هذا التنظيم، ومن أين تتم إدارة هذا التنظيم الغامض .
من الجدير بالملاحظة أنه حتى بقية أتباع القاعدة في اليمن وشمال أفريقيا والصومال وأماكن أخرى لم يأتوا للدفاع عن الظواهري، وذلك لأن الظواهري لا يمكن الدفاع عنه، وعلى الأغلب أن يكون لديهم جميعاً تحفظات خاصة به و ببقية الجيل الأول مثل سيف العدل و أبو محمد المصري الذين تم الجزم الآن بأنهم يعيشون بحرية في إيران.

8- القاعدة ستقضي على نفسها في سوريا

ماذا سيحصل للجولاني ومنافسيه أبو جليبيب وسامي العريدي في سوريا؟ لقد أطلق الجولاني بالفعل سراح أبو جليبيب وسامي العريدي من السجن الذي ربما أن يكون أكبر مؤشر على أن الجولاني لا زال يحتفظ بانتمائه إلى القاعدة، ولا يزال يحاول استرضاء قاعدته المتطرفة و الإيحاء للظواهري انو  معني بما  يجري في سوريا . الجولاني لا يزال يريد هؤلاء الإنتحاريين والمتطرفين من أجل الحفاظ على قبضته على إدلب و الإستمرار في ترهيب الناس. إن إطلاق سراح أبو جليبيب والآخرين ليس إلا حلاً مؤقتاً. إنها مسألة وقت فقط قبل أن تقوم جماعة الجولاني وفصيل أبو جليبيب بمحاربة بعضها البعض، مما سوف يتسبب في سقوط كل منهما على التوالي. لقد كان هذا مصير جميع الجماعات المتطرفة من الجزائر، إلى أفغانستان، إلى العراق و أي مكان قام التطرف و التعصب الديني بالإنتشار في رؤوسهم القبيحة. من المضحك, انتهى "الخليفة" الذي نصب نفسه في الجزائر في الثمانينيات إلى طلب اللجوء السياسي في المملكة المتحدة وهرب إلى هناك، و لكن هذا قد لا يكون  مصير  ارهابيي الجولاني والظواهري وشركائهم نظرا للجرائم  التي ارتكبوها 
في النهاية، يبدو أنه هذه هي الطريقة التي تنتهي بها النصرة. وهذه هي الطريقة التي تنتهي بها القاعدة أيضاً.