أخبار الآن | اللاذقية – سوريا (عبد السلام حاج بكري)

أعلن مجلس مدينة جسر الشغور الاثنين الأول من أيار أن المدينة منكوبة بعد أكثر من 100 يوم من قصف طائرات النظام وروسيا، الذي أودى بحياة عشرات وإصابة مئات من سكانها.

جاء إعلان المدينة "منكوبة" بعد أن تسبب استهدافها بالبراميل المتفجرة ومختلف أنواع الصواريخ والقنابل العنقودية والارتجاجية بتدمير قدر كبير من مساكنها والبنية الأساسية، مما جعل الحياة فيها أمرا صعبا دفع أكثر من نصف سكانها إلى النزوح عنها باتجاه المخيمات والحدود التركية طلبا للأمان وظروف معيشة أفضل.

تمهيد لهجوم بريّ

قصف النظام للمدينة تصاعد بوضوح منذ أن بسط النظام سيطرته على ريف اللاذقية غربي المدينة قبل عام، وتضاعف مع المواقف الأمريكية التي تبنّتها الإدارة الجديدة التي تسعى إلى تحجيم الدور الروسي ونزع اليد الإيرانية من سوريا.

ويأتي القصف بحسب مراقبين مقدمة لعملية عسكرية كبيرة للنظام تستهدف ريف إدلب الغربي وصولا إلى السيطرة على المدينة، التي لطالما كانت معارضة لهذا النظام منذ ثمانينات القرن الماضي، وفيها بدأ الثوار أولى عملياتهم العسكرية الكبيرة في السنة الأولى من الثورة السورية.

وهو يسعى إلى ذلك لأن لمدينة جسر الشغور أهمية جغرافية كبرى، إذ تعد بوابة مدينة إدلب وسهل الغاب، كما أنها صلة الوصل بين الداخل وجبال اللاذقية والساحل السوري.

الكانتون العلوي

غير أن المقدم محمد حمادو القيادي في الجيش الحر يرى أن للمدينة قيمة إضافية بإشارته إلى أن النظام يسعى لضمّها إلى دويلته الطائفية مع كل المناطق الواقعة غرب نهر العاصي.

ويضيف حمادو: "يسعى النظام إلى إقامة هذه الدويلة مع تعمّق الحديث عن تقسيم سورية إلى دويلات أو مناطق نفوذ يتوزعها المتصارعون على الساحة، ولو مرحليا".

ويعتقد أن النظام يسابق الزمن لتحقيق هذه الخطوة قبل تصاعد الفعل الأمريكي على الساحة السورية، لعلّه يستطيع تمرير آخر مشاريعه قبل أن يتم اقتلاعه من دمشق، فيضمن بقاءه على مساحة جغرافية لطالما اعتقد مع والده وجدّه أنها يجب أن تكون مستقلة عن بقية سورية.

تاريخ مشروع الدويلة

منذ الاحتلال الفرنسي لسوريا، كانت جسر الشغور المدد الطبيعي لجبلي الأكراد والتركمان بريف اللاذقية، وهذا ما يسعى النظام إلى أن يضمنه لنفسه هذه المرة، إضافة لأنه بهذا يبعد ثوار الداخل عن حدود دويلته الطائفية، بما يضمن استقرارها، إن قامت.

يجزم المحامي طارق عبد الهادي بفشل النظام بمدّ سيطرته إلى جسر الشغور بهذا المشروع التقسيمي، مستشهدا بقهر ثوار ريف اللاذقية وجسر الشغور لجيش الدولة العلوية الذي شكلته فرنسا ودعمته برا وجوا في معركة مشهورة باسم "التلول الحمر" بالقرب من بلدة سلمى.

وقال عبد الهادي: "شارك جدّ الأسد في تلك الهجمة التي كان هدفها السيطرة على الريف وجسر الشغور وتشريد السنة في المنطقة".

ومما يجعل تحقيق غاية النظام أمرا صعبا هو تجمّع كافة عناصر الجيش الحر والفصائل المعارضة التي غادرت ريف اللاذقية بضغط من القصف الروسي في الريف الغربي لإدلب، أي على الطريق المؤدية إلى جسر الشغور ومعهم فصائل كثيرة من جسر الشغور وسهل الغاب، وهؤلاء سيكونون درعا حصينا في وجه النظام.

وجلّ ما يخشاه الثوار أن يبادر النظام بالهجوم على جسر الشغور انطلاقا من معسكراته في بلدة جورين، ولكن التصدّي له لن يكون عسيرا لأن الثوار يستطيعون استهدافه من الجبال التي تطلّ على سهل الغاب والمدينة.