أخبار الآن | ريف دمشق – سوريا (ورد مارديني)

 

أحلام كبيرة يحملها طلاب الغوطة الشرقية في حقائبهم الصغيرة، وذلك بعد أن تحققت أحلامهم بإكمال دراستهم. فبرغم الحصار والصعوبات والقصف الهستيري من قبل النظام تأسست جامعة "الطب والاقتصاد" في الغوطة الشرقية التي تتبع لجامعة حلب. خطوة تدعو إلى التفاؤل حيث وضعت إستراتيجية جديدة في وزارة التعليم بالحكومة المؤقتة من أهم بنودها تأسيس التعليم العالي في المناطق المحررة من خلال إنشاء جامعات ورفع مستوى الكوادر التعليمية بها.

جامعة الطب والاقتصاد

يحدثنا الطبيب "أسامة" وهو أحد الأطباء في الجامعة: "تم تفعيل جامعة حلب من قبل الائتلاف الوطني، ونحن نتبع لها مع تنسيق مستمر عبر الانترنت، وستكون الشهادات ممهورة بختم منها. تضم الجامعة 110 طلاب "80 طالبة و30 طالب"، وحاليا استقبلنا طلاب الطب والاقتصاد ونحن بصدد تطوير الجامعة لافتتاح فروع جديدة واستقبال طلاب أكثر".

أما حول الكتب التي يتم تدريسها في الجامعة، فتفيدنا الطبيبة "أسماء" بقولها: "نقوم بتدريس الطلاب نفس منهاج جامعة دمشق، حيث يتم نسخ الكتب وتنضيدها وبيعها للطلاب، ونسعى جاهدين لتطوير خبراتنا عن طريق محاضرات الكترونية عبر الانترنت يلقيها أطباء من جامعة حلب أو من خارج سوريا لدعم الكادر التعليمي".

وتضيف: ربما هذه الجامعات ليست جامعات شكلا كالأبنية الضخمة وليس فيها الكم الكبير من الطلاب والمدرسين، لكنها ستقنع من يتخرج منها لأنهم سيحملون علما نافعا و خبرة علمية تساعدهم في حياتهم العملية، كما أننا مقتنعون أن كل طالب يأتي لإكمال دراسته رغم القصف والحصار جدير بالحياة والعمل، لذلك ستكون له فرص العمل قوية بعد التخرج".

الطلاب بين التفاؤل والواقع الصعب

الطالبة "زينة" تخبرنا عن سعادتها بهذا المشروع التعليمي: "ثلاث سنوات وأنا أنتظر هذه الجامعة، نلت شهادتي الثانوية وكانت علاماتي تؤهلني لدراسة الطب، لكن شاءت الظروف أن يفرض النظام حصارا على الغوطة الشرقية وتم إغلاق الطرق بين الريف والعاصمة وحرمت من إكمال دراستي ما جعلني أنتسب إلى إحدى دورات التمريض في بلدتي والعمل كممرضة في المشافي الميدانية، وطبعا هذا سيسهل علي دراستي كثيرا فأنا أملك خبرة بسيطة في مجال الطب والخبرة الأكبر سأكتسبها من خلال دراستي في الجامعة".

أما بالنسبة لـ "علاء" وهو أحد الطلاب في الجامعة، فالأمور تختلف قليلا، فهو سعيد بانضمامه للجامعة لكنه متخوف من المستقبل ولا يعلم إلى أي مدى سيستطيع أن يصمد في الغوطة الشرقية المحاصرة: "لست متشائما، لكن يجب التفكير بواقعية، فأنا الآن أدرس في الجامعة وسعيد لأنني أكمل دراستي، لكن ما يخيفني هو مصيرنا المجهول فالجبهات محتدمة وعلى أشدها، ليس لدي شك أن النظام ساقط لا محالة لكننا نعيش أياما متقلبة ولا ندري ما هي نهاية المطاف".

لم يتوقف السوريون يوماً عن البحث والعمل في سبيل إيجاد طرق بديلة لتستمر حياتهم رغم كل أساليب القتل والحصار التي استخدمها النظام لقتل قدرتهم على الاستمرار وتشبثهم بالحياة الكريمة.

كانت الجامعات السورية من أولى أهداف النظام وأهمها، فهو لم يراع ما تعارفت عليه الدول من حرمة ما يعرف بـ "الحرم الجامعي"، فكانت الاعتقالات والاعتداء على الطلاب داخل الجامعات، لاسيما وقت تقديم الامتحانات، حيث يستغل اضطرار الطلبة للحضور.

دفع هذا بالعديد من الطلاب للانقطاع عن الدراسة، كما أن الحصار الذي فرضه الأسد، وحواجزه المنتشرة حرم الكثيرين من فرصة إتمام دراستهم بعد إكمالهم المرحلة الثانوية، ولكن استطاع السوريون دائماً استنباط الحلول المقابلة وما تجربة افتتاح الجامعات إلا دليل على إرادة الحياة والاستمرار.