أخبار الآن | بغداد – العراق – (وكالات)

يواجه البرلمان العراقي انتقادات حادة وأزمات متلاحقة وسط تحديات الحرب على الإرهابيين والأزمة الاقتصادية والفساد المستشري، التي يبدو عاجزا عن معالجتها.

ويشهد مجلس النواب أو البرلمان، الذي يفترض أنه يشكل حجر الأساس في الحياة السياسية، حالة شلل بعد سلسلة من المشاكل كان آخرها اتهامات لرئيسه وبعض أعضائه بالفساد، ما عزز قناعة لدى الغالبية العظمى من العراقيين بعدم جدوى هذه المؤسسة التي يفترض بها تقرير مصير البلاد.

إقرأ أيضاً: القوات العراقية تسيطر على منطقتين جنوبي الموصل

كانت آخر أزمة شهدها البرلمان هي اتهامات وجهها وزير الدفاع خالد العبيدي إلى رئيس مجلس النواب سليم الجبوري بالفساد والابتزاز، ودفعت اتهاماته السلطات القضائية إلى منع سفر الجبوري واثنين من نواب البرلمان، في المقابل قدم الجبوري شكوى ضد العبيدي بتهمة التشهير والقذف.

ولم يتمكن البرلمان في بداية العام الجاري وعلى امتداد عدة أسابيع، من التوصل إلى اتفاق لدعم جهود رئيس الوزراء حيدر العبادي، لتشكيل حكومة وزراء تنكوقراط بسبب معارضة الأحزاب الكبيرة التي تسيطر على مقدرات البلاد.

وشهد البرلمان حالة من الفوضى العارمة المتكررة وسط مطالب بالإصل، ووصل الأمر إلى حد اعتصام عشرات من نوابه وخلافات بلغت حد المطالبة بإقالة رئيس المجلس، ما دفع آخرين من أعضائه لرئاسة بعض جلساته بدلا عن الجبوري.

كما اقتحم متظاهرون إثر غضب على أعضاء المجلس، المنطقة الخضراء حيث يقع البرلمان، وسيطروا على المبنى لعدة ساعات، وقال زيد العلي الخبير الدستوري ومؤلف كتاب "الصراع على مستقبل العراق"، إن الثقة في البرلمان بلغت أدنى مستوى، لذلك قد لا تؤثر المشاكل الأخيرة على حجم هذه الثقة كثيرا، مضيفا أن العراقيين البسطاء يعتبرون المؤسسة (البرلمان) نكتة.

وتتزامن كل هذه الأمور مع الأزمات الأكثر خطورة التي يمر بها العراق في الوقت الحاضر، ويمكن للبرلمان أن يلعب دورا للوقوف بوجه تلك المشاكل لو كان الحال غير ما هو عليه.

ويخوض العراق حربا ضد تنظيم "داعش" المتطرف الذي استطاع بعد هجوم شرس في يونيو 2014، السيطرة على مناطق واسعة في شمال وغرب البلاد، وسط تحذيرات من الأمم المتحدة من أن الخلافات السياسية ستخدم الإرهابيين.

كما يواجه العراق أزمة مالية حادة جراء انخفاض أسعار النفط الذي يعد المورد الرئيسي لميزانية البلاد، وتيزامن ذلك مع سوء الإدارة والكسب غير المشروع وتصاعد الغضب بسبب انتشار الفساد وسوء الخدمات في عموم البلاد.

إقرأ أيضاً: نزوح ألف شخص هرباً من داعش جنوب الموصل

وبينما يعاني البرلمان من مشاكل متكررة في التأخير، عدم فاعليته في إقرار التشريعات ليس جديدا، والمؤسسة التي كان يفترض أن تكون واحدة من الهيئات الأساسية للحكم لا تقوم بدورها.

ويرى العلي أن مجلس النواب العراقي كان واحدا من أقل المؤسسات فاعلية منذ 2005.

وأكد النائب أحمد المساري، عن اتحاد القوى أكبر ممثلة للسنة في المجلس، أن البرلمان لم يكن بالمستوى الذي نطمح له لعدم تشريع قوانين مثل العفو العام والمسائلة والعدالة والنفط والغاز، والسبب هو الحاجة إلى توافق بين الكتل السياسية، مضيفا "الخلافات السياسية وعدم التوافق السبب لعدم وصول البرلمان للمستوى المطلوب".

واعتبر العلي أن هذا الأمر يسبب مشكلة، لأن دستورنا أسس لعراق برلماني ديموقراطي، ووضع البرلمان في مركز جميع نشاطات الدولة.

ويعمل نواب البرلمان، وفقا لتوجهات أحزابهم السياسية والطائفية والقومية بدلا من السعي باتجاه وطني، الأمر الذي يخلق مشاكل للمجلس.

لا توجد جبهة معارضة رسميا في داخل البرلمان، إذ أن جميع الأحزاب تشارك بوزراء داخل الحكومة ومن السهل منح أصواتها، لكن يبقى الأمر في غاية الصعوبة عند الحاجة لتمرير قوانين وطرح أمور مثيرة للجدل.

وأشار العلي إلى أنه في القضايا الحيوية مثل الأمن، كان البرلمان غير قادر على تمرير أي تشريع تقريبا، وأضاف أن الإصلاح الواسع في العراق غير ممكن، لأن البرلمان مؤسسة ليست كفوءة.

وكان يمكن أن يسمح مجئ نواب جدد بتحسين الوضع، لكن الانتخابات القادمة مقررة فيم 2018، وحتى هذا لا يمكن أن يضمن تحسن أوضاع البلاد.

لذلك يبدو العراقيون مضطريم الان للتعايش مع اوضاع بلادهم في ظل برلمان لا يؤمنون بقدراته ولا يحملون له اي ثقة.