أخبار الآن | دمشق – سوريا (جابر المر)

يعتبر العديد من المتابعين للجوء السوري أن الأعداد التي خرجت في البحر هي الأعداد الفعلية للسوريين الراغبين بمغادرة البلاد سعيا إلى الأمان في الدول الأوربية، لكن ما يخفى دائما هو أن معظم الأشخاص الذين وصلوا إلى أوروبا، قد خلفوا وراءهم أُسرا تنتظر اللحاق بهم بطريقة رسمية، بعد أن يتمكن المهاجر من الحصول على إقامة في الدولة التي يصل إليها ثم يبدأ بإجراءات لم الشمل.

هدية النظام وروسيا في رمضان .. مجازر وغارات على أحياء حلب

واقع بعيد عن الأحلام

كان الصادم بالنسبة لمعظم المهاجرين بعد أن وصلوا إلى أوروبا، أن أعدادهم باتت تتضاعف وتشكل عقبة أمام مخططاتهم التي هاجروا إليها من دمشق، فباتت الخطوات التي تصلهم بعوائلهم تتباعد يوما إثر يوم، ويلعب وضع المهاجر الجديد دوره في ذلك وكذلك أوضاع أهله المنتظرين.

يقول "عيّاد الخلف" مهاجر إلى ألمانيا: "لقد اخترت ألمانيا لأني علمت أنها الأسرع في إجراءات لم الشمل، وعندما وصلت إلى هنا اكتشفت أن أعداد المهاجرين المتضاعفة منعت أخذ الإقامة بسهولة، وجعلت كل الإجراءات أبطأ بسبب الازدحام، وهذا لم يكن يخطر ببالي، أنا هنا منذ ستة أشهر ولم أحصل لنفسي على إقامة قبل أن أباشر بإجراءات لم الشمل التي ستأخذ بدورها وقتا طويلا، أحيانا أشعر بالندم على خياري، لكن قدر الله وما شاء فعل".

ومن حيث الأزمات التي يعيشها اللاجئون "وقد ظن أغلبهم أنهم سيخرجون من جحيم الأسد إلى جنان أوروبا"، حيث تبدأ بصعوبة التأقلم مع القوانين الجديدة، والمناخ الجديد، واللغة الجديدة، والظروف الجديدة مجتمعة، وفوق هذا وكله تأخر في المعاملات الرسمية وبيروقراطية لم تكن بحسبان من خرج من بلاد الأسد إلى أوروبا، تقول "سما العمري": "لا تستطيع أن تتخيل كم المعاناة التي نعانيها لنتعقب معاملاتنا في الدولة الفرنسية، الموضوع مجهد حقا، ولم يكن يخطر ببالنا كم البيروقراطية الموجود هنا، لا أعلم متى سأصبح لاجئة بشكل قانوني في هذه البلاد".

"أطفال لا جنود" حملة للحد من ظاهرة تجنيد الأطفال في جبهة النصرة

عائلات تنتظر

بينما ينتظر اللاجئ الذي وصل إلى اوروبا أن تتم معاملاته بأسرع وقت ممكن، فإن أسرته قد بقيت في سوريا، وحديث كل العائلات اليوم في دمشق هو حول لم الشمل، ومن سيغادر اليوم ومن سينتظر، إذ أن هنالك عقبات ربما لم تخطر ببال أحد، فدمشق عاصمة بلا سفارات، وكل مقابلات السفر يجب أن تكون من دولة مجاورة، وفي وضع السوريين المعيشي والإنساني الحالي، لا يستطيع معظمهم المغادرة أبعد من بيروت، ولبيروت ضرائبها، تقول أم محمد: "كان لدي موعدا مع السفارة السويدية في بيروت، وعندما ذهبت صباحا إلى الحدود، أهانني الأمن العام اللبناني بأقذر الكلمات، ولم يراع أني أتيت لمقابلة السفارة، وظل يماطل بي إلى أن فات موعد المقابلة الذي انتظرته أكثر من ستة شهور".

وعلى مساوئ الأوضاع الحالية فقد ابتكر السوريون كعادتهم الحلول ابتكارا، فبات اللاجئ يقدم لأهله على مقابلة في ماليزيا أو إندونيسيا، وهي سفرة مليئة بالتكاليف على العوائل التي ترغب اللحاق بأبنائها، فباتت الأسر تذهب إلى تلك الدول الأسيوية للحصول على مقابلة بأسرع وقت ممكن، ودون الذل الناجم عن الأمن العام اللبناني، والحدود اللبنانية، يقول "صفوان الصاري": "كلفني السفر إلى اندونيسيا لإجراء مقابلة لم الشمل أكثر من الخروج بحرا، ولو أن طريق البحر مفتوحا ولم تغلقه تركيا، لاستغنيت بالمخاطرة عن ذل الانتظار وتكاليفه".

إعلان النفير العام للموظفين في مؤسسات الدولة بدير الزور

ضاقت الأرض بالسوريين ما رحبت، ورحبت البلاد بالأسد الذي اغتصبها وهجر أهلها جهارا نهارا، حيث كانت هذه مشيئة دول العالم التي تخاذلت كلها للإيقاع بالسوري، لكن يعرف السوريون أكثر من غيرهم أن مشيئة الله قادمة، وليكون للأسد حسابا عسيرا.