أخبار الآن | طرطوس – سوريا (سمارة علي)
على وقع خبر السيطرة على تدمر بالكامل، يستقبل أهالي طرطوس النبأ على غير رحابة، ولعل أهم ما ينغص فرحة مؤيدي النظام، عدد القتلى الذين قضوا في المعركة، والصور المتدفقة التي توضح تصرفات إجرامية قام بها عناصر من الجيش، فبحسب وجهة نظر عينة من الطرطوسيين، فإن تدمر لن تكون خاتمة المعارك، وهم قد ألفوا الاحتفاء عقب كل سيطرة، دونما اكتراث "الأسد" لكبر رقم الضحايا العسكريين، الذين يصمد الأسد في وجه الثورة على جثامينهم.
ولكن الأهم بالنسبة للطرطوسيين اليوم، ما فعلته قوات الأسد والميليشيات المقاتلة إلى جانبها، من تنكيل بجثث عناصر داعش وقطع الرؤوس، إذ يعتبرون هذه الأفعال مجردة من الإنسانية.
يقول "ساري" مواطن: "ما الذي سيتغير على سكان تدمر بعد دخول الجيش، فعندما سيطرت داعش على المدينة قامت بقطع الرؤوس، واليوم قوات الجيش تقطع الرؤوس عقب سيطرتها على المدينة، أليس من الجدير بهم دفن الجثث لا التنكيل بهل، أليست هكذا الإنسانية".
الصور التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، تظهر قيام عناصر تابعين لميليشات سورية رديفة للجيش، قيامها بقطع رؤوس عناصر داعش والتنكيل بهم وهم أموات، وهذا ما اعتبره مؤيدو النظام، تنغيصا لفرحتهم التي ما لبثت ساعات قليلة، حتى أن ما يكدر الفرحة أكثر، التفاخر بذلك من قبل من يعتبرونهم حماة الوطن وفرسان المستقبل!.
يقول "أبو وجيه" معلم، "في حديث منقول": "لا يمكن أن نقبل بهذه التصرفات، نحن سوريون قبل كل شيء، وما فعله ويفعله هؤلاء خطيئة كبيرة بحق من ضحوا بدمائهم في هذه المعركة، ويجب محاسبتهم، وسؤالي لهم، ما الذي جلبوه لأنفسهم بتلك الأفعال سوى اللعنة".
أما "رضا" مهندس، فيقول: "منذ بداية الأزمة ونحن نرى عناصر تابعين للجيش ينكلون بالجثث ويقطعون الرؤوس، وكنا ندحض تلك الاتهامات، إلا أنها واقع حقيقي، الكثير من عناصر الجيش طائفيين ولا وجود للإنسانية بقلوبهم، شاهدت ذلك بعيني، وما يجعلنا مغيبين أكثر عما يجري بالخارج، تغييب رفضنا بما يتماشى مع رؤية القيادة".
الانقسام بتوجيه تهمة قطع الرؤوس بين قوات الجيش أو القوات الرديفة، أخذ صدى كبيرا في المدينة بعد نبأ السيطرة على تدمر بسويعات، وراح كل طرف يمازح الآخر بلهجة تحمل شيئا من الاستهزاء: "ابنك يقاتل مع قاطعي الرؤوس"، لكن ما تفسره هذه الحادثة، أن أهالي طرطوس مغيبون جدا عن ما يجري، بسبب السياسة الدعائية التي يتبعها النظام معهم، كإرهابهم بالحرب التي ستطالهم إن سقط الأسد، غير أن كل من رأى تلك الصور طالب بمحاسبة الفاعلين، مهما كانت مراتبهم.
يقول "سلمان"، مواطن: "من يقطع الرؤوس ويمثل بالجثث هو مجرم بلا شك، وهؤلاء مجرمون، لقد أثبتوا ذلك خلال الصور التي بثوها على الإنترنت، أينتظرون منا أن نصفق لهم على هذه الفعلة؟، ألا بئس ما فعلوا".
ما جرى من نقاش دار بين معظم سكان المدينة حول إدانة هذه الأفعال "قطع الرؤوس"، يثبت بُغض السوريين للجرائم مهما كانت توجهاتهم، باستثناء من ورطه النظام معه بقتل الشعب، لكن ما يجهله كثير وربما معظمهم، أن الأمر قد جرى بموافقة ضباطهم، وهم من أعطى الأمر بذلك فلقد اعتاد النظام على ارتكاب أشنع الفظائع، فما الذي سيمنع العناصر من التمثيل بجثث عناصر داعش، ما دام رأس النظام، ودول كثيرة معه يمارسون تلك الأفعال، المجردة من الإنسانية.