أخبار الآن | حماة – سوريا (نجوى بارودي)

في إحصاءات مسحية لمراكز أبحاث أوربية حول نسب العنوسة في العالم العربي، احتلت سورية المرتبة الثانية عربياً في عدد الفتيات العانسات، حيث بلغت نسبة 70% من النساء اللواتي تجاوزت أعمارهن 35 دون زواج، تناقلت وسائل الإعلام السورية هذا النبأ لكنه مر مرور الكرام في ظل انشغال الجميع بإحصاء عدد القتلى والمعتقلين السوريين في ظل النظام المجرم المتمثل ببشار الأسد.

الفتيات بين الزواج أو عدمه

"منى" المتخرجة حديثاً من جامعة حماة، تعتبر أن الزواج هو خطوة جريئة في ظل الوضع الراهن، أي امرأة قد تحتمل فكرة الخوف طوال الوقت بألا يعود زوجها إلا محملاً بتابوت أو أن تسمع أنه رهن الاعتقال في أقبية النظام التي لا عودة منها!.

"عن أي فارس أحلام سأبحث أنا" تقول "سها"، وتضيف: نحن بتنا بلا أحلام، كانت الفتاة في محافظة حماة وخصوصاً في منطقتنا "الحاضر" ما إن تبلغ السادسة عشرة من عمرها حتى تلهث وراءها أمهات العرسان ويبدأ أهلها بتجهيز أنفسهم لليوم الميمون، من سيهتم الآن في حماة والتي ذاقت الويلات إن كنت عانساً أم لا وعشرات القتلى من الشباب يسقطون يومياً والبيوت تهدم على ساكنيها؟!" .

تقول "سماح" 36 عاماً: "المجتمع الحموي ينظر إلى الفتيات اللواتي تأخرن عن الزواج نظرة خاصة تحدّ من حركة الأنثى ومن نشاطها وحتى من قدرتها على التكيف مع العنوسة كواقع مزر". وتضيف: أعتقد أن العادات والتقاليد وأحيانا بعض الموروثات الدينية هي السبب في تضخيم موضوع العنوسة الذي لا تشعر به بهذا الحجم في محافظات أخرى.

وتعتبر بعض الأسر في محافظة حماة وخصوصاً في بعض الأحياء كالملعب البلدي وشارع حلب، أن الظفر بعريس من الجيش المقاوم للنظام وشبيحته بمثابة أمنية قد تتحقق لكل عائلة تريد أن تنعم بالقوة بعكس الفتيات اللواتي يرفضن المقاتلين وذلك بقول "سامية" إن الزواج منهم بمثابة الدخول إلى دوامة الخوف والرعب الدائمين وكأنني أعد لنفسي العدة بأن أكون أرملة أو معيلة لأطفال يتامى فالموت يلاحقهم ويحاصرهم.

تبدل في عادات ومعايير الزواج

كان يلعب الأهل في محافظة حماة وخصوصاً في العائلات الممتدة والتي تمتلك المحال التجارية والثروات، دوراً هاماً في اختيار الزوجة، وكان الزواج يحتاج لجاهات وتجهيزات حتى لو كان الوضع المادي للشاب متوسطا، لكن ظروف الحرب بدلت تلك العادات والتقاليد لتلقي الحرب في سورية ظلالها حتى على النظام الاجتماعي.

يقول الشيخ "ياسين" أنه ومنذ خمس سنوات قام بتزويج 500 فتاة وشابا "عرفياً" وذلك لم يكن منتشراً سابقاً في المجتمع السوري، ويشير إلى أن غالبية الشباب كانوا من المطلوبين للخدمة العسكرية أو من المقاتلين في صفوف المعارضة المسلحة، كما أن الزواج عرفياً يخفف على الشاب الكثير من الأعباء التي لا يستطيع تلبيتها في وضعه الحالي، فالذهب في ارتفاع وأغلب من جهز منزل المستقبل تهدم جراء القصف واضطر لاستئجار منازل بعيدة عن أعين النظام وشبيحته.

تقول "رانيا": "كنت أحلم بزفاف كبير وبفستان أبيض ولكنني الآن حتى زوجي المستقبلي لا أعرفه فقد تم عقد قراني به وهو في ألمانيا، تنتشر الآن في محافظة حماة النساء اللواتي يزوجن الشباب الكترونياً حيث يتم التعارف والزواج عن طريق الانترنت وهذا ما حدث معي، في منزلنا فقط ثلاثة أخوات فاتهن القطار في هذه المحافظة التي تعتبر الفتاة فوق العشرين عانسا".

انخفض عدد الرجال كثيراً منذ اندلاع الحرب في محافظة حماه بسبب توجههم للقتال أو مقتل الكثير منهم واعتقال القسم الأكبر إضافة إلى سفر الكثيرين للخارج هرباً من التجنيد الإجباري في صفوف النظام، كل تلك الأسباب جعلت الأهل يقبلون بمعايير زواج لم تكن مرغوبة سابقاً، من حيث المهر أو تقديم الذهب أو حتى السكن في بيت مستقل بل أصبح السكن مع الأهل أمراً اكثر قبولاً في المجتمع.

يقول والد إحدى الفتيات المتزوجات حديثاً: "تعرفت على صهري المستقبلي عن طريق الفيس بوك وعقدنا القران عن طريق السكايب، ربما انقلبت المعايير التي كنا لا نفكر أن نمارسها حتى ولو في مسلسل كوميدي ولكن نخشى على شرف فتياتنا من شبيحة النظام الذين لم يوفروا كبيرة أو صغيرة بوحشيتهم".