أخبار الآن | إسطنبول – تركيا (جابر المر)
افتحت صالة "شوكور جوما" في منطقة "جيهانغير" في إسطنبول معرضا مشتركا لفنانين أتراك وإيرانيين ولوحات للفنان السوري "علاء الدين الحسون"، تميزت لوحات الحسون عن سواها بالسواد والعنف الذي أسر حضور الافتتاح.
الحرب لون
"علاء الحسون" الذي ترك دراسة الماجستير في مصر مع اندلاع الثورة السورية، عائدا إلى مدينته حلب ليشارك في الثورة، ترك حلب في أواخر عام 2014 متجها إلى "غازي عنتاب" التركية، وفي جعبته العديد من المشاهد والألوان طبعتها مدينته ودمارها برأسه، فعمل في مرسمه هناك على معرضه الأول الذي عرضه بشكل فردي في إسطنبول، كباقي الفنانين الأتراك، بعيدا عن الدعم والمساعدات التي توفر بعضها المؤسسات السورية والتركية للفنانين.
وبعد نجاح المعرض طلبت صالة "شوكور جوما" منه أن يشارك فنانين أتراك وإيرانيين تجربته عبر معرض جماعي، الأمر الذي حفز "الحسون" للبدء بلوحات جديدة تخلط ما بين تعب اللجوء في اسطنبول وبين ما بقي من الحرب بذاكرته، لتتصدر لوحاته المعرض.
"هاكان سلاح سيزوغلو"، ممثل ومنتج مسرحي تركي يعمل في لندن زار المعرض وأبدى إعجابه بلوحات الحسون وضخامتها، ومدى العنف الذي تعكسه هذه اللوحات: "أعبجتني لوحات الحسون كثيرا، أحب هذه الأحجام، ولفت نظري استخدامه لمواد كالحبر والأكريليك والفحم، واجتماعها الذي يعطي اللوحة قتامة فريدة".
المعرض الثاني
لم يختلف تكنيك الرسم كثيرا لدى "الحسون" في المرحلة التي فصلت معرضه الأول عن الثاني، إنما تشعر بلوحاته الخمس التي شارك فيها فنانون إقليمون أن اللوحات هي الشاهد الأخير على مرحلة الحرب التي مر بها الفنان. وإذا كان معرضه الأول هو بداية البوح عما رآه في حلب فالمعرض الثاني هو آخر الكلام، لوحات تحمل وجوها متعبة، وفوضى تجسد الدمار الذي يتراكم بعد دمار سبقه، وسواد في اللون يعكس قتامة تركتها حلب في الروح، تدخل إلى مرسم "الحسون" فتراه يعارك اللوحات ولا يرغب بالحديث مع أحد، وعندما يأخذ استراحة من الرسم نسأله ما الذي كنت تفعله فيجيب: "كنت أخرج ما فعلته حلب بي إلى الملأ".
كفاح الحياة اليومية
بين صعوبات الحياة اليومية ومزاولة الرسم كمهنة، يعاني الفنان عموما في العالم، فبيع اللوحات والتسويق لها، لا بل وحتى العمل بها من حيث تكاليف المواد يبدو أمرا بغاية الكلفة والصعوبة لمن لا يملك مصدرا آخر للدخل، ولكي يعيش اللاجئ السوري في إسطنبول هو بحاجة العديد من مصادر الدخل التي تحفظ حياته قبل إبداعه، يقول الحسون: "هذا معرضي الثاني في إسطنبول الذي أقوم به بشكل فردي، أنا لا أجيد سوى الرسم وهذا الأمر منهك إزاء تفاصيل الحياة اليومية، انتقلت من عنتاب إلى إسطنبول لأعمل وهاأنذا أنتظر أن تباع اللوحات حتى أتمكن من دفع أجار سكني، من الصعب الحفاظ على سوية عالية في الرسم في ظل هذه الظروف، لا أخشى على حياتي بقدر ما أخشى على اللوحة، خرجت من سوريا حتى أحافظ عليها، واليوم تدور رحى الحياة اليومية علي وعليها".
تحديات كثيرة وصعوبات تواجه الفنان السوري في تركيا وفي شتى المجالات، بينما نسمع دائما عن محاولات لمؤسسات تركية ودولية لإنقاذ الفنانين السوريين مما يواجهونه، لكن العدد كبير والإمكانات محدودة فالمأزق السوري تخطى حدود الممكن والخيال.