أخبار الآن | درعا – سوريا (محمد الحوراني)

لا يزال النظام يعمد إلى تجويع أبناء سوريا وحصارهم في لقمة عيشهم مقابل تحقيق مكاسب يريدها على الأرض. ولم تكن بلدة "كناكر"، في ريف دمشق، بأفضل حال من البلدات المحاصرة في الغوطة الغربية، فقد كانت البلدة من أوائل البلدات السورية التي خرجت فيها المظاهرات المطالبة بالحرية والكرامة، وقد حاول النظام اقتحامها عدة مرات حتى بسط سيطرته عليها بعد اقتحامه لها بعشرات الدبابات والمدرعات بتاريخ 26/9/2012، مما اضطر الثوار حينها إلى الخروج من البلدة إيثاراً لسلامة السكان، وبدأ النظام بتضييق الخناق على الأهالي، بقطع طرقات الأراضي الزراعية تارةً، واعتقالات يومية على الحواجز المحيطة، حيث بلغ تعداد المعتقلين حتى الآن 185 معتقلاً مع منع دخول كثير من المواد الطبية الإسعافية الضرورية.

أسلوب الترهيب والترغيب

بحسب أهالي البلدة، قام النظام بتهديد السكان بقصف البلدة وقطع عنها المواد الغذائية ومواد المحروقات عدة مرات إن لم يرضخوا لتسليم "المطلوبين" وإجراء عمليات المصالحة. ومن جهة أخرى يتلاعب على وتر العاطفة، ويقوم بالتغرير بالأهالي ومساومتهم وإغرائهم بإطلاق سراح أبنائهم المعتقلين، مقابل تسليم السلاح وتسليم المطلوبين أنفسهم وتسوية أوضاعهم عن طريق ما تسمى "لجان المصالحة" .

وحول ذلك يقول "أبو قاسم" لأخبار الآن، والذي رفض التصريح عن اسمه خوفاً من اعتقاله، أنه كثرت في الآونة الأخيرة الاعتقالات التعسفية التي تستهدف المدنيين لاسيما طلاب الجامعات والموظفين في ظل معاناة  البلدة من نقص في المواد التموينية والدوائية والمحروقات وكثير من المواد الخدمية والزراعية ومنع دخول مواد البناء منذ ثلاثة سنين.

ومن جهته أوضح القائد العسكري لـ "ألوية الفرقان" في البلدة "سيف الدين حافظ" لأخبار الآن أن سبب حصار كناكر يعود إلى أهمية موقعها الاستراتيجي وتموضعها وسط عدة تلال تحتلها قوات النظام والميليشيات الإيرانية والتي تتمحور على جهاتها الأربع، أبرزها اللواء 121 الذي ينتشر على 8 تلال عسكرية تحيط البلدة إحاطة تامة وأشهرها "تل المرقال، تل مرعي، تل الشيح ، تلول الهوى، تل شاضي،  تل النحلة وغيرها".

وأردف قائلاً أن النظام أحكم سيطرته على مداخل ومخارج البلدة بشكل كامل بعد الحملة الإيرانية التي شنت على مواقع مثلث الموت وسط فبراير من العام الماضي، حيث بدأت بسيطرتهم على تل مرعي ومن ثم عدة بلدات، وتسببت بقطع الطرقات الواصلة إلى المناطق المحررة بيد الثوار في محافظتي درعا والقنيطرة .

خطة النظام لعمل عسكري في كناكر

وفي سياق متصل قال "سيف الدين" أن سياسة النظام في هذه المرحلة تعتمد على قطع الأوصال وحصار البلدات كما يعتمد على سياسة تحييد الخصوم وتقليل الجبهات، بحسب وصفه، لذلك لا يستبعد أن يقوم النظام بعمل عسكري في هذه الفترة وإن فعلها فستكون العواقب وخيمة.

وأردف مؤكداً بأن ما تم نشره عن مصالحة الجيش الحر للنظام وتسليمهم السلاح عار عن الصحة، وحقيقة ما جرى في بلدة كناكر في أواخر العام المنصرم هو تسوية أوضاع أمنية لبعض طلاب الجامعات والموظفين والعاملين في القطاع المدني، لكن إعلام النظام استغل هذه الحادثة ليقول للعالم أن كناكر صالحت النظام وعادت إلى "حضن الوطن ".

لكن كناكر وإن لم تصالح، فهي تعيش هدنة غير معلنة نظرا للضغط السكاني فيها إذ تأوي مثل عدد سكانها، وللحصار الخانق الذي تعاني منه، ثمنا لموقفها الثوري .

يذكر أن "ألوية الفرقان" العاملة في سوريا والتي ترتكز قوتها الرئيسية في ريف دمشق الغربي والقنيطرة ومسقط رأسها بلدة كناكر، وقد شاركت بأغلب المعارك الهامة في دمشق وريفها ومحافظتي درعا والقنيطرة .

الوضع الإنساني والطبي في ظل الحصار

ومن الناحية الطبية والصحية، فبعد تقطيع أوصال المحافظات المذكورة، اشتدت معاناة البلدة طبياً مع نقص الكوادر الطبية وعدم وجود المشافي الحكومية .وذكر لنا الطبيب "أبو عبادة" الذي استقال من وظيفته الحكومية للتفرغ لعلاج أهالي البلدة وإسعاف الجرحى والحالات الطارئة بأدوات وإمكانيات متواضعة؛ أوضح أن الحصار العسكري منذ مدة طويلة انعكس سلبا على الواقع الصحي في البلدة، وتمثل بعدة نقاط أهمها نقص حاد في الأدوية والمستهلكات الطبية بسبب صعوبة إدخالها وارتفاع أسعارها وزيادة الحاجة لها مع انتشار بعض الأمراض الوبائية كالحمى التيفية والمالطية وأخيراً الأنفلونزا التي اجتاحت المنطقة واستهلكت معظم المخزون الدوائي، وزادت الحاجة لمواد الإرذاذ، وقد تمت مواجهة انتشار الأنفلونزا مؤخراً باتخاذ الإجراءات اللازمة ونشر طرق الوقاية والتوعية الصحية خاصة للأطفال والكهول .