أخبار الآن | تركيا – متابعات ( وضحى عثمان)
تزامن مع انطلاقة الثورة في سورية، بدء أعمال تطوعية أخذت أشكالا كثيرة في مختلف المجالات، هدفها الأساسي تقديم الخدمات للشعب الذي أصبح بحاجة إلى دعم في كافة نواحي الحياة، فمن السعي لتأمين مساعدات مالية وعينية، إلى التكفل بمصاريف عمليات جراحية وما أوسع من ذلك، وصل الأمر إلى "التطوع في البحر".
التطوع بحراً .. إنقاذ المهاجرين
فكرة فريد من نوعها في التطوع، قام بها شاب سوري يدعى "وسيم زكور". بدأت القصة بالصدفة منذ ستة أشهر أو مع توسع موجة الهجرة الكبيرة صوب أوربا، حيث كانت هنالك نداءات موجهة من إحدى القوارب التي تقل مهاجرين في البحر، مضمونها "أي شخص يتقن اللغة التركية أو اليونانية أو الإنكليزية أن يتواصل مع خفر السواحل التركي أو اليوناني، هنالك قارب على وشك الغرق".
تلقى "وسيم" النداء، فاتصل حالا بخفر السواحل اليوناني، وأعطاه إحداثيات القارب "البلم"، فتوجه الخفر إلى البقعة المحددة عبر النداء، وبدأ بإنقاذ المهاجرين، الذين كانوا جميعا على وشك الموت غرقا.
بعد تلك الحادثة، شعر "وسيم" بضرورة وجود متطوع سوري في هذا الميدان، خاصة أن معظم من يعبرون البحار هم من السوريين، فأخذ يبحث عن طريقة تمكنه من مساعدة أكبر عدد من المهاجرين، وانتهت به عمليات البحث إلى السهر و"الدوام" بالقرب من مكان انطلاق قوارب المهاجرين، وتارة بين الغابات التي تعبرها أقدام المهاجرين.
يقول "وسيم" وهو شاب سوري لاجئ في أوربا: "أحاول تقديم شيئا يساعد لشعبي المنكوب، لعلي أرضي نفسي وذاتي بما أقدم، فكلنا سنحاسب ضمائرنا ذات يوم، ما الذي قدمناه للشعب أو الثورة؟ بماذا أسهمنا؟ وربما أساعد من لا مساعد لهم سوى الله في تخفيف مشقة الإبحار عليهم، فأنا عبرت البحر قبلهم، وأدرك تماما ما الذي يواجهونه".
لا تنتهي أعمال وسيم الإنسانية عند ما سبق ذكره، إذ جعل من منزله مكانا للقادمين، فتستمر إقامتهم عنده، حتى إتمام إجراءات اللجوء، بينما يسهل على الجميع هناك، عمليات تنقلهم وزيارات أقاربهم، بسبب خبرته هناك.
بعد الإجراءات التي اتخذتها دول الإتحاد الأوربي، راح "وسيم" يتواصل مع الكثير من النشطاء في مختلف الدول، ابتداء من اليونان حتى تركيا، حيث يقدم الاستشارات والنصائح لهم، ويبقى على تواصل معهم طوال الرحلة في البحر، حتى الوصول إلى شواطئ اليونان، فينسق مع متطوعين يقدمون الغذاء والماء والملابس على طول الطريق البري في دول أوربا الشرقية، وهناك قصص كارثية أنقذ أصحابها في اللحظات الأخيرة.
يذكر وسيم أن هناك كثير من الناشطين في هذا الميدان، ويذكر حادثة عن إحدى أصعب الرحلات، وهي قصة المركب الذي كان يتجه إلى كسب السورية، التي تسيطر عليها قوات النظام، وهم يعتقدون أنهم ذاهبون إلى اليونان، وكان يقلّ عشرات السوريين، من بينهم منشقين عن النظام، وعندما شعر أحد المهاجرين أن القارب يتجه إلى كسب فاتصل بهم، وقاموا بمتابعة وجهة سير المركب وصححوها، بالتنسيق مع خفر السواحل التركي، فقاموا جميعا بإعادتهم الى الشواطئ التركية، ولولا جهود المتطوعين، كان سيبقى مصير ذلك القارب مجهولا بين غارق أو مفقود.