أخبار الآن | اسطنبول – تركيا (جابر المر)

مع تزايد أعداد الجالية العربية في تركيا، واتساع نطاق انتشار اللغة العربية بعد الربيع العربي في العالم عموما وفي تركيا خصوصا، تشهد تركيا إقبال عدد كبير من المواطنين على معاهد تعلم اللغة التركية على أراضيها. ولأن اسطنبول هي العاصمة السياحية والتجارية والاقتصادية لتركيا، فإن معاهد تعليم اللغة العربية في تركيا تزداد يوما بعد يوم.

بلد المليوني سوري

لا يوجد في تركيا إحصاءات دقيقة لعدد اللاجئين السوريين، لكن حجم العدد الكلي وما يتعارف عليه الناس هنا هو أن مليوني سوري يعيشون الآن في تركيا، تتوزع النسبة العظمى منهم في المناطق الجنوبية على الحدود مع سوريا، وقسم كبير آخر يعيش في اسطنبول، الأمر الذي يجعلك أينما كنت في هذه المناطق تسمع اللهجات السورية المتنوعة، أضف إليها أن العرب القادمين بغرض السياحة أو الدراسة، يتوافدون بأعداد ضخمة سنويا، ما يجعل المواطن التركي على احتكاك دائم مع العربية. يخبرنا أحمد حسو: "باتت الدكاكين في تركيا تعرف الأرقام، أسماء البضائع على الأقل باللغة العربية، أنت تدخل إلى أي محل ولن تعدم وسيلة التواصل".

الثقافة الإسلامية

يميل معظم الأتراك المسلمين عموما إلى تعلم لغة كتابهم المقدس، تعلم اللغة التي تصدح بها مساجد البلاد هي هاجس للتركي المتدين، الذي يعتبر دائما أن ثقافته الدينية لا تكتمل من غير تعلم اللغة العربية، فالشاب التركي "يولاك حج أوغلو" يرى أن "المسلم الذي لا يتعلم اللغة العربية يشعر دائما أن هناك ما ينقصه، هذه اللغة الأصلية للدين، لذلك نحن نحسد العرب على لغتهم، ونعتبر أنهم محظوظين من هذه الناحية". وبالإضافة للثقافة الإسلامية الشعبية في تركيا، فإن البلاد التي يحكمها "حزب العدالة والتنمية" منذ خمسة عشر عاما، والذي يوضح في سياساته عن رغبته بإنشاء علاقات تركية – عربية أمتن من أي وقت في تاريخ تركيا، يلعب دورا كبيرا في انتشار معاهد تعلم اللغة العربية للأتراك، فجل الأتراك يرون في تعلم العربية فوائد مستقبلية على غير ما كان سائدا في الثقافة التركية من قبل.

الربيع العربي

لا تقف حدود الربيع العربي عند الإطار الجغرافي للعالم العربي، فالجميع يذكر موجة الانتفاضات والتحركات العالمية التي تلت الربيع العربي، كحراك احتلوا وول ستريت الفوضوي في أمريكا مثلا، والذي انبثق عنه شعار "احتلوا" الذي تبنته العديد من المنظمات والتحركات المدنية المعارضة حول العالم.

في هذا الصدد لم تكن تركيا بمنأى عما يجري، فتأثير الشباب العربي ما زال مستمرا منذ اندلاع أولى الثورات في تونس إلى اللحظة الراهنة، آخذين بعين الاعتبار علاقة تركيا المباشرة مع الثورة السورية ودعمها غير المحدود لها، ووجود نسبة كبيرة من الناشطين وأصحاب المنظمات الذين واصلوا العمل من الأراضي التركية، ليلي هذا إنشاء مكتبات عربية كالمكتبة السورية "صفحات" والمكتبة السودانية "توتيل" في اسطنبول، هناك حيث يفاجئك وجود زبائن أتراك دائمين لهذه المكتبات.

"إليف" هي طالبة علوم إسلامية التقينا بها في مكتبة توتيل: "آتي غالبا إلى هنا لأخذ الكتب، أحب القراءة باللغة العربية، هي ما أعتمد عليه لتقوية لغتي، خصوصا أن المكتبة العربية غنية بالمراجع الإسلامية أكثر من أي مكتبة أخرى في العالم".