أخبار الآن | السويداء – سوريا – (خاص)

اعتاد أهالي السويداء على تمثيليات درامية يخرجها رئيس فرع الأمن العسكري في المدينة "وفيق ناصر" بين كل فترة وأخرى، ففي البداية انطلق إبداع رئيس الفرع إخراجياً عبر تمثيليات القضاء على العصابات المسلحة التي تقوم بتهريب السلاح وتحاول زرع الفتنة ومن ثم تطورت إلى شبكات داعش التي يتم القضاء عليها فقط حين ينشأ خلاف على توزيع الحصص بين المهربين على السرقات.

إلا ان الحس الإبداعي لرئيس الفرع بلغ ذروته بعد اغتيال شيخ الكرامة "وحيد البلعوس"، حيث خرج على جمهوره الفني من الموالين لنظام الأسد بتمثيلية اعتقد من خلالها أنه قد يحصل على جائز الأوسكار، حيث استطاع القبض على منفذ الاغتيال حلال ساعة واحد فقط، وقدمه للإعلام وجعله يعترف بأنه وحده فقط من قام بالهجوم، فنفّذ أول تفجير على طريق ظهر الجبل ومن ثم التفجير الثاني عند المشفى الوطني، ومن ثم هجم على فرع الشرطة العسكرية وأحرقه واحتله ومن ثم هجم على فرع الأمن العسكري وخرّب ممتلكات عامة بالإضافة إلى هجومه على أفرع أمنية أخرى، ولولا الخجل لاعترف أيضاً أنه خلف مقتل رفيق الحريري في لبنان.

رئيس الفرع، وكما يبدو، محب للإخراج التلفزيوني ولعل واجبه الأمني منعه من ممارسته، إلا أنه أصر على ممارسته عبر عمله الأمني، فهو صاحب أقوى التمثيليات التي كان منها تسليم عناصر الجيش الحر لأنفسهم ولسلاحهم بالمئات في درعا للدولة وطلب العفو والسماح، لكنه أخطأ عدة أخطاء درامية بسيطة نذكر منها: أن السلاح الذي تم تسلميه كان يحمل شعار النظام بدلا من أن يحمل شعار المعارضة والجيش الحر وأن من سلموا أنفسهم هم عناصر في الأمن تم تصويرهم على أنهم مقاتلين في الجيش الحر.

ومن أهم العناصر الفنية التي يعتمد رئيس الفرع عليها في أدواته الإخراجية هي موافقة الموالين للنظام له على إبداعاته كيفما أخرجها ومعرفته بأنهم سيصدقون أية مبالغة يقوم بطرحها، لكنه وعلى ما يبدو قد زاد عليهم حجم التضخيم لدرجة أنهم هم أول من احتجوا على سوء هذا الإخراج، ولأول مرة تصدر منهم الاحتجاجات عبر شبكات التواصل الاجتماعي على سوء هذا الإخراج وعدم تصدقيهم له.

وبدلاً من أن يتدارك رئيس الفرع اخطائه الإخراجية، عاد وأصر على تقديم فيلم جديد تم إصداره بتاريخ هذا اليوم، حين أعلن ان وفاة "شبلي جنود" أمين فرع حزب البعث الذي تم اختطافه منذ فترة على يد جهه مجهولة، وقد أحب رئيس الفرع تضخيم درجة الأكشن "Action" على ما يبدو ليتّهم الطبيب "عاطف ملاك" بأنه شارك العصابة التي قامت بخطفه.

خطأه الدرامي هذه المرة أن الطبيب عاطف يحظى باحترام ومحبة كبيرتين من قبل جميع أبناء السويداء "موالين ومعارضين"، مما جعل حجم الاحتجاج على صفحة فرع الأمن العسكري على الفيس بوك وهي "شبكة اخبار السويداء S.N.N" كبيرا، إذ انهالت عليها التعليقات الغاضبة من جمهور الموالين قبل المعارضين، وخصوصاً بعد الإعلان عن حملة احتجاج كان مقررا القيام بها يوم غد للمطالب بالإفراج عن الطبيب عاطف بعد اعتقاله من ذات الفرع.

على ما يبدو أن رئيس الفرع لم يتعلم أسلوب الحبكة الاخراجي جيداً، أو أنه كما كتب أحد المعلّقين الموالين لنظام الأسد أنه متأثر بأسلوب الإخراج الهندي.

نظام اعتاد القتل ولصق التهم بمعارضيه وهذا أمر تعودنا عليه، لكنه وعبر عقود حكمه الطويلة لم يطوّر من نفسه ولو قليلا في أسلوب حبكاته الدرامية الاستخباراتية.