أخبار الآن | اسطنبول- تركيا – ( إيهاب بريمو)

تعد الأمُية اليوم هي الخطر الأكبر الذي يهدد مستقبل أطفال سورية، ومع تقلص فرص التعليم خلال السنوات الثلاثة الماضية وانعدامها في بعض الأحيان في كثير من المناطق داخل وخارج سورية، بات من الواجب الالتفات إلى مستقبل جيل كامل برمته.

حُرمت شريحة كبيرة من أطفال سوريا في مدينة "اسطنبول" التركية من التعليم بسبب الاعتماد عليهم من قبل الأهل في تحصيل لقمة العيش عن طريق تشغيلهم وتحويلهم إلى طبقة كادحة منتجة بعيداً عن الاهتمام بالطفولة أو بناء الشخصية السليمة والتعلم والحصول على أبسط حقوق الطفل.

مشروع "روح"

ونتيجة لازدياد هذه الظاهرة قررت رابطة السوريين في تركيا، بدافع من الإحساس بالمسؤولية كشباب سوري واعي ومتعلم، إلقاء الضوء على هذه المشكلة وإيجاد الحلول لها عن طريق إنشاء مؤسسة تعليمة صغيرة ترمم الفاقد التعليمي لأولئك الأطفال من خلال استهدافهم بالبرامج التعليمية والترفيهية.

هم مجموعة من الشباب المتطوعين الذين يعملون على دعم اللاجئين السوريين في تركيا، في كافة المجالات الخدمية والتعليمية "تعليم الشباب والأطفال". وهذه الرابطة غير ربحية ومستقلة ولا تتبع لأية جهة محددة.

في زيارتنا لمركز رابطة السوريين في مدينة اسطنبول قابلنا السيد "عمر بكورة " مدير مكتب الرابطة، وحدثنا عن مشروع "روح" أحد مشاريع الرابطة:

"تقوم فكرة المشروع على إنشاء مؤسسة تعليمية صغيرة لإعادة دمج الأطفال السوريين المهجرين والمنقطعين عن التعليم في المجتمع وإعادة اقترانهم مع الأطفال من نفس العمر والبيئة والعمل على تنمية المواهب والمهارات لديهم وتأمين مستقبل أفضل لأطفال سوريا في بلاد اللجوء".

أما الفئة المستهدفة من المشروع فهم أطفال الشوارع، من عمر 8 حتى 15 عاما. وبذالك تحاول إدارة المشروع الحد من تحول جيل كامل من أطفال سورية إلى آلات منتجة أمية.

مشروع تعليمي

كما أن "روح" مشروعُ تعليمي، فيقوم العاملون على المشروع من إعطاء الدروس في "اللغة العربية- التركية- الانكليزية- الرياضيات- الرسم والموسيقى" في سبعة قاعات موجودة في المركز، كل قاعة يتراوح عدد الأطفال فيها من 15 إلى 20 طفلا على اختلاف أعمارهم وذالك في يومي العطلة الرسمية في تركيا "السبت والأحد" من كل أسبوع.

مع العلم بأن جميع المتطوعين في هذا المشروع لديهم أعمال أخرى وفي يوم عطلتهم يلتحقون بالمركز من أجل إعطاء الدروس والنشاطات للأطفال من كل أسبوع.  

"ابراهيم" يافع من مدينة دمشق ويقيم حاليا في اسطنبول، يرتاد المركز في أيام عطلته الأسبوعية وهو يعمل في ورشة خياطة، يقول: "كنت في الصف الثالث في دمشق عندما أتينا إلى اسطنبول بسب القصف المستمر على منطقتنا، وبسبب الوضع المعيشي الصعب هنا عملت في ورشة خياطة ولم أعد أستطيع القراءة والكتابة وذلك بسبب عم التحاقي بالمدرسة هنا لمدة عامين. ولكن عند قدومي إلى المركز "والحمد لله" أصبحت الآن أجيد القراءة والكتابة بشكل جيد جداً وسعيد بذلك. أحلم بأن أصبح في المستقل طبيباً لأعالج الفقراء والمساكين".

أما "فرح" يافعة في عامها 12 القادمة من مدينة حمص فتروي قصتها لأخبار الآن وتقول: "في المنزل أقوم بالأعمال المنزلية جميعها وأقوم بمساعدة أمي في تربية إخوتي الصغار كوني البنت الكبرى في المنزل وبعد أيام قليلة أنهي عامي الأول في مدينة اسطنبول بعد مجيئي من "حمص" خرجنا من المدينة مع ازدياد القصف المتكرر لها أنا هنا منذ عام ولكن ليس لدي أصدقاء ولكن عند قدومي إلى المركز تعرفت على أصدقاء. في المرحلة الأولى كنت أخجل منهم وبعد فترة ومع النشاطات المموجودة تأقلمت مع الآخرين في المركز وأنا سعيدة جداً".

كما أطلعتنا فرح عن رغبتها عندما تكبر بأن تصبح معلمة وتنشئ مركزا للأطفال الأيتام.  

"سيبال نابي" أحد المدرسات في المركز والمشرفة على النشاطات المسرحية تقول أن المشروع  يستهدف الأطفال الذين أُرغموا على ترك دراستهم بسبب الحرب. أما عن مستوى الأطفال التعليمي عند التحاقهم في المركز فأجابت: "مستواهم ضعيف جداً حتى غالبية الأطفال لا تجيد كتابة أسمائهم، أما الآن وبعد شهرين من الدروس والنشاطات فقد تحسن مستواهم بشكل ملحوظ".

مشكلات نفسية واجتماعية

يتم التركيز في مشروع "روح" أيضا على الجانب النفسي للطفل ومحاولة تخليصه من آثار الحرب في سوريا. ومن ضمن أهدافهم من المشروع اكتشاف المواهب وقدرات الأطفال والعمل على تنميتها أجل بناء جيل موهوب ومبدع.

تتعدد أنماط الشخصية لدى الأطفال المرتادين للمركز. "ريم عوض" مسؤولة الدعم النفسي في المركز حدثتنا عن الحالة النفيسة للأطفال:

"هنالك سوء في تصرفات بعض الأطفال وأعتقد أن هناك مشكلة تتمثل بلامبالاة الأبوين وهو ما ينعكس سلبا على بقية الأطفال في المركز. يوجد فئة من الأطفال تأتي إلى المركز بدافع الترفيه والأنشطة والمشاركة على الرغم من ذهابهم إلى المدارس. وهناك فئة الأطفال المعنفين، وتنقسم بدورها إلى قسمين: أطفال معنفين من قبل الأهالي في منازلهم وأطفال معنفين من قبل رب العمل الذي يعملون عنده. وهناك فئة الأطفال الانطوائيين".

وتتابع ريم: "ولكن مع النشاطات التي قمنا بها مع الأطفال فإن نسبة كبيرة منهم تغلب على مشكلة "الخجل" واندمج مع بقية الأطفال".

بجهودً جبارة يقوم العاملون على مشروح "روح" على إعادة الطفولة التي سلبت من هؤلاء الأطفال مصممين على بناء جيل من الأطفال المتعلم والمبدع لأنهم الجيل الذي سوف يبني سورية الحرة.