أخبار الآن | إدلب – سوريا (ميساء الحمادي)

أن تعيش في عام 2015 لهو سبب كاف لتصور التطور الخدمي على كافة المستويات. لكن مطلبك للحرية في سورية كفيل بأن يستميت النظام لأن يعيدك إلى العصر البدائي، لتصبح مطالبك الحصول على مياه نظيفة ووصول التيار الكهربائي لساعات محددة، لاسيما في المناطق التي خرجت عن سيطرته وأصبحت بيد فصائل الثوار في أنحاء سورية المتفرقة.

التشبيك مع المنظمات الدولية الفاعلة

إدلب وريفها مثال حي لهذا الحرمان وما صاحبه من أضرار. بعد قطع المياه عن هذه المناطق لجأ الناس إلى وسائل بدائية جدا وهي نقل الماء من الينابيع القريبة من القرى ليعودوا بذاكرتهم إلى مرحلة ما قبل أكثر من خمسين سنة.

مياه آخر ما تصلح لأن تستخدم في الشرب والطعام، تلوث وجراثيم سببت انتشار الأوبئة كمرض "التيفوئيد" بشكل خاص.

وفي ظل انشغال فصائل الثوار بمعارك استنزاف مع النظام، بات على المنظمات المحلية والدولية تبنّي إطلاق مشاريع خدمية وصحية في المناطق المحررة، وتمويلها كذلك الأمر.

استقلال شبه ذاتي لهذه المناطق رافقها تدهور حاد في الوضع الخدمي من ماء وكهرباء وتعليم فسح المجال أمام هذه المنظمات لإقامة مشاريعهم الممولة إذا توافرت الشروط اللازمة لإنشائها، كسهولة إيصال المواد والتواصل مع العاملين في هكذا مشاريع.

مشروع "wash"

ومن هذه المنظمات منظمة "Goal" الإيرلندية التي اتخذت من مدينة حارم في الشمال السوري المحرر مركزا لها، وتتوزع نشاطاتها في كافة مناطق إدلب كسلقين وكفر تخاريم ودركوش وغيرها.

ورغم قصف النظام لمقراتها مرات متتالية إلّا أنها عاودت نشاطها ومشاريعها الخدمية مثل مشروع "واش" wash المسؤول عن تنقية المياه وتحليلها وتأمينها للقرى خالية من البكتريا المسببة للأمراض.

نفذ هذا المشروع مبدئيا في القرى الحدودية كحارم وسلقين وكفر تخاريم، وبعد نجاحه فيها تم توسعته ليشمل قرى الضهر وحاليا يوجد 30 قرية مستفيدة من ضخ المياه بصورتها النقية من محطة دركوش. وقد بدأ ضخ المياه في القرى ابتداء من  1/8/2015

صعوبات تنفيذ المشروع

واجهت المنظمة بعض الصعوبات في بداية المشروع ومنها سيطرة بعض فصائل الثوار  على منابع المياه الرئيسية وعدم تسليمها للجهات المنفذة بعدما أعلنت منظمة "Goal"  أن هذا المشروع مأجور، لكنها تنازلت عن هذا الشرط وحلت المشكلة بإعلانها أن المشروع أصبح بالمجان بشكل كامل.

ظهرت مشاكل أخرى، وهي عدم سماح تركيا إدخال المعدات اللازمة لتنفيذ المشروع وفق قوانين خاصة بالدولة نفسها تتعلق بالنقل والجمرك وما إلى ذلك، لكن عندما قدّمت المؤسسة لها تقريرا يشرح تكاليفه الباهظة وضرورته تجاوبت الحكومة التركية وسمحت لهم بإدخال جميع احتياجات المشروع.

وُجدت أيضا بعض الجهات من وجهاء بعض القرى، حاولت منع المشروع بالكامل ومنع منظمة "Goal" ومشاريعها بغرض كف يدها عن المنطقة دون توضيح الأسباب، ولكن مع تدخل المسؤولين هناك تمت الموافقة والسماح بالتنفيذ.

ميزات المشروع

استغرق إنشاء المشروع شهر ونصف الشهر، ويتم الآن دعمه بمادة الديزل بالكامل لمدة سنة مجانا، ودعم الشبكة والمولد ورواتب الموظفين بشكل كامل لمدة سنتين مع احتمال تجديد الدعم بحسب الحاجة، ويتم حاليا دراسة مشروع دعم صيانة الشبكة بالكامل. لكن الدعم سوف يتقلص تدريجيا كل ستة أشهر، ليصبح المشروع مأجورا,

عملت منظمة "Goal" على التنسيق مع فصائل الثوار المختلفة، وذلك لضمان موافقتها من جهة وتسهيل تنفيذ مشاريعها وتأمين إدخال معدات كل مشروع وضمان سرعة تنفيذه من جهة أخرى. وقد كان تجاوب الفصائل إيجابيا حيث لقيت المشاريع المخطط لها في المرحلة القادمة بالدعم من قبلها، واستعدادها لتأمين الدخول الآمن للوازم كل مشروع.

يشكك البعض في نوايا الكثير من المنظمات الدولية، وربما تكون وجهة نظر تؤخذ بالحسبان، لكن بالمقابل كانت مشاريع منظمة "Goal" وغيرها سند حقيقي ومانع كبير لانتشار كوارث صحية وتعليمية بتأمينهم الماء والكهرباء ودعم التعليم إضافة إلى المساعدات العينية كالسلل الغذائية أوالنقدية أو كهذا إقامتهم شبه الدائمة في المشافي الميدانية والنقاط الطبية.