أخبار الآن | حمص – سوريا – (يوسف أبو يعقوب)
بات المواطن السوري يتعايش مع الموت كتنفس الهواء، فقد خطفت الحرب التي يشنها النظام على الشعب الكثير من الشباب وغيّبت مستقبله.
هي أيضا ذاتها الحرب التي خطفت الآباء من أبنائهم وكحّلت بالسواد براءة الطفولة. أمهات ثكلى لا تعد ولا تحصى، وجدن في الصبر والبكاء سلوانا لهن فربما تداوي الأيام نزيف الروح فيهن.
أم فيصل، أو كما يلقبها أبناء حمص بخنساء الثورة، امرأة من نوع فريد لم تفقد ولدا أو اثنين بل فقدت ستة من أبنائها، استشهدوا في الثورة السورية. فقد قدمت هذه المرأة أغلى ما تملك من أجل حرية شعب عانى القهر والذل.
الشهداء الستة
كان أول شاب قدمته هو "فراس" ولديه ثلاثة أطفال استشهد أثناء اقتحام قوات النظام السوري لحي النازحين بحمص. والثاني هو "محمد" ولديه ثلاثة أولاد استشهد بعد أخيه الأول بسبع عشرة يوما . والثالث هو "حمزة" ولديه طفل واحد استشهد في بداية حصار حمص القديمة أثناء الاشتباكات مع قوات النظام. والشاب الرابع هو "عطية" الذي استشهد أثناء اقتحام حي جب الجندلي في حمص. الشاب الخامس هو "بلال" ولديه خمسة أولاد استشهد في حصار حمص القديمة بقصف طائرات الميغ، أما السادس وهو "مختار" فقد استشهد في محاولة اقتحام قرية جبورين في ريف حمص الشمالي.
شباب كالورود قطفهم الإجرام من مزرعة أحلام أمهم وزوجاتهم وأولادهم.
لكن يبقى السؤال الأكبر هو: من سيربي هؤلاء الأطفال الذين خلّفوهم وراءهم ومن سيعوضهم الحرمان الذي عاشوه؟. فلا منظمة إنسانية ولا أحد يكترث لمثل هذه الحالات
ويبدو أن الحزن قد ستوطن حتى أنفاس أم فيصل، تقول: "فقدت أول شاب في بدايات الثورة ولم يمض سوى شهر واحد حتى فقدت الآخر في مظاهرة سلمية هاجمتها قوات الأمن. ثم توالت الأحداث حتى قطفت كل أزهار عمري ماعدا شاب واحد بقي لإعانتي".
تجري دموعها بحرقة لأنها لم تعد تعرف على من ستبكي من أبنائها، وهل يكفي اليوم الواحد لتستطيع تذكر كل منهم على حدى.
تفاؤل بالنصر
زادت مصيبة أم فيصل حين هُجرت، كباقي الشعب السوري، من منطقتها حيث أنها لم تعد تستطع حتى البكاء على قبور احتضن ترابها أجساد أبنائه.
في ظل الحصار المطبق على المنطقة تنتظر أم فيصل بصيص أمل لانتصار ثورة الشعب السوري على من قتل أبنائها وأبناء الشعب السوري.
وفي حوار لنا مع أم فيصل قالت أنها تحمل هموم أحفادها الذين استشهد آبائهم وتخاف أن تفقدهم أيضا، فهم زجاجة العطر الوحيدة التي بقيت من رائحة أبنائها.
وتتابع: "إن انتصار الثورة سيغسل قلبي من السواد الذي رسمه فقدان أبنائي. لقد عانيت كغيري من أمهات الشهداء من الفقدان والحرمان والظروف الصعبة التي لا تطاق".
تتفائل أم فيصل عندما ترى الشباب مقبلا على القتال فهي تقول: "عندما أرى أعدادا من الشباب ما زالت تمضي في درب أبنائي أشعر بالتفاؤل لأن دماء أبنائي لم تذهب هدرا وهناك من يعمل ويكافح للثأر لهم ولإكمال مشوارهم الذي بدأوا فيه".