أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (يمان شواف)
آلاف العوائل نزحت من ريف الرقة وريف الحسكة إثر المعارك الدائرة في هذه المناطق بين القوات المشتركة ( وحدات حماية الشعب الكردية والجيش الحر ) من جهة وتنظيم داعش من جهة ثانية، نساء أطفال شيوخ جميعهم فر إلى تركيا مشاهد مؤلمة وقاسية تكررت كثيراً إثر إستهداف القوات التابعة للنظام على مدى أربع سنوات الكثير من البلدات والمدن السورية تكرر المشهد في ريف إدلب والساحل وحلب وحمص ودرعا واليوم في الرقة والحسكة وبدأت تطفو على السطح أزمة بين العرب والكرد خصوصاً مع الأخبار والتقارير التي نشرت عن تهجير ممنهج بحق العرب في هذه المناطق، بل وذهب البعض لأبعد من ذلك حين وصف تنظيم بأنه الحامي للعرب في ريف الحسكة والرقة ونسي أن جرائم داعش ضد العرب فاقت جرائم النظام.
بدأت مواقع التواصل الإجتماعي تشتعل بين متهم للأكراد بالإنفصالين وبالتهجير الممنهج وواصف ما يقوم به الأكراد بأنه لا يختلف عن داعش التي أقامت دولتها على دماء الأبرياء واليوم تحاول بعض الفصائل الكردية إقامة أقاليمها وكاونتوناتها أيضاً وأخر ينفي هذه الإتهامات وبين هذا وذاك للأسف ضاع العقل وضاعت حتى أساليب العمل الصحفي والمهنية في نقل الأخبار والنشر التي تتطلب الدقة والحذر والمسؤولية خصوصاً عندما يتعلق الأمر بنشر مواضيع ذات حساسية دينية عرقية قومية أياً يكن وللأسف سارع البعض لسياسة النسخ واللصق وعدم التفكير حتى أو محاولة السؤال عن صور أو فيديو أو وثائق إحصائيات دقيقة أسماء تفاصيل عن هذا التهجير أو على الأقل عدد من قابلهم وتحدثوا عن نزوحهم هل سألهم لماذا فروا ومن تسبب بذلك … ؟
نشرت العديد من وسائل الإعلام الغربية تقارير عن تهجير ممنهج قامت به فصائل كردية وبدأت تروج أن الأكراد يقومون بذلك لإقامتهم دولتهم وضاعت هذه التقارير بين الخبر والتحليل فلم تقدم إحصائية دقيقة وأرقام عن التهجير ولم تلتزم الحياد أو الموضوعية في تحليلها، ربما حدث تهجير ولم يوثق وهذا أمر وارد ولا أنفي لكن هل هو ممنهج هل هذا يبرر إتهام كل الأكراد بأنهم إنفصاليون وأنهم يهجرون العرب من المنطقة، إن كان هذا المنطق وللأسف هذا ما عبر عنه الكثير من السوريين في مواقع التواصل الإجتماعي وعلى رأسهم النخب المثقفة فهذا يعني أن كل العرب هم إرهابيون ومجرمون كما داعش أليست داعش عربية ؟ أليست داعش من هجرت الأكراد من منازلهم في تل أبيض عندما سيطرتها عليها.
المطالبة بالحرية والعدالة والكرامة والعيش المشترك هذا لا يعني أن تدافع عن ابن عمك وتنسى شريكك في الوطن، حريتك وعدالتك وكرامتك تعني أن تلتزم بالمعايير الأخلاقية لإحترام الإنسان مهما كان وأيا كان لونه جنسه عرقه مذهبه فكيف إن كان شريك لك في الوطن ما أود قوله هنا أنه يجب التفريق بين مجموعة إرتكبت مجازر وإنتهاكات بحق الإنسانية وبين تعميم الأمر على كل العرب فليس كل العرب هم داعش وليس كل الكرد من هجر العرب أو قاموا بتهجير ممنهج للعرب من هذه المناطق وإشتعلت مواقع التواصل الإجتماعي.
المشاهد التي رأينها من نزوح للأهالي ولجوء إلى تركيا هي مشاهد تكررت كثيراً وأذكر تماماً عند معركة مطار تفتناز في ريف إدلب الكثير ممن إلتقيتهم من الأهالي في تركيا غادروا قبل بدء المعركة هل يجب أن نقول هنا أن الجيش الحر والكتائب الثورية هجرتهم ؟ لجأوا إلى تركيا ريثما تنتهي المعركة وأعتقد أن الأمر ذاته سيحدث في ريف الرقة والحسكة وستعود الناس إلى منازلها والعرب إلى بيوتهم ريثما تنتهي المعارك مع تنظيم داعش أو على الأقل تحرير محافظة الرقة من هذا التنظيم، ولا يعني أن كل المشاهد التي رأينها هي مشاهد لتهجير العرب الكثير من الأهالي فر هرباً من تنظيم داعش ومن المعارك ومن القصف وغارات التحالف.
من المؤسف جدا أن يصل الحال لإتهامات وسجالات وثمة الكثير من المعاناة والألام التي يعشيها الناس والتي يمكن أن يسلط الضوء عليها وهنا نحن كسوريين بكل مكوناتنا بأمس الحاجة للتفكير قليلاً أمام أي شيء نقرأه أو نسمعه ونراه ونحكم العقل قليلاً ونتحاور بإحترام وود لتحرير سوريا من ظلم الأسد وشبيحته وبناء سوريا التي يحلم بها كل سوري شريف غيور على هذا البلد وكل شبر من أرضه.