أخبار الآن | غازي عنتاب – تركيا – (سيف الدين محمد)

عاث نظام الأسد طوال عقود حكمه، بالقطاع التعليمي فسادا كبيرا كان من نتائجه على المستوى الأكاديمي تراجع في مستوى الجامعات السورية في تصنيفها عربيا وعالميا. ولأن المناهج التعليمية وقفت عند حد للتطور لم تتجاوزه، اتجه القائمون على العملية التعليمية أن يبقوا على امتياراتهم في "سلطة التعليم" على حساب المستوى التعليمي المتدهور تدريجيا.

الثانوية العامة .. التعليم والأمن

يقضي النظام التعليمي السوري تجاوز الطالب لامتحانات الشهادة الثانوية بمعدلات مختلفة تؤهله لدخول الجامعة بتخصصاتها المختلفة. وبغض النظر عن آليات ومعايير تحصيل الدرجات العلمية فإن التجاوزات الرقابية والأمنية هي ما يؤرق أهالي الطلاب من ناحية والمعنيين بالشأن التعليمي السوري ومستقبله من ناحية ثانية.

"انتصار" معلمة ومراقبة في أحد مراكز الامتحانات في مدينة دمشق، ترى أن: "غياب الرقابة الجدية سينتهي مستقبلا بكارثة كبيرة على مستقبل التعليم في سوريا. هناك عمليات غش وتسريب أسئلة وإجابات تحت قوة عناصر الأمن. إضافة إلى التسيب في بعض المراكز الامتحانية خصوصا في مناطق الموالين للنظام".

"عبير" طالبة نازحة في منطقة قدسيا تقول: "نعيش في أجواء أمنية وليست امتحانية، هناك تراخي من قبل بعض المراقبين تجاه مجموعة من الطلاب "على عينك يا تاجر" وهم سوف يحصّلون درجات عالية بينما نحن نقاتل من أجل درجة واحدة كي نستطيع دخوا الجامعة".

من جهة أخرى، بات على أهالي الطلاب أن يبقوا متوجسين ريثنا تنتهي الامتحانات، بسبب كثرة الأقاويل حول غياب هامش الأمان في مناطق النظام، التي تشهد تسيبا أمنيا واضحا قد يودي بحياة بعض الطلاب إلى فروع الأمن أو مخابئ الشبيحة.

"أبو سمير" رجل خمسيني يرافق ابنه يوميا في مركز امتحاني في منطقة نهر عيشة خوفا من احتمال الاعتقال من قبل قوات الأمن والحواجز، يقول: "سمعنا عن حوادث اعتقال بعض الطلاب أثناء عودتهم، أحاول حماية ابني بأية طريقة".

شهادة الحكومة المؤقتة ..

بالمقابل أعلنت الحكومة السورية المؤقتة عن جاهزيتها لنجاح امتحانات الشهادة الثانوية العامة محمّلة النظام مسؤولية أمن الطلاب في المناطق المحررة. وكانت الوزارة قد اتخذت مقرا لها في المناطق المحررة داخل سورية حيث يقوم الطاقم الوزاري المكلف بالإشراف ومتابعة سير الامتحانات برئاسة مدير التربية والتعليم.

وكان معاون وزير التربية والتعليم في الوزارة قد صرّح أن الأسئلة الامتحانية قد أعدت بطريقة مدروسة لتوزع على جميع الطلاب في سورية ولبنان والأردن بذات الوقت. وكان عدد الطلاب الذين سجلوا لتقديم الامتحان لنيل الشهادة الثانوية بلغ (12000) طالبا وطالبة، وكشف معاون الوزير عن قيام الوزارة بمخاطبة كافة المنظمات الدولية وسفارات دول أصدقاء الشعب السوري بتحميل النظام الأسدي مغبة أي استهداف للمدارس والمؤسسات التعليمية خلال هذه الفنرة .

"أحمد عبد المولى" مدرس خاص في مدينة غازي عنتاب يقول: "لا يزال الغموض يكتنف مصير الحاصلين على الشهادة الثانوية، هنالك شعور بأن المستقبل التعليمي لهم غائم وغير واضح، هناك نظام المنح الدراسية المقدمة من الجامعات التركية وشروطها المربكة، يجب أن تكون هناك محاولات لقيام جامعات سورية في المناطق المحررة".

"ماجد اسماعيل" طالب في الثانوية بالفرع العلمي يرى أن هنالك صعوبة واضحة ما لم تتخذ الوزارة في الحكومة المؤقتة خطوات جدية لدعم الطلاب السوريين مطالبا في الوقت ذاته الحكومة: "بالتنسيق مع مؤسسات عربية وعالمية من أجل توفير وجود جامعات سورية في الأراضي التركية أو المناطق السورية المحررة لضمان العمل في بناء سورية بعد سقوط النظام".

والحقيقة، في استمزاج لآراء الطلاب حول مستقبلهم التعليمي حتى بعد حصولهم على الشهادة الثانوية، يبدو القلق هو المسيطر عليهم. فهم مضطرون اليوم إلى تعلم لغة جديدة والدخول في معايير صعبة ليتاح لهم التحصيل الجامعي، ويرون ضرورة تكثيف الجهود للالتفات إلى تأسيس جامعة سورية سواء في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام أو في أحد المدن التركية القريبة من سورية.

ضمن كل هذا، يبدو أن مستقبل التعليم يكتنفه الإرباك والغموض وعدم وضوح الرؤية في ظل غياب الأمن والتشبيح والتجاوزات المختلفة في مناطق النظام، وغياب التنسيق والجدية من قبل المعنيين على الموضوع في حكومة الإئتلاف.

وللتنويه صرّح وزير التربية والتعليم أن الحكومتين التركية والفرنسية وبعض الدول الأوربية الأخرى قد اعترفت رسميا بشهادات وزارة التربية والتعليم في الحكومة المؤقتة وهناك مساعي كبيرة لتوسعة نطاق هذا الاعتراف هذا العام بعد تحقق التزام الوزارة بالمعايير المهنية العالمية في إجراء الامتحانات.