أخبار الآن | دمشق – سوريا – ( آية الحسن)
أصبح حفر الأنفاق أحد أبرز أساليب النظام في الوصول للمناطق المحررة، فبعد اكتشاف قوات النظام لأنفاقِ حفرها الثوار في مناطق عدة من العاصمة، بدأ النظام باتباع ذات الأسلوب لدخول مناطق الثوار.
في حي التضامن جنوب دمشق، المتاخم لمخيم اليرموك تحديداً، بدأت عمليات الحفر والهدم منذ قرابة الأسبوعين بغية حفر نفق طويل تحت الأرض يمتد من المنطقة حتى مخيم اليرموك المحاصر، ولأن الأوضاع تزداد سوءاً هناك، وسعير المعارك يتوعد أبناء الحصار دائماً بالقتل والتدمير، اعتبرت هذه الخطوة بمثابة بداية فعلية لهجوم قوات وميليشيات النظام الذي بات الجميع يتخوفون منه.
بعيداً عن التحليلات والقراءات، استطاعت "أخبار الآن" معرفة معلومات أكثر عن الخطة الهجومية التي بدأت قوات الأسد تخطط لها لدخول مخيم اليرموك، ولكن تفاصيلها المريعة قد تُنسينا هول مخططات الشبيحة الذين استطاعوا قتل الإنسان والأرض.
عرفت "أخبار الآن" أن قوات النظام أجبرت مجموعة من عمال النظافة الذين يأتون كل يوم لتنظيف الحي، على العمل في الحفريات والردم طوال نهار كامل، مجبرين على عدم التأفف والأسئلة.
ولمعرفة التفاصيل، تحدثنا مع أحد الرجال المجبرين على الحفر، "أبو أحمد" رجل خمسيني، موظف كعامل نظافة في محافظة دمشق، يعمل في منطقة التضامن والزاهرة منذ عشر سنوات ويعرف المنطقة جيداً.
يقول أبو أحمد: "صباح يوم الأحد الماضي جئت مع مجموعة من العمال لتنظيف الحي وهو العمل اليومي الذي نقوم به، في البداية كانت مجموعة الشبيحة الموجودة على حواجزها في أول الحي تضايقنا بالأسئلة والاستفسارات، ولاحقاً عرفونا جيداً، وأصبحنا ندخل للعمل ونخرج فوراً، ولكن ما حصل في ذلك اليوم أنهم قاموا بتوقيفنا، واقتادونا إلى محل تجاري مهجور، وهو مقر لهم، فكبلوا أيدينا وطمشوا عيوننا بقماشة، وطلب منهم قائدهم وضعنا في السيارة واقتيادنا إلى المكان الذي سيبدؤون بحفره، ولأنني كنت أحفظ المنطقة عن ظهر قلب، وأعرفها جيداً، استطعت تحديد الوجهة التي يسوقوننا إليها".
ويضيف واصفاً لنا المنطقة التي اقتادوهم إليها: "هي المنطقة الواقعة بجانب جامع الزبير، المكان الذي انطلقت منه أولى المظاهرات في المنطقة، والذي تم فيه مقتل الشيخ وابنه على يد الأمن منذ عامين ونصف، وأضحى هذا الجامع اليوم خراباً لأنه وقع تحت سطوة سرقة ونهب الشبيحة له".
يكمل أبو أحمد حديثه عن العمل الذي كان يقوم به مع خمسة أشخاص من عمال النظافة:
"وصلنا إلى المكان المراد، ووجدنا أنفسنا داخل حفرة عميقة وطُلب منا البدء بالعمل، وبالضرورة الاعتراض ممنوع، ومن يعترض يلقى ضرباً مبرحاً، وربما الاعتقال، بقينا طوال النهار وحتى منتصف الليل نحفر ونضرب في الأرض. مع العلم أن عملاً كهذا يحتاج لآليات حفر حتى تقوم به".
وأردف: "سمعنا ونحن داخل الحفرة أصوات قنص قادمة باتجاهنا من الجهة الأخرى، واستطعنا أن نعرف أن الشبيحة المتجمعين عند الحفرة قد هربوا واختفوا وراء متاريسهم، مما صعب علينا فكرة الخروج، فإن خرجت سيصيبك القناص، وإن بقيت ستموت من الجوع والبرد، حلّ الليل ولم يأت أحد ليخرجنا أو حتى ليخبرنا بأن المكان آمن للخروج، وعرفنا بأننا رُمينا في منطقة خطرة وتُركنا لنموت ببطء، وبقينا حتى ظهيرة اليوم التالي في الحفرة التي أصبحت بعمق خمسة أمتار تحت الأرض بلا ماء ولا طعام، ودون أن نشعر بوجود أي شخص في المكان، حتى توقف القناص وربما غادر مكانه لأنهم كانوا على وشك اكتشافه فاستطاعوا الوصول إلينا وسحبونا، قبل أن نتجمد من البرد".
وعندما سألنا أبو أحمد عن عمله في المنطقة، أخبرنا أنه حدث المسؤول عنه في محافظة دمشق، وطلب منه إعفائه من دخول حي التضامن، وأية منطقة أخرى يسيطر عليها الشبيحة".