أخبار الآن | حلب – سوريا – (حسن قطان)

في مدينة حلب يلجأ الناس إلى حرق كل ما يجدونه في طريقهم في سبيل الحصول على الدفء الذي قد يكون منقذهم من الموت بردا. المواد البلاستيكية والثياب وغيرها باتت الوسيلة الوحيدة لكثير من أهالي حلب لإنقاذ اطفالهم من موت محتم في ظل غياب المساعدات. حسن قـطـّان والتفاصيل في التقرير التالي. 

لم يعد مفهوم المنزل بحلب مكاناً تحتضن فيه العائلة ابنائها في فصل الشتاء، فخارج جدرانه تماماً تبحث هذه السيدة عن الدفء لأطفالها، كي تحميهم من موجة الصقيع التي تجتاح المدينة.

وفي هذا الحي البائس الذي يدعى الطم نجد أم عمر سيدة حط الزمان بثقله عليها، فلم تجد إلا في اكياس البلاستيك والملابس المهترئة، ناراً توقدها لتبعث الحياة في أجساد أبنائها.

تختفي معالم الطفولة هنا تماماً، فالبرد لا يرأف بأجسادهم الصغيرة ولا يستحي من أن يرسم بؤسه على وجوههم البريئة، لكن سرعان ما تعود هذه الطفولة لتشرق من جديد ببسمة خجولة.

وتتحدث أم عمر " نتدفأ هنا بالشارع فلا يوجد لدينا مازوت أو غاز، وخلال اليومين الماضيين كان البرد شديداً، وأنا ابحث في الحارات والأزقة كي أجد أشياءً أقوم بحرقها كي أتدفأ أنا وأطفالي، لا نملك أي خيار فالجو بارد ولا نملك الأموال"

العاصفة الثلجية التي تجتاح دول شرق المتوسط ومن بينها سوريا، تصل حلب، لتزيد من معاناة سكانها المتعبين أصلاً من الحرب، وتتفاقم الأمور أكثر في ظل انعدام وسائل التدفئة وغلاء ثمن وقودها.

وفي مقر الطبابة الشرعية المعني بتوثيق ضحايا الحرب نلتقي ابو جعفر الخبير الجنائي الذي اشرف بنفسه على فحص أربعة حالات توفت خلال الأيام الأخيرة بسبب البرد القارص.

ويتحدث أبو جعفر مدير الطبابة الشرعية في حلب " ورد إلى الطبابة الشرعية عدد من الجثث نتيجة البرد القارس الذي كان سبب للوفاة، وتم توثيق أربعة حالات لأشخاص توفو بسبب البرد"

رغم كل المعاناة لا يزال الدفء يجد طريقه إلى الباحثين عنه، قد يصعب الحصول عليه أحياناً وقد يندر حيناً أخرى، إلا أنه في حلب قد غاب كلياً مزهقاً الأرواح ومنذراً بشتاء يحمل في أيامه القادمة مزيداً من الألم.