أخبار الآن | دمشق – سوريا – (محمد أيوب)

ما إن تعود الحياة إلى طبيعتها بعد كل موجة اغتيالاتٍ تضرب جنوب دمشق حتى ترجع حالة اللأمن واللاستقرار لتطفو على الساحة مجدداً.

فقد توالت الاغتيالات في جنوب دمشق خلال الشهرين الماضيين ليذهب ضحيتها 6 قياديين وعدد من العناصر التابعين لفصائل عسكرية يؤخذ عليها الإجماع في قتال تنظيم "داعش"، ووقعت العمليات في مناطق مخيم اليرموك والعسالي والقدم ويلدا.

وبالرغم من كون تنظيم داعش محاصر داخل حي الحجر الأسود منذ ثلاثة أشهر تقريباً – هناك أنباء عن إنهاء القتال وفك الحصار عن تنظيم داعش في الحجر الأسود اليوم بتاريخ 27-9-2014-، إلا أنّه تمكّن عن طريق خلايا نائمة متوزعة في تلك المناطق من تنفيذ العديد من عمليات الاغتيال بحق عناصر وقادة مشاركين في قتال التنظيم.

ويرجّح قياديّ في فصيل إسلاميّ رفض كشف اسمه أن تكون مجموعات من جبهة النصرة هي المسئولة عن تنفّيذ عمليات الاغتيال خاصّة تلك التي حدثت في مخيم اليرموك قائلاً: " آخر منطقة العروبة في المخيم والتي شهدت عدّة عمليات اغتيال وتفجير تتبع أمنيّاً لجبهة النصرة، ومن الصعب جداً أن يدخلها مسلحون غرباء عن الجبهة وقيامهم بعمليات أمنيّة فيها، كما حدث حينما قُتل مقاتلَيْن اثنين وجرح آخرون من لواء أحفاد الأمويين إثر استهدافهم بالأسلحة الرشاشة في أحد الشوارع الفرعية المتّصلة بشارع العروبة بعد نجاتهم من عبوة ناسفة تم تفجيرها بعيد مرور السيارة التي تقلّهم بلحظات ".

ويؤكد ناشط من جنوب دمشق أن جبهة النصرة رغم إعلانها لكل الأعمال التي تقوم بها إلّا أنها من المستحيل أن تعلن أو تتبنّى مثل هذه العمليات، حيث وصف أن : " العلاقة بين داعش والنصرة في جنوب دمشق فيما يتعلق بالملف الأمنيّ سريّة، فالجبهة أخلت سبيل عشرات عناصر داعش الذين أودعوا لديها بعد الاتفاق الحاصل بين داعش وجيش الإسلام في يلدا إثر الحصار من قبل الأخير على مقر أمير التنظيم والذي انتهى باتفاق قضى بتسليم عناصر داعش أنفسهم مع أسلحتهم للهيئة الشرعية على أن يبقوا لدى جبهة النصرة حتى الانتهاء من أزمة التنظيم في جنوب دمشق كلّها "، ويتساءل الناشط : "كيف يتم إخلاء سبيل عناصر داعش من قبل النصرة ليصلوا بعد أيام قليلة بسلام إلى أقرانهم في التنظيم المحاصرين في الحجر الأسود"

فيما يشير مراقبون على إطلاع واسع بأسلوب جبهة النصرة الأمنيّ إلى أن الجبهة تعمل من خلف الكواليس على ما يحقق مصلحتها ككيان عسكري ذي طابع جهاديّ ولا يعنيها من قريب ولا من بعيد الثورة وأهدافها، لذلك تتقاطع مصالحها اليوم مع داعش وغداً مع الأحرار وبعد غدٍ مع جيش الإسلام، لتحصل على ما تريد الحصول عليه في النهاية دون أن تترك أثراً قاطعة كل الخيوط خلفها ما يعقّد الوصول إلى دليلٍ قطعيّ يستخدم ضدّها.

وكانت قد سعت جبهة النصرة إلى ضمّ كل عناصر داعش الفاريّن من المعارك المندلعة أخيراً بين فصائل من الجيش الحر والكتائب الإسلامية من جهة و تنظيم داعش من جهة أخرى منذ رمضان الماضي، وحاولت أن تستقطب هؤلاء العناصر كيلا يتم اعتقالهم أو محاكمتهم، ما ينبّه إليه قادة عسكريون وثوريون أن جبهة النصرة في جنوب دمشق متقاربة مع داعش تقارباً شديداً يوحي بأنهما ما زالا تنظيماً واحداً في السّر خصوصاً أن الجبهة نأت بنفسها عن المعارك مع داعش دون سببٍ مقنع أو مطابق على الأقل لموقف الجبهة الرسمي وأميرها الجولاني الذي أعلن بوضوح حربه على " الخوارج " على حدّ زعمه بعد الاعتداءات الكثيرة من تنظيم البغدادي على جنود الجولاني المنتشرين سابقاً على مختلف الجغرافية السورية.