أخبار الآن | دبي – الامارات العربية المتحدة – (آسية عبد الرحمن):

يقاس تقدم كل مجتمع بما وصلت إليه المرأة فيه من حصول على كامل حقوقها، وتمكينها من المشاركة الفعلية في صنع القرار، والمساهمة الوازنة في صناعة المستقبل، ومهما بلغ مجتمع من السعي الجاد إلى الرقي والازدهار، لن يتمكن من الوصول إلى مبتغاه، مالم يمكن للنساء فيه مقام.

إذ إنه في أغلب البلدان العربية السائرة في طريق النمو، أو حتى النامية، فإن نسبة النساء تفوق الخمسين في المائة، وهو ما يعني أن نصف المجتمع مكون من النساء، ولن يستطيع الوقوف واللحاق بركب الحضارة ما دام نصفه مشلول الارادة.

وتختلف البلدان العربية في مواكبتها الثورة الحقوقية والتطور الاجتماعي باختلاف تعاملها مع النساء، والمكانة التي تحظى بها المرأة فيها.

ولعل التقرير الصادر قبل ايام عن المنتدى الاقتصادي العالمي خير دليل على صدق القول بإن المرأة نصف المجمتع وعليها تقع مسؤولية تربية النصف الآخر، ولأن فاقد الشيء لا يعطيه، تبين أن المرأة الإماراتية حظيت بالمرتبة الأولى عالميا من حيث التمكين من كافة الحقوق، والقدرة على الوصول إلى مراكز صنع القرار، متجاوزة بذلك كل النساء الأروبيات والأميركيات اللاتي طالما وجهت حكومات دولهن انتقادات إلى نساء المنطقة العربية، واتهامات إلى حكامها بالتقصير.

ولم يكن التقرير الذي أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي مقصورا على النساء فقط، فهو دراسة شاملة لمدى التطور الاجتماعي في العالم، يشمل جيمع فئات المجتمع، ويضغ مؤشرات لمدى مواكبة مجتمع ما لتطورات العصر الذي تعيشه البشرية.

وكنتيجة لما آلت إليه مكانة المرأة في المجتمع الإماراتي جاءت مؤشرات أخرى في التقرير تثبت الدور الكبير الذي تلعبه النساء في رفع مكانة المجتمع الذي يحظين فيه بالمكانة اللائقة، وتصان فيه حقوقهن ولا ينظر إليها بدونية، ولا ينتظرن في نهاية الطابور ليتسلمن شهادات من الرجال عن عدم قدرتهن على المشاركة، واقتصار مساهمتن على ما يدور بين الجدران الأربعة للبيت.

ففي التقرير المذكور جاءت دولة الإمارات العربية المتحدة الأولى عالميا من حيث أقل عدد من جرائم القتل، والأولى عالميا من حيث الالتحاق بالتعليم الثانوي فضلا عن كونها الأولى في الوصول إلى شبكات الهاتف المحمول.

ولكن المؤشرين الاولين أكثر أهمية ودلالة على قدرة المرأة على صنع جيل سليم العقل والتفكير حين توفر لها الظروف اللازمة، فانعدام جرائم القتل دليل على حسن التربية، واستقامة منهج التنشئة الاجتماعية، وهو الدور الذي مهما بلغت النساء من التطور يبقى منوطا بهن، وتلك احدى الثوابت الحضارية للمرأة العربية عموما والخليجية خصوصا.

فضلا عن أن الالتحاق بالتعليم الثانوي دليل على أن في البيت قدوة للطفل تشجعه على مواكبة الدراسة، إذ لو لم ير الطفل والديه وامه تحديدا حريصة على تعليمه، ووجدت الظروف المناسبة لتنشئه تنشئة سليمة لكن التسرب المدرسي من مراحل ما قبل الثانوية أحد أكثر الظواهر الاجتماعية انتشارا.

ولولا وجود الأمل في المستقبل الزاهر بناء على معطيات الحاضر لما درس أحد، ولا بنيت دولة. وتبقى المرأة الإماراتية رائدة لشيقيقاتها العربيات في مختلف المجالات، وكما قيل قديما الرائد لا يكذب أهله.