بقلم الشهيد معاذ عبد الرحمن العمر – حماة –  سوريا | أخبار الآن

بعد ثوان قليلة اتفاجئ بعنصر أمن يمسكني من كتفي ويأخذني الى السيارة ويضربني بعنف هو وعدة عناصر اخرى كانوا قد انتشروا في المكان، ثم تأخذني السيارة الى حاجز الحزب القديم لأجد هناك بأن لي اسم في قائمة المطلوبين وان لأبي ايضا اسم فيها.

وهنا يرسلني الحاجز الى فرع الأمن العسكري في مدينة حماة، وضعت في منفردة طولها متران وعرضها متر مع 4 اشخاص آخرين والحمام داخل المنفردة، في اول جلسة تحقيق لي بهذا الفرع، وضعوني في دولاب بحيث ان رأسي وقدماي من الركبة الى الأسفل من جهة، وظهري ويداي وباقي قدماي من الجهة الأخرى.. ووجهت لي تهمة حمل السلاح.

كانت مدة الجلسة ما يقارب الساعتان الى ال 3 ساعات، كنت أتعرض للضرب بعصا خشبية، لكي اعترف على هذه التهمة.. لكنني لم اعترف، وفي الجلسة الثانية اتعرض للشبح مدة 3 ساعات وانا مجرد من ثيابي عدا الداخلية منها واضرب بعصا خشبية وارشق بالماء البارد (مع العلم انه في ذلك الوقت كان الجو باردا جدا)، وأيضا للأعترف بنفس التهمة الا وهي السلاح ومن هو قائد الكتيبة التي اتبع لها وما نوع السلاح ولكنني ايضا لم اعترف بذلك فانتهى بي الأمر الى الاعتراف بخروجي بمظاهرتين فقط.

بعد الجلسة الثانية وهي في اليوم الثاني اترك لمدة 14 يوما في المنفردة، ويستعديني المحقق بتاريخ 16-4-2013 اي بنفس اليوم الذي اصدر فيه العفو، وأفاجئ هنا بأن عناصر الأمن قد داهمت بيتي واحضرت الحاسوب الذي كنت اعمل عليه مسبقا، وهنا بدأت سلسلة الاعترافات، اواجه بتقارير مصورة كنت قد صنعتها مسبقا واواجه بفيديوهات لبعض عمليات جبهة النصرة كنت قد حملتها من الانترنت وأيضا بعض الفيديوهات التي كنت قد صورتها مسبقا.

اضطررت للاعتراف بعدة تهم جديدة مثل (التواصل مع القنوات المغرضة- وتصوير قوات الجيش- والبخ على الجدران- توزيع مناشير تصوير مظاهرات) وتعرضت خلال هذه الجلسة لضرب مبرح بسبب هذه الفيديوهات، “بكبل قماشي” وبعصا خشبية من قبل المحقق ومساعده، ناهيك عن الشتائم التي لا تعد ولا تحصى وعن مسبات الكفر التي ايضا لا تعد ولا تحصى.

بقيت في هذا الفرع شهراَ و4 أيام، وخلال هذه المدة استدعاني المحقق 16 مرة – 4 منهم فقط للتحقيق، و12 مرة للتسلية والضرب فقط لا غير.. أذكر انه في الاستدعاء الأخير تورمت جميع مفاصل جسدي بعده، بسبب تركيز الضرب.

بعد هذه المدة نقلت الى الشرطة العسكرية في مدينة حماة، كأول محطة ايداع لي في رحلة التحويل الى دمشق بسبب اني كنت قد طلبت الى احد افرع دمشق مسبقا، جلست يومان في الشرطة العسكرية دون أي ضرب ومن ثم احلت الى دمشق.

في طريقي الى دمشق مررت بمدينة حمص وادخلت ما يسمى بالـ(البالونة) واعتقدت ان هذا الفرع معروف لدى اكثرنا وهو الشرطة العسكرية بحمص، جلست في هذا الفرع ما يقارب ال 4 ساعات فقط ولكنها عن 4 اشهر بسبب كثافة الضرب والتعذيب، والجدير بالذكر هنا ان 90% ممن يخدم ويشبح في هذا الفرع هم (شوايا)، تعرضت للضرب فيه بكبل كهربائي بما يقارب الـ 30 جلدة، ادى ذلك لخروج الدم من ظهري، وفتح جروح عميقة.

وبعد مضي 4 ساعات في “البالونة” حوّلت الى دمشق في نفس اليوم، اي من حماة الى حمص وصولاَ إلى دمشق. هناك أخذوني إلى أحد أسوأ افرع الاعتقال بدمشق، الفرع الـ 215 سرية مداهمة التابعة لفرع الأمن العسكري بالعاصمة. دخلت للفرع وتفاجأت كثيرا لوساخته وكثرة المعتقلين به وانتشار الروائح والأمراض به، كان معدل الوفيات في هذا الفرع من 15 الى 30 جثة يوميا تخرج منه اما بسبب المرض او قلة الأكل أو التعذيب.

كنت انام واشرب وآكل على بلاطة واحدة فقط، جلست عليها لمدة 20 يوما وانام ايضا عليها وانا جالس، تم استعائي الى التحقيق بعد مضي 7 أيام على وجودي في الفرع وقد حاول المحقق ان يدعني اعترف بأني من جبهة النصرة، وأني عملت معهم اثناء الثورة، وقد ضربت بما يقارب الـ 10 عصي، بعصا خشبية قطرها حوالي 5 سم، والحمد لله ايضا لم اعترف بهذه التهمة، وبقيت على اعترافاتي القديمة التي اخذت مني في مدينة حماة.

ثم تركت لمدة 13 يوما، اي عندما اكملت ال 20 يوما في هذا الفرع، وتم تحويلي بعد ذلك الى النيابة العامة بدمشق، وهناك حولتني النيابة الى محكمة الارهاب في دمشق، ومن المعروف انه يجب على السجين ان ينتظر ما يقارب الشهران على الأقل ليأتي دوره في هذه المحكمة، ثم تم نقلي الى الشرطة العسكرية في القابون كسجن ايداع، وبعد مضي يومان لي هناك، تم تحويلي الى سجن عدرا المركزي بريف دمشق.

لم يقبلني سجن عدرا لعدم اكمالي الـ 18 من عمري، فتمت اعادتي إلى النيابة العامة بدمشق، وحولتني بدورها الى المحامي العام بالعاصمة، أي القصر العدلي. أيضا جلست في القابون كإيداع لي قبل المحكمة، وايداع القصر العدلي 5 أيام كحد اقصى، لكن هنا حدث ما لم يكن بالحسبان، فعندما حولت الى محكمة الارهاب اول مرة كانت قد حولت اضبارتي ايضا معي وحدث انه ضاعت اضبارتي هناك، فجلست بالقابون شهرين ونصف الشهر، اتنقل بين مهاجعه واتعرض للضرب أسبوعيا، كما تعرضت للكثير من الأمراض هناك (أمراض جلدية- الرمد-التهاب عقد لمفاوية)..

لكن في النهاية والحمد لله وبتاريخ 6-8-2013 وبعد ان قاموا خلال الشهرين والنصف بالعثور على اضبارتي وارسال برقية الى المحكمة اني قديم في القابون، تم تحويلي الى المحكمة في دمشق وعرضت على قاضي التحقيق الثامن، ومن هناك خرجت بحكم البراءة.

قــصـة مـعـتـقـل.. تفاصيل مؤلمة يرويها أصغر إعلامي سوري شهيد

الشهيد معاذ العمر بعد خروجة بساعة من المعتقل