أخبار الآن | دمشق –  سوريا (نور حمزة):

هذا كان حال غالبية السوريين على الأقل قبل بداية الثورة السورية. ويرى كثير من المهتمين أن أهمية الثورة كانت في تحريض على رفض القمع وبالتالي خلق نمط جديد من مواطن سوري قادر على قول “لا” في الوقت الذي يريده.

  • مسارات الرفض

هكذا، سارت الثورة في شهورها الأولى، رافضة الرضوخ لسياسات التدجين الممارسة على الشعب في الجانب السياسي والاجتماعي والاقتصادي. ولأن الثورة قد أجبرت على اتخاذ مسار العسكرة في مرحلة لاحقة، بسبب عنف النظام واستخدامه القمع المفرط، فقد حاول الكثير من الناشطين اطلاق حملات تعود بالحراك السلمي إلى سياقه الأولي، دون أن يتعارض بالضرورة مع الثورة المسلحة.

وفي هذا يرى الناشط المدني “ح.م” في مدينة دمشق أن: (وجود حملات داعمة لحقوق المعتقلين والشهداء والنساء هي من صلب العمل المدني والحراك السلمي، ولا يتعارض ذلك مع العمل المسلح الذي تتطلبه ظروف المرحلة، لكن على كل سوري أن يحاول توضيح موقفه بالوسائل التي يراها مناسبة).

  •  حملات متعددة.. حملة “لا”

ضمن هذا الإطار قامت عدة حملات مختلفة، كان من بينها حملة “لست مجرد رقم” وحملات تعتمد “الهاشتاغ” وسيلة لتوحيد مواقف السوريين المختلفة تجاه القضايا الساخنة. وقد كان آخر هذه الحملات هي حملة “لا”. وفي هذه الحملة يقول القائمين ما يلي: (لأنو من اكتر الايجابيات اللي أنتجتا الثورة السورية هي إنها علمتنا نقول “لأ” بدون ما نخاف من شي؛ وهيك بلشت الحملة بعيون مخباية وايد مربوطة عم تقول لأ.. لأنو بعد 3 سنوات ثورة وأكتر من سنتين عمل على حملة لأ، بترجع الثورة بتعلمنا انو “لأ” صار لازم تكون أوضح وكل إنسان يرجع يكتشف دافعو الشخصي الداخلي، يرجع يكتشف اللي كان رافضو من الأساس، ويقول لأ هالمرة وبعيون مفتّحة، شارك اليوم بصورتك، بصوتك “نص قصير”، وقول لأ وخلي صوتنا بصوتك يعلى).

تطورت الحملة إذن من قول “لا” بشكل خفي إلى قول “لا” بصورة وكلمة واسم حقيقي، وهي حملة تسعى إلى كسر حاجز الخوف، لاسيما وأن “لا” هي رافضة لكل أشكال القمع والاستغلال التي تطال شرائح المجتمع السوري كافة، وتنسحب بذات الوقت على كافة المتجمعات الطامحة إلى رفض الاحتواء من قبل سلطاتها.

يشارك في الحملة الكثير من الناشطين المعروفين وغير المعروفين، بل إنها اجتذبت مثقفين وفنانين شاركوا فيها ولازالوا يشاركون مثل الشاعر السوري في الجولان المحتل “ياسر خنجر” الممثلة الفرنسية “زوي غوشيه” التي تضع صورتها وتكتب نصا يعبر عن رفضها بالتالي: (عيناي هي العراء، ولا لوم يقع سوى على التزامي السياسي وحده، كل ما كنت أراه وأؤمن به كان نتاجاً لِلإعلام.. أما الآن، فإني أرى بوضوح.. عيناي اتسعتا للأفق.. الآن قررت الانطلاق بطريق الرفض.. قررت أن أقول لا).

  • نشطاء الداخل والمشاركة في الحملة

تبدو مشاركة الناشطين السوريين المتواجدين في سورية صعبة المنال، وذلك بسبب طبيعة الحملة الموجهة للحراك السلمي ضد النظام، وهو ما يكبح أية محاولة في هذا الصدد، وعن إمكانية مشاركة الناشطين في الداخل السوري بحملة مثل هذه، تقول الناشطة “د.ك”: (لدينا رغبة كبيرة في ذلك، صحيح أن الخوف من الاعتقال بات مرعبا أكثر من السابق لنتائجه المؤلمة، لكننا نفكر في المغامرة في ذلك).

وإلى حين ينتهي القهر المرافق للناشط في الداخل السوري؛ والكابح له في إيصال صوته بشكل صريح، تبقى هذه الحملات لها دور تحفيزي مهم في أن الثورة السورية بوجوهها المتعددة لا تزال على نبض الشرارة الأولى، وتساهم بشكل فعال في نقل روح الرفض إلى المحافل العالمية.