عرسال، لبنان، 29 نوفمبر، (مالك أبو خير، أخبار الآن)

يكفي ان ينظر اليك سائق سيارة الاجرة، ويجد أنك تتحدث باللهجة السورية وتطلب النزول في منطقة قريبة من مفرق بلدة عرسال اللبنانية، حتى يلتفت الى الخلف ويقول لك :” أعطني ارواقك الثبوتية وماذا تحمل في حقيبتك” رغم انه لا يحق له المطالبة بمثل هذه الاوراق لكونه لا يحمل اي صفة امنية، لكن هناك من اعطى لهذا السائق كاملة الصلاحيات التي لاتدخل ضمن الصلاحيات التابعة للدولة اللبنانية.

الخطوة التي تلي ابراز الأوراق الشخصية هي أن يدوس السائق على ( دعسة البانزين ) ويسرع بك نحو اول نقطة أمنية لحزب الله ويقوم بتسليمك إليها قاطعاً كل حواجز الجيش اللبناني، وحين تقول لعناصر الحاجز أن هذا الرجل يقوم بأخذي الى مكان اجهله يكون الجواب:” انت ذاهب الى اللجنة الامنية للحزب لا عليك”.

ويبتسم الجندي اليك ابتسامة عريضة لكي يزرع الاطمئنان في قلبك وكأنك ذاهب إلى الجنة وأنت لا تعلم، يتم اختطافك رغم أن توفر كل الأوراق النظامية لديك، ومن ثم تقطع كل الحواجز التابعة للجيش وتمر مرور الكرام دون أن يتفوه الجيش بأي كلمة، وعندما تقول له من أنت يقول لك السائق :” انا أقوم بحماية الأمن والأمان وهذا إجراء روتيني” لا تعلم قد تعود او لا من وراء هذا الإجراء.

أما الحديث بعد أن تصل الى تلك النقطة الامنية فلا يعلمه سوى الله، فهناك من خرج واكد انه بالفعل هو مجرد اجراء روتيني للتأكد انك ليس مع الثورة السورية ولا تساعد الثوار والجيش الحر، وهناك من ذهب ولم يعد حتى اليوم، في حين ان هناك من استطاع النزول من السيارة الأمنية المغلفة بعبارة ( سيرفيس ) وكان له قصص من الممكن أن تكون عبرة لمن يصعد على هذا الخط.

” مازن ” اسم مستعار لشخص من مدينة حمص، اثناء قدومه من منطقة شتورة نحو عرسال صادفه حظه بسائق صاحب (دعسة البانزين)، وبعد معرفته بأنه من حمص بدأت الرحلة حيث يقول:” اخذ مني كافة اوراقي الشخصية ومن ثم اسرع بالسيارة رافضاً انزال اي راكب، وعند كل سؤال لي اين أنا ذاهب يقول لي لا عليك الى اللجنة الامنية للحزب، ولم يتوقف حتى صرخ احد الركاب وكان لبناني الجنسية به طالباً منه الوقوف مهدداً بحدوث اشكال بينهما، ومن ثم قام الراكب باجباره على اعطائي اوراقي الشخصية وحقيبتي ولم يتعرض السائق على الامر لكوني عرفت فيما بعد ان الراكب اللبناني كان ضمن منطقته التي لا يستطيع السائق افتعال مشكلة بها، وقد اضطر الى إطلاق سراحي مرغماً”.

معظم السائقين على هذا الخط هم من رجال حزب الله، الذين يعتبرون أن حمايتهم لكل القرى الواقعة على طول الخط والتابعة لحزب الله هو واجب قومي وجهادي لابد من القيام به، فأثناء ذهابي الى عرسال وخلال صعودي في السيارة الى جانب السائق الذي تبين أنه من جماعة (دعسة البنزين) تحدثت معه عن سبب قيامهم بهذه التصرفات، وخصوصاً أنني كنت أيضاً أحد زوارهم في السابق حيث قام السائق بنفس ( الدعسة الحقيرة ) التي أوصلتني الى احدى نقاط حزب الله وكان التحقيق معي طويلاً ومرهقاً.

السائق الذي تحدثت معه “من وجهة نظره” يعتبر أن ليس كل السوريين يحترمون اقامتهم في لبنان فالكثير منهم على حد قوله هم خلايا ارهابية تقوم على نقل الجرحى والمساعدات وأحياناً السلاح الى الجيش الحر المتمركز في بلدة عرسال، وقد أكد في بعض المرات قد استطاع احد زملائه إلقاء القبض على شخص تبين أنه في عصابة كانت تسعى الى تفجير في احدى القرى التابعة للحزب كنفس التفجير الذي حدث أمام السفارة الايرانية.

 لكن ما يؤلم بالامر، ان معظم السوريين النازحين الى عرسال، هم بلا اوراق شخصية واعتمادهم الوحيد مقتصر على ورقة الامم المتحدة، وبالتالي صعودهم ونزولهم من هذه البلدة بات محفوفاً بالخطر اذا ما صعدوا بنفس السيارة اللئيمة، وهنا يطرح سؤال نفسه “من هو المسؤول عن امن لبنان ( حزب الله … أم الامن اللبناني ) ولحين تقديم الاجابة يبقى المئات من السوريين عرضة للوضع في شباك ( دعسة البنزين ) التي قد قد توصله الى النقطة الأمنية أو يساعده حظه الجيد على الإفلات منها.