زملكا، ريف دمشق، سوريا، (محمد صلاح الدين، أخبار الآن) – لم تكن ولاء ذات الواحد وعشرين ربيعاً تتخيل أنها ستقضي العيد بعيداً عن أمّها وأبيها ومنزلها في دمشق.. لقد اختارت أن تكون في خدمة جرحى القصف الذي لا يعرف الإجازة ولا يفرق بين الأيام ولا يقيم وزناً لحرمة العيد.. منذ أكثر من عام تخلّت ولاء عن جامعتها وهي طالبة بكليّة الآداب قسم اللغة الانكليزية في جامعة دمشق وقد وصلت الى السنة الثالثة من دراستها لتنضمّ الى ضرورة أساسية من ضرورات الثورة السورية، فبعد أن كانت ولاء ممن يكتبون لافتات المظاهرات وينظمون مكان وتوقيت خروجها برفقة عدد من زميلاتها الناشطات، خضعت ولاء وشقيقتها الكبرى أم ايهم التي تكبرها بعامين لدورة طبابة وتمريض على يد عدد من الطبيبات والممرضات في حي جوبر الدمشقي قبل أن تكونا ضمن الطاقم التطوعي للهلال الأحمر.. ومع سوء الوضع في الغوطة الشرقية والمعاناة الناتجة عن نقص الطواقم الطبية فيها وازدياد عدد الجرحى انتقلت ولاء وأم أيهم الى مدينة زملكا في الغوطة الشرقية قبل عشرة أشهر.. ولدى سؤالي لهما عن السبب الذي دفعهما إلى الانضمام للثورة قالت أم أيهم إن معاناتها مع نظام الأسد كانت قبل الثورة بسنوات عبر تعقيدات وظيفية وقضائية وظلم نال منها بعدما انحاز قضاء النظام للفاسدين لذلك لم تتردد للحظة بأن تكون من ضمن الثورة لا أن تكون معها فقط .. أمّأ ولاء فقالت أن مشاركة المرأة أمر ضروري لنجاح أي حراك سياسي أو ثوري أو اجتماعي لذلك قررت أن تكون عنصراً فاعلاً في هذه الثورة منذ انطلاقتها.. “ امرأة تجاوزت الستين من العمر جاءت الينا وقد بترت أصابع قدمها وسكنت مئات الشظايا تحت جلدها لتعيش آلاما شديدة مع تنظيف وتضميد كلّ جرح لا يمكن أن تغادر مخيلتي”، هكذا أجابت أم أيهم عندما سألتها عن موقف مؤثر عاشته خلال عملها ضمن الكادر الطبي.. أما ولاء فقالت أنها تتجنب تسليم نتائج التحليل للشخص المريض الذي تكون نتائجه غير مطمئنة حتى لا ترى في عينيه ألماً تعجز عن مداواته.. نموذج آخر للمرأة السورية الفاعلة في ثورة الحرية والكرامة يتمثل في علا التي تبلغ من العمر 22 عاما والتي تركت مدينتها ادلب وانضمت إلى صفوف الثورة في الغوطة الشرقية قبل أكثر من عام لتقضي ما كتب الله لها وأوجب عليها من خدمة بلدها وأهلها.. علا متخرجة من معهد إدارة الأعمال تفرغت للعمل الطبي بعد عدة دورات طبية خضعت لها في الغوطة الشرقية تعتب كثيرا على الأطباء والممرضين الاختصاصين الذين تركوا سوريا تنزف دون ان يحاولوا تضميد جراحها معتبرة هروبهم خيانة للوطن .. قالت علا إنّ حالات الوفاة التي حدثت أمامها حينما تعرض المقاتلون في زملكا لقصف كيماوي دون ان تستطيع أن تحرك ساكنا وبقيت تراقب خروج الروح من أجسادهم مشهد لا يزال يؤلمها دون ان تتمكن من نسيانه.