في الرقة.. أم تلتقي بابنتها بعد فراق دام ثمانية سنوات

  • العوائل العائدة من مخيم الهول تم توجيهها صوب مناطقهم
  • الدفعة الجديدة ضمت 92 عائلة سورية وصلت الى الرقة مساء يوم الأربعاء 
 
يستمر مخيم الهول، الواقع في الشمال الشرقي من سوريا بريف الحسكة والتي لا تبعد كثيراً عن الحدود العراقية، بإعادة عوائل سورية يشتبه ارتباطهم بتنظيم داعش صوب مناطقهم واريافها مجدداً.
يأتي قرار المخيم والإدارة الذاتية هذه إلى تخفيف أعباء المخيم الامنية والخدمية والتي يتجاوز عدد قاطنيها الستين الفاً، من ضمنها مهاجرات في تنظيم داعش.
خروج العوائل من مخيم الهول

خروج العوائل من مخيم الهول

 
من جهة أخرى لم يسلم المخيم بعد من حالات القتل والاستهداف على الرغم من انه شهد حملات امنية وتمشيط في العام المنصرم. حيث قتل مجهولون، يعتقد بأنهم خلايا تنظيم داعش، لاجئتين عراقيتين في حادثتين منفصلتين بالمخيم.
و تم ايجاد الفتاتين في منطقتين مختلفتين داخل المخيم إحداهن مقتولة بطلقات نارية بعد أن تم رجمها بالحجارة.
 
الدفعة الجديدة والتي ضمت ٩٢ عائلة سورية وصلت الى الرقة مساء يوم الاربعاء، وتعد هذه الدفعة هي الثامنة عشر بعد مبادرة من مجلس سوريا الديمقراطية ومجلس العشائر بإفراغ العوائل السورية الراغبة بالخروج من المخيم. وضمت هذه الدفعة ٣٢٤ شخصاً من ضمنها نساء مهددات بالقتل.
وبلغ عدد العوائل الخارجة حتى الآن ما يقارب 1100 عائلة تضم نحو 4500 شخص.
 

خوف ورغبة في الخروج

مشاعر عديدة تختلج الخارجين من المخيم عبر هذه الرحلات كالشعور بالراحة والخوف أيضا. فبمجرد أن يلاحظ مراجعتك لأي قسم من ادارة المخيم، تكون اولى الرسائل من خلايا التنظيم هي التهديد بالقتل. عمليات الترحيل هذه تتم من خلال تدوين الراغبين في المغادرة لبياناتهم لدى المكاتب المعنية، حيث تكون على تواصل مع المجالس المحلية والعشائر داخل الرقة للتفقد والتأكد من صحة هوياتهم.
 
قد تكون آخر رحلة ينتقلون بها من منطقة لأخرى ولكنها ليست سهلة ايضاً، فمشوار المئتين والثلاثين كم يقطع في أكثر من ثماني ساعات وفي طرقٍ غير معبدة وسط مخاوفٍ من استهدافها ايضاً، حيث لا تخلو ارياف دير الزور من هجمات خلايا تنظيم داعش بين الفينة والاخرى، وتضطر حينها قوات من الامن الداخلي الى تأمينها جيداً واستخدام طرق آمنة، مما يجعل وصول القافلة في اوقات متأخرة من الليل الى وسط مدينة الرقة.
 

مدينة مختلفة.. خرجنا في الحرب وها نحن نعود إليها

 
لم تتوقع العوائل رؤية المدينة بهذا الشكل، فما تعلق في أذهانهم من السنوات الماضية كانت مدينة لقبت بمدينة الأشباح، حيث كانت أغلب طرقاتها غير سالكة بسبب كثرة الألغام و ركام الدمار، ولم تكن أجواء المدينة تخلو من أصوات الحرب و الرصاص والانفجارات المتتالية. ففي منطقة لم تكن بعيدة عن موقع مجلس الرقة المدني وهي بناء تتمركز بالقرب من نهر الفرات حيث يدار فيه الرقة وريفها من معاملات وقرارات وغيرها. انتظرت فيه عوائل واقارب الأشخاص الخارجين من المخيم وسط رتلٍ ضم اكثر من ٥٠ شاحنةٍ متوسطة الحجم،تحتوي بعضها على العفش والمستلزمات من المخيم.
 

 “شو ذنب النساء.. إذا الكلاب اخذوهن”

 
هكذا عبر رجل ستيني ذو لحية طويلة وهو متكئ على عكازته، ليكمل حديثه قائلا، انا عمري الآن ٣٠٠ سنة من القهر والتعب والوحدة.. لم يبقى لي أحد سوى هذه العكازة. الرجل كان يحاول إيجاد زوجة ابنه بعد سماعه بخروجها من مخيم الهول ووصولها الى الرقة ضمن هذا الرتل.
المواطن محمد شكري بصدد انتظار عائلته

المواطن محمد شكري بصدد انتظار عائلته

خطوات نهائية !

 
تتجمع في المجلس العوائل القادمة من المخيم وبحضور شيوخ واداريين وجهات امنية لإنهاء ما تبقى من إجراءات اندماجهم وعودتهم إلى المجتمع، فيبدأ بإجراء الفحوصات الطبية وتدوين البيانات والتقاط صور لهن ليحصلن في النهاية على بطاقاتهم الشخصية وورقة كفالة الشيخ من العشيرة التابعة لها.
 
“ما تخافون إلا من الله” هذا ما ابتدأ به هويدي الشلاش حديثه، أحد شيوخ الرقة، هو الآخر الذي أخذ كفالة معظم خارجي تلك الرحلة. واضاف،” انتم تحت كفالتنا الآن.. نحن كفلناكم ومسؤولين عنكم” 

توقعتها ميتة بعد ثمانية سنوات !

 
اثناء تجول مراسل أخبار الآن بين تلك العوائل، اخذت فتاة بالحديث قائلاً، “الحمد الله رجعنا وخلصنا من الظلم”. باسمة وهي الاخرى التي كانت مهددة بالقتل في مخيم الهول لتسارع سلطات المخيم بإخراجها وإعادتها إلى أقاربها. واضافت، “انا عيلتي عم تنطرني بمكان ما.. ممكن روح شوفهن.. انا ما عاد بطلع من الرقة لو شو ما صار.. حقضي كل حياتي مع اهلي”.
والدة باسمة وهي إحدى العائدات من مخيم الهول

والدة باسمة وهي إحدى العائدات من مخيم الهول

فيما كانت باسمة وطفليها منشغلين لإكمال إجراءاتهم داخل المجلس تمكن كاميرا اخبار الآن من إيجاد والدتها في مكان يبعد عن ذلك الموقع لعدم تمكنهم من الاقتراب بسبب عملية سير الإجراءات. والدتها والتي اعتقدت أن ابنتها ماتت بقصف طيران في ريف دير الزور، لتكتشف بعد ذلك بأنها حية وضمن هذا الرتل.
“ما بعرف كيف صارت بنتي هلا.. ما شفتها وهي من كانت بعمر ال ١٣.. يقولون انها كبرانة.. ما بعرف.. ما بصدق كيف حشوفها” كانت هذه كلمات والدة باسمة.