روسيا بعد سجن نافالني

بعد أن حكم على المعارض الروسي أليكس نفالني بالسجن، توقع خبراء روس أن ما سيأتي بعد ذلك سيعتمد على الأرجح على زخم الاحتجاجات الداعمة للمعارض الروسي ، وما إذا قررت الدول الغربية تصعيد عقوباتها تجاه موسكو،  دون أن يتم إغفال الكيفية التي سيستجيب بها الكرملين للاضطرابات المتزايدة في البلاد.

وحُكم على نافالني الذي يعتبر أحد أبرز منتقدي بوتين، بالسجن ثلاث سنوات ونصف يوم الثلاثاء الماضي بتهمة انتهاك الإفراج المشروط، وهي تهم قال فريقه القانوني إنها ملفقة وذات دوافع سياسية.

وقال القاضي، إن العام الذي أمضاه نافالني بالفعل قيد الإقامة الجبرية (حوالي 10 أشهر) سيتم احتسابها من فترة سجنه. وقال فريق دفاع نافالني إنه سيستأنف حكم المحكمة.

وتصاعدت وتيرة الاحتجاجات في روسيا بعد صدور الحكم على نافالني بعد عودته إلى روسيا من ألمانيا، حيث عولج من تسمم بغاز الأعصاب يرجح الكثيرون أنها من تدبير المخابرات الروسية.

وتمت إدانة الحكم على نطاق واسع من قبل الحكومات الغربية، لكن الولايات المتحدة وأوروبا لم تصل إلى حد التهديد بفرض مزيد من العقوبات على روسيا في الوقت الحالي، حيث دعا كلاهما إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن نافالني.

روسيا.. مزيد من العقوبات

ألمح السناتور الأمريكي “ميت رومني”، في تغريدة إلى أنه قد يتم فرض المزيد من العقوبات على روسيا ، التي تعمل بالفعل في ظل قيود غربية بسبب ضم شبه جزيرة القرم في عام 2014 من أوكرانيا، والتدخل في الانتخابات الأمريكية عام 2016.

ووفق شبكة “سي أن بي سي” الإخبارية، توقع “تيموثي آش”، كبير محللي الأسواق الناشئة أن المزيد من العقوبات قادمة، وكتب في رسالة عبر البريد الإلكتورني: “قد لا نرى هذا الإجراء قريباً، فقد يستغرق أسابيع أو بضعة أشهر، لكنني أعتقد أنه عندما يأتي، سنندهش من نطاقه”.

وأضاف: “يجب صد حملة بوتين الهجومية ضد ديمقراطيات السوق الليبرالية الغربية.”

روسيا - تصاعد الاحتجاجات

تصاعد الاحتجاجات في روسيا بعد سجن نافالني – رويترز

روسيا.. تصاعد الاحتجاجات

في حين أن نطاق ومدى رد فعل الغرب ضد روسيا لا يزال غير واضح، فقد يكون لهذا أيضًا تأثير غير مباشر على زخم الاحتجاجات المؤيدة لنافالني في روسيا.

وقال المتحدث باسم الكرملين “ديمتري بيسكوف”، إن الشرطة لها ما يبررها في استخدام أساليب قاسية لفض الاحتجاجات من قبل أنصار نافالني الذين تجمعوا خارج المحكمة في موسكو حيث عقدت جلسة الاستماع.

وقال بيسكوف أيضا، إن الدعوات التي وجهها حلفاء نافالني للروس للنزول إلى الشوارع بعد سجنه يوم الثلاثاء الماضي كانت استفزازا. وتم اعتقال أكثر من 1400 من أنصار نافالني في 10 مدن  وفقًا لمجموعة المراقبة OVD-Info.

وأدانت الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا العنف ضد المحتجين في روسيا ودعت إلى الإفراج الفوري عن نافالني، في حين رفضت روسيا هذا الانتقاد، ودافعت عن رد الشرطة على الاحتجاجات واتهمت الدول الغربية بازدواجية المعايير.

ونقلت وكالة “تاس” للأنباء عن وزير الخارجية الروسي “سيرغي لافروف” قوله، في مؤتمر صحفي يوم الأربعاء الماضي: “فيما يتعلق بالأحداث في روسيا، وليس فقط مع نافالني، فإن تغطية الغرب انتقائية ومنحازة”. وأضاف: “تلك الهستيريا  التي سمعناها بشأن المحاكمة في قضية نافالني، قد تجاوزت الحد الأقصى”.

في غضون ذلك، اعتبر  “داراج ماكدويل” محلل الشؤون الروسية في شركة تحليل المخاطر Verisk Maplecroft، إن الحكم الصادر ضد نافالني وسجنه سيشكل “ضربة قوية للمعارضة التي فقدت أحد أكثر منظميها فعالية”.

وأشار إلى أن الحركة قد تراجعت أكثر، حيث تم اعتقال أعضاء آخرين في منظمة نافالني الوطنية.

وتابع: “السؤال الرئيسي هو ما إذا كانت الموجة الحالية من الاحتجاجات التي أطلقها اعتقال نافالني قد وصلت إلى نقطة تكون فيها مكتفية ذاتيا وستستمر حتى مع إبعاده هو وفريقه من الميدان. من المؤكد أن قرار سجنه من المرجح أن يؤدي على الأقل إلى تصعيد قصير المدى في احتجاجات الشوارع، مصحوبة بزيادة مقابلة في الاعتقالات ووحشية في التعامل من قبل الشرطة”.

روسيا - سجن نافالني

قوات من الأمن الروسية تتصدى للمحتجين – رويترز

استياء من الطبقة الحاكمة الروسية

ووفق شبكة “سي أن بي سي”، حذر خبراء من أن أكثر ما يثير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، هو أن الاحتجاجات التي شوهدت حتى الآن تعكس أيضًا استياء الجمهور من الطبقة الحاكمة في روسيا، والفساد والحكم المستبد وتدهور مستويات المعيشة.

وقال “ماكدويل” إن “نقطة القلق الرئيسية بالنسبة للكرملين ليس في أن مصدر الاحتجاجات اعتقال نافالني فحسب، بل بسبب الركود الاجتماعي والاقتصادي طويل الأمد.. المتظاهرون ليسوا مدفوعين ببرنامج نافالني السياسي بقدر ما هو شعور عام بأنها سئمت من الوضع الراهن “.

من جانبه، حذر “كريستوفر جرانفيل”، المدير الإداري لأوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في مركز أبحاث السياسية العالمية في TS Lombard من تفاقم الشعور بالنقمة ضد الحكم في روسيا، وقال: “السبب الجذري للاضطراب السياسي الحالي في روسيا هو دخول حكم فلاديمير بوتين الطويل مرحلته النهائية. وبعيدًا عن إزالة الشكوك حتى على حساب الاضطرابات قصيرة المدى الأكثر حدة، فمن المرجح الآن أن تستمر حالة النقمة ولو لسنوات قادمة”.

وأضاف، أن نظرته المحبطة لروسيا، والتي كانت سلبية أيضًا بالنسبة لآفاق النمو الاقتصادي في البلاد وتقييمات الأصول، “تنبع من التحدي الرئيسي الذي تواجهه مؤسسة بوتين الحاكمة فيما يتعلق بقضية نافالني والاحتجاجات”.